للحرب منطق شرس.. عشوائي.. أعمى.. مهما حاول الساسة المحنكون وضعها ضمن إطار العقلنة والموضوعية..! فلم يذكر التاريخ لنا أبداً أن ثمة حرباً ارستقراطية غنوجاً.. مرسومة.. مهذبة.. مؤدبة تأتي لتضرب الأشرار والمستبدين وتدمِّر منازلهم وأوكارهم وتمسح بيدٍ حانية على رؤوس الأبرياء الطيبين جميعاً وتخص بنظرة أمان دافئة فئات أخرى هم الشيوخ والنساء والأطفال المعوقون والأيتام والمرضى والمقعدون الذين لا حول لهم ولا قوة. أولئك الذين لا شأن لهم بتلك الحرب ولا يهمهم من المهزوم ومن المنتصر ومن هو أعلى ومن هو أدنى؟! ما يهمهم فقط هو أن يعيشوا بسلام ويربوا أطفالهم ليواجهوا مستقبلهم، إلا أن هذه الحرب تكتسح أحلامهم وأمانيهم.. تأتي لتوقظهم من أحلامهم البسيطة جداً ولتصرخ في وجوههم وتبث الرعب في أجوائهم ليقفوا بكل ما بهم من خوف وذعر بانتظار ذلك المصير المجهول الذي سيحل بهم! أبداً لم يكن للحرب يوماً ذلك المنطق الإنساني المهذب مهما بلغ أصحابها من العدالة ومن الإيمان بالمبادئ والقيم. ولنا في الحرب على أفغانستان خير دليل، فهي على رأس قائمة الأخبار اليومية التي تبثها قنوات العالم الفضائية.. يكفي أن نتأمل تلك المشاهد المؤلمة للمصابين وأسرهم وللاجئين الفارين من النساء والأطفال والشيوخ، ومن ثم تلك الصور الأكثر وجعاً للراكضين خلف الإعانات الغذائية التي تقذفها الولاياتالمتحدةالأمريكية من الطائرات إليهم. يكفي أن نتأمل أولئك الأطفال الصغار وقد أذهلت الفجيعة والدهم وها هو يبحث بحرقة عمن ما زال على قيد الحياة منهم! ومشهد آخر لأطفال صغار حول المخيّم كزهرات غضة عصفت بها رياح البرد والجوع والصقيع وتركتهم هكذا بنظرات ذاهلة حائرة تتأمل مستقبلاً مجهولاً معتماً! email:[email protected] ص. ب 61905 الرمز البريدي 11575