الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، ومنذ أكثر من 35 عاماً ووزير الداخلية يقود أمن البلاد واستقراره، عبر موقعه على رأس الوزارة (الساهرة)، كما أطلقت عليها إحدى اللوحات التشكيلية التي علقت على جدرانها من الداخل. ولعل الأحداث الإرهابية التي ضربت السعودية منذ العام 2003 كانت أحد أبرز الأحداث الحاضرة في الذهن، والتي تصدت لها وزارته بحزم وإستراتيجية حققت نجاحاً كبيراً. بل إن التعامل السعودي مع الإرهاب ودحره وتفكيكه دعا الأممالمتحدة ودول غربية مراراً إلى البحث في الاستفادة من التجربة، فالسعودية هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي فككت بالفعل شبكات محلية لتنظيم القاعدة الإرهابي وخلاياه الضالة، فيما تسير محاكماتهم ومحاكمات المتورطين بشكل منظم. من جانب آخر وفي أهم تجمع بشري وموسم إسلامي سنوي، حيث فريضة الحج التي تتجه إليها أنظار العالم صوب المشاعر المقدسة، يعتبر الأمير نايف عمود خيمة الحج، برئاسته للجنة الحج العليا، التي تشرف وتتابع وتنفذ أكبر عملية تفويج واستضافة معقدة لملايين من الناس تتجمع في زمن ومكان محددين، لكنها في كل عام تحقق نجاحاً إضافياً ملفتاً. والأمير نايف مسؤول يستمع بتمعن، ويعرف كل من تعامل معه من الإعلاميين أنه لا يوجد سؤال صعب لا يمكن طرحه، فهو رجل يجيب على كل اتصال من الصحافيين واستفساراتهم، رغم أن وزارته نجحت نجاحاً كبيراً في استحداث المتحدث الرسمي للداخلية، وسط حضور وتفاعل إعلامي واضح. وسمو الأمير نايف رجل صريح ومباشر في تعامله مع وسائل الإعلام، يجيب عن الأسئلة، ويحرص على شرح الخلفيات حتى لو لم تكن للنشر، حيث يقول (أريدك أن تسمعها مني أفضل من أن تسمع الشائعات). كما أن الأمير نايف صاحب علاقة وطيدة بالإعلام عبر ترؤسه لسنوات مضت للمجلس الأعلى للإعلام، وعلاقته الخاصة بقيادات إعلامية عربية ومحلية على كافة المستويات. وحين عينه خادم الحرمين الملك عبدالله بن عبدالعزيز نائباً ثانياً لرئيس الوزراء عام 2009، مع سفر الراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز خارج البلاد للعلاج، كان الطبيعي أن يكون هو المرشح لشغل منصب ولي العهد وفق التسلسل المعروف. حيث أشرف الأمير نايف على إدارة شؤون البلاد في غياب الملك عبدالله، لإجراء عملية جراحية وخلال فترة نقاهته، إضافة إلى ترؤسه لمجلس الوزراء في جلسة سابقة. لذا فإن أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود أمس الجمعة أمراً ملكياً أعلن فيه تعيين الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود ولياً للعهد، خلفاً للراحل الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - كان أمراً تلقائياً لرجل دولة قوي وعملي، عين في موقع مناسب. ويظهر استقرار الوضع السياسي للمملكة بشكل واثق. التعيين الذي أشارت إليه وتوقعته تحليلات غربية وإعلامية مطلعة على تفاصيل الشأن السعودي، خلال المرحلة السابقة، وإلى ما قبيل التعيين. فقد نشرت وكالة رويترز للأنباء تقريراً عن توقعات تعيينات ولي العهد، حيث ذكرت أنه يتوقع أن يسمي عاهل السعودية الملك عبد الله وزير الداخلية الأمير نايف ولياً للعهد بعد أن تنتهي يوم الخميس فترة الحداد على وفاة الأمير سلطان فيما يضفى الصفة الرسمية على انتقال سلس في أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم. وقام الأمير نايف بالفعل بإدارة الشؤون اليومية للمملكة لفترات ممتدة في السنوات الأخيرة أثناء غياب الملك عبد الله وولي العهد الأمير سلطان الذي توفي يوم السبت. متوقعة أن يقوم ولي العهد الجديد على الأرجح بدور أكثر نشاطاً على الفور.. وصفت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية الأمير نايف بن عبد العزيز قبيل تعيينه ولياً للعهد بأنه رجل يتمتع بشخصية واقعية وعملية. ونسبت الصحيفة لخبراء قولهم إن الأمير نايف، «رجل صريح له قناعاته الخاصة حول مختلف القضايا، ونزعة لاستئصال أي تهديد فعلي». ووصفه دبلوماسي غربي «بأنه شخصية واقعية محافظة على قناعة بأن الأمن والاستقرار أمران ضروريان للحفاظ على حكم آل سعود، وضمان الرخاء للمواطنين السعوديين». والحقيقة التي يعرفها السعوديون جيداً أن الأمير نايف بن عبدالعزيز تمكن خلال العقود الماضية التي عمل فيها في الإدارة المحلية للبلاد، إضافة إلى تسلم ملفات سياسية هامة ودقيقة مثل ملفات الحدود والأمن والحج والتطوير في الشؤون السياسة الخارجية والدينية والإعلامية والاقتصادية، ظل الحريص باستمرار على معادلة الرخاء والاستقرار، واستقلال القرار الداخلي. لذا فإن تعيين الأمير نايف ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء، يظهر حجم تفاؤل ضخم يتجاوز التحليل السياسي إلى النظرة الواقعية في مرحلة غير عادية في تاريخ المنطقة، لبلاد تحمل ثقلاً كبيراً ورئيسياً في العالم العربي والإسلامي، كما الحضور الدولي.