استقبل الشعب السعودي ببالغ الأسى والحزن نعي ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، من قِبل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود؛ حيث انتقل سمو ولي العهد إلى رحمة الله فجر يوم السبت الموافق 24-11-1432ه إثر مرض عانى منه - يرحمه الله -. وقد عمت برحيل سلطان الخير والعطاء موجة من الحزن، تجللها مكانة الفقيد في قلوب وعقول السعوديين والعرب والمسلمين والإنسانية جمعاء. ليس من السهل في حديث مختزل كهذا الإلمام بالدور الكبير الذي قام به الفقيد الراحل صاحب القلب الكبير والتواضع الجم سلطان بن عبدالعزيز، أو حتى الإلمام بجانب من جوانب هذا الدور. لقد كان سموه عظيماً ومدرسة في كل شأن. لقد كان رجلاً عظيماً ومنظومة من القيم والسجايا والإنسانية الجليلة وعمل الخير في كل مكان في داخل المملكة وخارجها، يسعى في خدمة الناس ومتابعة احتياجاتهم في عافيته ومرضه.. وتميز بالطيبة والنقاء اللذين لا مثيل لهما.. وقرن - رحمه الله - الأقوال بالأعمال؛ ففي كل أعمال الخير نجد الأمير المبارك سلطان حاضراً بوصفه رجل دولة وفكر وسياسة.. ولم تأخذه السياسة من إنسانيته الفريدة.. والأمير سلطان كان غالياً جداً لدى الشعب السعودي، الذي - كما قال سلطان الخير عنه - يبادل قيادته الإخلاص بالوفاء والجهد بالعمل، والحب بالدعاء. وما زلت أتذكر كلمة الأمير الجليل سلطان بمناسبة عودته إلى أرض الوطن (1430ه) بعد أن أتم سموه الرحلة العلاجية الموفقة وما تضمنته من حرص إنساني فريد بالمحتاجين والمعوزين.. التي قال فيها: «إذ أشكر كل من سأل، وكل من بادر واتصل، فإني - والله شهيد - ألمس فيض مشاعركم الصادقة، وأقدر لكم هذا الحب الذي أبادلكم بمثله، وسعادتي تتضاعف عندما أسمع أن ما تم رصده لإعلان أو احتفال أو غيره قد أُنفق لوجه الله تعالى فيما ينفع المحتاجين والمعوزين، أو ما ينفع الوطن والمواطنين على المديَيْن القريب والبعيد».. ومآثره الجليلة - رحمه الله - سيسجلها له التاريخ بمداد من ذهب. ندعو الله أن يتقبل من فقيد الأمة الغالي ما قام به من أعمال جليلة في خدمة وطنه وأمته والإسلام والمسلمين، وأن يجعل ذلك في موازين حسناته، وأن يسكنه فسيح جناته.. ولقد كان وجَّه - رحمه الله - قبل أيام باستضافة الفائزين بالمراكز الأولى في جائزة الأمير سلطان الدولية في حفظ القرآن الكريم للعسكريين في دورتها السادسة لأداء فريضة الحج لهذا العام 1432ه، وذلك جرياً على عادة سموه في تكريم حفظة كتاب الله. أرفع إلى مقام سيدي خادم الحرمين الشريفين والأسرة المالكة خالص العزاء والمواساة، وتعازينا للوطن والأمة. تغمد الله سلطان الخير بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جناته، والله نسأل أن يجعلنا ممن قال فيهم سبحانه: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ، الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ .