«أعزيكم وأعزي أنفسنا نحن المعاقين في سلطان» عبارة تلقيتها من أحد المعاقين في هذا الوطن، كان يتحدث إليَ وكله أسى وحسرة فهو محق ومن لم يحزن على سلطان، فقد كان المصاب جلل رغم الإيمان بقضاء الله وقدره، وأن الموت مصير كل حي ومقدر من الله سبحانة، لكن فقد من تحب له وقع في النفس. إنا لله وإنا إليه راجعون. عملت ولا أزال في إعلام الإعاقة من أكثر من 25 عاما، تعرفت خلالها على واقع المعاقين في هذا الوطن والعالم، ووجدت أن الأمير سلطان يرحمه الله هو النصير والحاني على المعاق في بقاع الأرض، ولعلي أستشهد بمقولة لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض عندما قال واصفا الفقيد الراحل سلطان: (إنه أحد الذين اختصهم الله بقضاء حوائج الناس لا يتوانون عن فعل الخيرات يتسابقون لمد يد العون لمن ينشده يتحسسون آلام الآخرين ويهرعون إلى تضميد جراحهم). عطايا الفقيد - رحمه الله - في كل مكان يوجد فيه معاق يصعب حصرها، إن الراحل كان الوالد الحنون على أبنائه المواطنين، وكان همّه الأول هو إدخال البسمة على هؤلاء الأبناء، لذلك لا يخلو يوم إلا وتجد خبرا في وسيلة من وسائل الإعلام يتضمن تكفل سموه بعلاج طفل معاق، أو شاب تعرض إلى حادث مروري مروع. وتكاد تكون مراكز جمعية الأطفال المعاقين المنتشرة في عدد من مناطق المملكة تجسيداً للمسيرة الإنسانية الفريدة وسجلاً لصفحات من السجايا والأعمال الطيبة. والمعاقون وأولياء أمورهم مدينون له بالشكر والعرفان بما حظيوا به من دعم معنوي ومادي كبيرين برعايته الحانية لمراكزها وخدماتها وأنشطتها وبرامجها، انطلاقا من عقيدة راسخة ومبادئ إسلامية عظيمة، حيث يبادر دائما رحمه الله بتقديم دعم مادي، يتناسب وحاجة كل معاق، ومن كلماته التي لا تنسى في حفل تسلمه جائزة جمعية الأطفال المعاقين كرائد من رواد العالم في هذا المجال بل في مقدمتهم يقول رحمه الله: «المعاق الحقيقي هو من أوجد الله عنده المال وغلب عليه الشح.. شح النفس ولم يبذل الخير للمعاقين، فهذا هو المعاق الحقيقي.. أما إعاقة المرض وكل ما يترتب على ذلك من الأمراض التي أنزلها الله سبحانه وتعالى على عباده وجعل لهم فيها عبرة وجعل من يعتني بهم وأمر بذلك، فمن الله سبحانه وتعالى على كل حال وفي كل زمان ومكان». لو تحدثت عن ما قدم سموه يرحمه الله للمعاقين في هذا الوطن خاصة والعربي عامة، لما أوفيت حقه من وصف إنجازات وخدمات إنسانية وإعتاق رقاب والسعي في متابعة علاج مريض والإسكان الخيري لو لم يقدم سموه إلا مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية لكفى وكانت صرحاً رائدا في تقديم خدمات إنسانية متميزة للمجتمع، من خلال رسالتها التي تمحورت حول مساعدة الناس ليساعدوا أنفسهم. تلك المؤسسة التي تعتبر أنموذجا حيا لتقديم خدمات إنسانية واجتماعية وثقافية من خلال مشاريع متعددة لتقديم الرعاية والتأهيل الشامل للمعاقين والمسنين وبناء دور للنقاهة والتأهيل والتمريض لتقديم خدمات متطورة طبيا وتجهيزيا بشريا، ولهذه المؤسسة الخيرية الرائدة الكثير من المشاريع منها مدينة الأمير سلطان للخدمات الإنسانية، وهي مركز طبي وتأهيلي ومن مشاريع المؤسسة الإسكان الخيري الذي شمل العديد من مناطق المملكة في الجنوب والشمال والغربية وبرنامج سلطان للاتصالات الطبية. ولا أنسى كلية الأمير سلطان للإعاقة البصرية، التي أوجدت في المنطقة الشرقية وأعلن عنها عند زيارتها للمنطقة بعد عودته يرحمه الله من رحلته العلاجية حيث تبرع يرحمه الله لها بمبلغ ستين مليون ريال. وعلى مستوى المعاق كان للفقيد الراحل بصمات ولمسات دائما يذكرني بها الإخوة الأشقاء عندما نلتقي في مناسبة للتربية الخاصة والمعاقين، برنامج سلطان بن عبد العزيز للتربية الخاصة، وهو برنامج أكاديمي متكامل أنشئ ليكون من البرامج الأكاديمية لجامعة الخليج العربي بدولة البحرين الشقيقة في إطار اتفاقية التعاون بين المؤسسة وتلك الجامعة، ويرمي البرنامج الذي تموله المؤسسة بما يعادل أربعة ملايين ونصف المليون ريال سعودي موزعة بالتساوي بين سنوات الاتفاقية الثلاث والتي مددت لثلاث سنوات أخرى إلى إعداد متخصصين في مجال التربية الخاصة ودعم برامج التربية الخاصة. كما قلت في بداية حديثي إنه يصعب حصر ما قدم للمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة، جعل الله ذلك في ميزان حسناته وله منا جميعا الدعاء بالمغفرة والرحمة. (إنا لله وإنا إليه راجعون). رئيس مجموعة إعلام الإعاقة لدول مجلس التعاون