عمت مشاعر الحزن والأسى أرجاء الوطن منذ أن أعلن الديوان الملكي نبأ وفاة فقيد الوطن والأمتين العربية والإسلامية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام – رحمه الله -، وظهرت عبرات المصاب الجلل على ملامح أبناء الشعب، كل منهم يقدم تعازيه للآخر في مشهد يعكس صدمة سماع إعلان الخبر الذي لم يكن وقعه على القلب بالسهل، وتناقلت القنوات المرئية المحلية والفضائية، وكذلك الإذاعية بيان الديوان الملكي و خصصت في برامجها استعراضا لسيرة الأمير الراحل وانجازاته الوطنية وأعماله الخيرية الجليلة، كما تسابقت مواقع الانترنت وصفحات التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وتويتر والأجهزة المحمولة بأنواعها في نشر وتداول مقاطع فيديو تعكس أبويته العطوفة والحنونة وشخصية الإنسانية النبيلة التي أدمعت العيون وحزنت عليها القلوب. وتعددت أعماله - رحمه الله - التي لا يمكن حصرها ولو بالإيجاز اهتمامه بفئات ذوي الاحتياجات الخاصة ودعمه ومد يد العون والمساعدة لهم والسعي في التخفيف من معاناتهم الشخصية إلى جانب إعاقاتهم، ومن تلك الأعمال إنشاء (مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية) وهي مؤسسة غير ربحية أنشأها وينفق عليها سموه منذ العام 1416ه (1995م) ومن أهدافها الإنسانية والاجتماعية تقديم الرعاية الاجتماعية، والصحية، والتأهيل الشامل لذوي الاحتياجات الخاصة والمسنين، ودعم الأبحاث في مجال الخدمات الإنسانية، والطبية، والعلوم التقنية، بالتعاون مع مراكز الأبحاث المرموقة في العالم، وكذلك توفير بعض متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة من الأجهزة والمعدات الطبية المساعدة، ودعم المؤتمرات والندوات المتعلقة بهم، وتسعى المؤسسة في تحقيق تلك الأهداف من خلال (مدينة سلطان بن عبدالعزيز للخدمات الإنسانية) التي تعد من أكبر مدن التأهيل الطبي في العالم، ووجود مركز لتنمية الطفل، والتدخل المبكر لمساعدة الأطفال الذين لديهم بعض الإعاقات البدنية وإعتلالات النمو، والمشاكل الصحية المعقدة، ومن أعمال الفقيد التي تعكس اهتمامه بذوي الاحتياجات الخاصة وحبه – رحمه الله – لخدمتهم أيضا دعمه بمبلغ 60 مليون ريال لإنشاء كلية الأمير سلطان بن عبدالعزيز لذوي الإعاقة البصرية في المنطقة الشرقية التي تهدف إلى توفير فرص التعلم والتدريب لذوي الإعاقة البصرية وإعدادهم وتأهيلهم لسوق العمل، ورعاية سموه كرسي مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية لذوي الاحتياجات الخاصة بجامعة الملك سعود، و برنامج الأمير سلطان بن عبدالعزيز للتربية الخاصة بجامعة الخليج العربي في مملكة البحرين لإعداد المختصين في مجال التربية الخاصة وتأهيلهم لخدمة فئات الإعاقة بأنواعها ودرجاتها، ومركز الأمير سلطان للنطق والسمع في مملكة البحرين ويهدف إلى تأهيل ذوي الإعاقات السمعية، وامتدادا لإيمانه - رحمه الله- بأهمية البحث العلمي ودوره في خدمة ذوي الاحتياجات الخاصة فقد تكفل سموه بدعم العديد من المشروعات العلمية والبحثية داخل المملكة وخارجها ومنها: دعم مشروعات أبحاث الإعاقة ومراكز المعاقين، ودعم مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة بمبلغ عشرة ملايين ريال سنوياً. لقد كان للوالد الغالي – رحمه الله – أيادي بيضاء اتجاه ذوي الاحتياجات الخاصة من دعمهم والتكفل بمصاريف علاجهم داخل حدود الوطن وخارجه من اجل إعادة الفرحة والبسمة على محياهم، لقد كان أبا عطوفا عليهم وأخا مساندا لهم، لقد ترك الفقيد الغالي منجزات عظيمة وأعمالاً جليلة لو سجلت بماء الذهب لما كفاها وأوفاها، خدم دينه ثم وطنه ومواطنيه. يبكيك يا سيدي ملوك وشعوب وقادة، وتبكيك يا سيدي أرواح أعدت الأمل لهم في الحياة والعودة في ممارسة الأعمال والمنافسة على الإبداع والانجاز، وغيرت - يا سيدي- مسارهم من أناس معاقين غير أسوياء معتمدين على الغير إلى أناس أسوياء مستقلين بذاتهم ومعتمدين بعد الله على قدراتهم وما قدر الله عليهم.