انداح الحزن عميقا واسعا ملأ كل المساحات، وتسلل عبر المسام وسيطر على مشاعر الناس في الداخل والخارج عقب إعلان وفاة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران المفتش العام رحمه الله واستقبل محبوه في كل مكان ابتداء من قيادة البلاد وشعبها وشعوب الأمة الإسلامية النبأ المحزن بمشاعر الأسى العميق، حيث كان صدى الفقد دفاقا قويا هز وجدان الناس، وتردد في مختلف الأصعدة محليا، وإقليميا، ودوليا. لقد كان سلطان الخير «رحمه الله» رجلا إنسانا بكل معنى العبارة، وشخصية عالمية بكل المقاييس، وشجرة خير وعطاء ظلت تؤتي ثمارها بلا حدود عبر عقود من الزمان زاخرة بالخير والبذل والحب الصادق لله والمليك والوطن والمواطن والمسلمين أجمعين. كان سلطان العطاء، رجلا بمعايير خاصة، ومسؤولا بصفات مميزة، وإنسانا بسمات نادرة، حمل حب الوطن في قلبه، وأخلص في ذلك من خلال بناء وتطوير وزارة الدفاع والقوات المسلحة الدرع الواقي للوطن، والحارس القوي الأمين الذي لا يلين، وكان حب الوطن في قلبه راية تسمو حتى تبلغ عنان السماء، حيث العلو والرفعة، وأدى دورا محوريا في خدمة الوطن، داخليا وإقليميا وعالميا من خلال الإسهام في تمتين علاقات المملكة بدول العالم، وكان السند والذراع الأيمن لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز حفظه الله وظل مخلصا في خدمة ربه ومليكه ووطنه، خدم الوطن بحماس يتدفق بلا نهاية، وإخلاص دائم وصادق لا تردد فيه، واهتمام جاد لا يعتريه التراخي، ولم يقتصر عطاؤه على الصعيد الداخلي، بل امتد على الصعيدين الإقليمي والدولي حتى نال لقب شخصية العام الإنسانية لعام 2005 في الاستفتاء الذي أجرته صحيفة الشرق الكويتية. لقد شهدت القوات المسلحة في ظل رعايته الكريمة رحمه الله خلال نصف قرن من الزمان قمة التطور والتأهيل البشري والتقني والتسلح والتدريب ما جعلها قوة لها وزنها في المنطقة أدت دورها ببراءة عالية وقامت بواجبها الوطني على أحسن صورة كلما دعا الأمر ذلك. أما سلطان الإنسان يرحمه الله فهو عالم آخر في دنيا البذل والعطاء، حيث كان بحرا من السخاء بلا سواحل، امتد عطاؤه بلسما للمرضى، وسدا لحاجة المحتاجين وذوي الحاجات الخاصة، وكفكف دموع اليتامي والأرامل والضعفاء، وكان والد الجميع الذي يتلمس الحاجات بيد ويمنح ويعطي باليد الأخرى، وهو رافد الجمعيات والمؤسسات الخيرية والإنسانية عطاء جزيلا، ولم ينل لقب سلطان الخير والعطاء إلا لارتباط هذه الصفة بسموه رحمه الله أين ما حل وأين ما رحل. لقد ترك رحيل سلطان الخير رحمه الله فراغا يصعب تجاوزه، لكن إنجازات سموه يرحمه الله وسيرته العطرة ستبقى محفورة في العقل، ومضيئة في ذاكرة الأجيال، ونبراس صدق لمسيرة البذل والعطاء والعمل الإنساني، ومصانة بين الأضلع والحنايا، نابضة لدى كل النفوس، رحم الله صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز وأجزل له العطاء وأنزله منزل صدق مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا، ولا حول ولا قوة إلا بالله «إنا لله وإنا إليه راجعون».