بعد التحية يعجبك في بعض الصحف والجرائد وكذلك المجلات بأنواعها أن تخصص مقالاً تتفاعل من خلاله مع القراء وتحاول أن تجيب عن تساؤلاتهم واستفساراتهم أو أن تتجاوب على الأقل - مع ملاحظاتهم وتنبيهاتهم الإيجابية والسلبية - ومن بين تلك الصحف (الجزيرة) ومن بين تلكم الشخصيات المهتمة بهذا الشأن رقية سليمان الهويريني في (المنشود) وفي العدد 14185 الصادر بتاريخ 30 شعبان 1432ه وهي تتحدث عما أعجبنا في غمار ذلك التواصل والاتصال بالقراء بعد سيل من المقالات والمداخلات والأخبار والمواقع بشتى أنواع الموضوعات والاتجاهات.. وهنا يوم القراء الثلاثون ولنستمع إلى ما تقول: قبل أكثر من سنتين ونصف بدأ (المنشود) فكرة تخصيص مقال يكتبه القراء نهاية كل شهر يعرض فيه آراءهم كما هي دون انتقاء نوعي من خلال وسائل التواصل بين الكاتب والقارئ عبر موقع الجزيرة والإيميل.. ا. ه. وكان بالود أو يذهب ولو جزء من هذا التفاعل إلى بعض الكتاب على اختلاف مشاربهم وأماكنهم حيث يستعرض القراء والمعنيون بعض ما ينشر مباشرة مع الشخصية ذات الرأي والفكرة والموضوع - لكن دونما حضور لدى الكاتب أو إشارة منه وكأنه لا يعنيه ونحن معه - الكاتب - لأنه لو حاول أن يعلق أو يرد على كل من اتصل به أو كتب عنه لتأرجحت كتاباته بين الشخصنة وذهنية المجموعة ولتأدلجت في واقعية الحدث، وربما تقزمت أمام رموز الفن وتأزمت بين الذاتية والمعطف المستحق - وكل ذلك يحصل في هذه المنطقة المترجرجة الذي يحاول فيها الكاتب أن يتصل مباشرة مع ما يعنيه مقابلاً ذلك بالرد أو التعقيب وهذا التوافق يكون أحياناً وليس دوماً، وفي الجانب الآخر في عدم الانسجام أن يخصص الكاتب بعض الردود المختصرة لما يراه مهماً في نظره وتواصلاً مع آرائه وأفكاره. فالكاتب يكتب ليقرأه الناس أو المهتمون في هذا المجال وهذا إذا كانت الكتابة في أمرها المتعدد شكلاً ومضموناً فكيف إذا كانت (تواصلاً) بالرد أو التعليق. ويكفي في ذلك ما ذكره الحكيم (1898 - 1987م) تحت عنوان إيقاظ التفكير (إني أشكر القارئ الكريم على هذه الثقة الغالية باعتباري إنساناً ولكني أرفض هذه الثقة باعتباري كاتباً.. إن مهمة الكاتب ليست في حمل القارئ على الثقة به بل في حمله على التفكير معه.. أريد من القارئ أن يكون مكملاً لي لا مؤمناً بي ينهض ليبحث معي ولا يكتفي بأن يتلقى عني.. إن مهمة الكاتب في نظري هي تربية الرأي).. ا.ه ص 15 - 16 - يقظة الفكر - وله في هذا الأثر بما يتشابه معه تحت شمس الفكر، ومن البرج العاجي عودة الوعي ؟؟؟؟؟ ألا يعجب هذا الكلام من شيخ الكتاب ومن ذوي الخبرة السامقة في دنيا الثقافة والأدب بعض الكتاب الحاليين ويتفاعلون مع بعض القراء بهذا الشكل المطلوب بدل التجاهل والتسويف والمندوحة منها إلى غيرها من الأعذار والتمادي. فالكاتب قذف في منطقة الاهتمام بما يظنه واقعاً معيناً وفي أي مجال كان سواءً في تخصصه - وهي الثمرة المرجوة منه - أو في تحسس بشعور متفاعل منه وانصرف عنه كنص يشترك معه الكثيرون فيه ويرتبط به المعنيون وأحد القراء جزء من هؤلاء ويتناص معه عقلاً بذهنية فردية وبوعي متلازم وهناك من يرتأ به كبعد ثالث بعد النص وقصد الكاتب لذا فقد كتب محمد العلي المولود 1932ه مقالاً في (اليوم) تحت عنوان (النص هو قارئه). وذكر في مورد آخر لولا القارئ لما كتب الكاتب فمن هنا يقف القارئ في موضوعه بين القناعة والصناعة فأيهما يتقدم..؟ ذلك حسب ما يقدمه الكاتب من صياغة الفهم وآلية العرض.. اقرأ معي خواطر لطه حسين (1889 - 1973م) عميد الأدب العربي في رأي الكثير وكتاب العربي عدد 54 بعنوان مرفأ الذاكرة بحر الحياة - ملحق مجلة العربي - ومقالة الأستاذ فخري صباح تحت عنوان (ادوارد سعيد الكتابة والشخص) - دبي الثقافية عدد 49 يونيو 2009م - وأيضاً مجلة (دبي الثقافية) للدكتور جابر عصفور ص 155 عدد 56 يناير 2010 بعنوان (لماذا أكتب) واتصالاً مع هذا الموضوع (تجارب الكتاب من القراءة إلى الكتابة لحسن آل حمادة. وطقوس الروائيين لعبد الله ناصر الداوود - وفكرة فابتسامة وكذلك دمعة فابتسامة ليحيى حقي (1905 - 1992م) بلحاظ من كتب في هذا الصدد من سيرة ذاتية وموضوعات خاصة في هذا الأمر.. عليه ألا يحق للقارئ ذاته أن يكون حاضراً لدى الكاتب ومكملاً له ومفكراً معه وأن يتعرض الكتاب اهتمامات القارئ سواءً المنشورة ورقياً أو إلكترونياً - من خلال الموقع - فكما يهتم الكاتب بما يراه جديراً بالقراءة. كذلك يهتم القارئ أو المهتم بما يحب أن يقرأه ويستفيد منه فإذا كانت الأخت رقية الهويريني قد وصلت في اتصالها بالقراءة كذلك يهتم القارئ أو المهتم بما يحب أن يقرأه ويستفيد منه. فإذا كانت الأخت رقية الهويريني قد وصلت في اتصالها بالقراء إلى اليوم الثلاثين.. فهناك من الكتاب من لم يقرأ حرفاً واحداً فيما يتصل به ويعنيه من لدن القراء الأعزاء في الرؤية أو النقدية عموماً. واصل عبدالله البوخضر - الأحساء