قد لا أكون مخطئاً حينما قلت يوماً: (القصيدة زلزال صغير يهز عدداً من الناس في أماكن متفرقة) فالقصيدة التي لا تستطيع ذلك هي مجرد نظم مفتعل لا روح فيه ولا طعم له ولا رائحة، فالقصيدة ليست إجادة الوزن والقافية وحفظ عدد كبير من المفردات وبقدر إمعان القصيدة في الإدهاش والجذب يكون أثرها على السامع الذي يقف مذهولاً أمامها ويصفق لها قلبه قبل كفيه. ومن تلك القصائد ما يدفع بعض عشاق الشعر إلى الرغبة الملحة في معرفة دوافع كتابة الشاعر لقصائده ونسبة الحقيقة والخيال فيما قاله إذ يفترض البعض أن وراء كل قصيدة قصة عظيمة وقد يصدق ذلك أو لا يصدق فالشاعر غالباً لا ينقل الواقع بتفاصيله وإنما ينقل أثر ذلك الواقع على نفسه. والشاعر المتمكن من يستطيع حينما يكتب عن وجعه أن يوحي لك أن ما مرَّ به من ألم لا يعادله ألم ليكسب تعاطفك معه وإعجابك بمدى قوة احتماله، وقد يكون ذلك صحيحاً وقد لا يكون، فالمبالغة هنا ليست كذباً إنما نقل صادق لوقع ألم ما على النفس.