الموهبة الجيدة هي أساس الشعر وإلى جانبها يجب أن يكون الشاعر ملما مطلعا على شتى أنواع العلوم والمعرفة وأن يكون فكره مكتبة متنقلة وأن لا يقتصر وعيه ومخزونه الثقافي على ما اطلع عليه من شعر من خلال قراءته لعدد قليل من الكتب، فالشاعر الذي يريد أن يسيل الشعر من ذهنه على لسانه أو أوراقه كالشهد يحتاج إلى اختزال ثقافة من سبقه. ونحن نعرف أن الفكر كخزان المياه لا بد من تعويض ما نقص منه باستمرار لئلا نُفاجأ بانقطاع الماء عنا في وقت ربما نكون في أمس الحاجة إليه والشاعر الذي لا يملأ فكره باستمرار سوف يكتشف قارؤه أمر نضوب فكره عندما يقوم تلقائيا بإعادة وتكرار ما قاله سابقا وأن الجديد في شعره أنه كتب ما سبق أن قاله بقافية أو بحر مختلف. كم كنت أتمنى أن يفاجئني كل شاعر شعبي ألتقي به أنه يحفظ لامرئ القيس والمتنبي وابن زيدون وبشار بن برد وابن الرومي والبحتري وأبي تمام وجرير والفرزدق وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم إلى جانب رواد الشعر الشعبي وأن تحدث أغرقني بالدهشة التي تجعلني أتمنى أن يستمر في حديثه الشيق الذي لا يقل عن روعة قصائده.