وجدت هذه الوريقات بين أوراقي بعد أن خرجت من بين أضلعي . ورغم أنها كتبت في وقت سابق فقد أحببت أن تشاركوني الاطلاع عليها. وقلت يومها كل يوم يزيد اعجابي بصديقي القديم الذي لم اكشف لكم عن اسمه بعد وربما عرفتموه بحسكم. فقبل أن يصبح مسؤولا كبيراً . كان نشاطه الادبي بارزا للعيان. وبعد ان اصبح مسؤولاً ظننت أن المسؤولية سوف تشغله عن الأدب والشعر كما شغلت كثيراً من الأدباء والشعراء قبله. لكن هذا الصديق أثبت أنه أديب حقيقي لايصرفه عن الأدب والشعر شيء. فقبل مدة ليست بقصيرة احتفنا بمحاضرة قيمة في نادي الطائف الأدبي بعنوان هل للشعر مكان في القرن العشرين؟! وأقول إن المحاضرة كانت قيمة وساحرة لأنها كانت دفاعاً عقلانياً عن الشعر ومكانته حتى في القرن العشرين.. عصر المادة والاختراعات والمشاغل الكثيرة. - استطاع هذا المبدع أن يقنع الحاضرين بأن الشعر لن يموت ولن تقل أهميته وأنه لايزال بخير. حقيقة إن صديقنا معالي الدكتور غازي القصيبي في محاضرته يومها - كان مصلحا اجتماعيا وفق كل التوفيق في ارضاء شيوخ الأدب وشبابه وأرضي الشعراء الرومانسيين والواقعيين، ولكني استغرربت لماذا رفض ان يعيش في المدينة الشاعرة واعتذر عن السكن في مدينة يحكمها امرؤ القيس وعنترة والحطيئة والفرزدق وجرير والبحتري والمتنبي وابن زيدون، كما استغربت ان ينكر الشاعر والأديب دور الشاعر السياسي والاجتماعي لو جزئياً. فالبنسبة للمدينة الشاعرة فإنها لو وجدت فإنها ستكون مدينة رائعة بلاشك. مدينة كلها من هذا النوع. يلوذ بها الأدباء والشعراء ويجدون فيها نزهة وفرارا من المدن الصخابة والمدن القاسية .. اما رفضه السكن في مدينة يحكمها الشعراء فلا أعلم له تفسيرا.. وأما دور الشاعر السياسي والاجتماعي فهو دور كبير فلاشك في تأثير شعر نزار قباني وسليمان العيسى وغيرهما اجتماعيا وسياسيا في ذهنية اكثر من جيل عربثي يعيش الآن وسيعيش غداً، غير القباني والعيسى كثير من الشعراء الذين قالوا شعراً سياسيّاً واجتماعيّاً لا يمكن انكار تأثيره أبداً.