مشهد العزاء الذي احتضنه قصر الأمير سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- لوفاة زوجته الأميرة سلطانه بنت تركي السديري عليها رحمة الله وأسكنها فسيح جناته, يكشف جزالة العطاء التي ارتكزت عليها مسيرة هذا الرجل. عودة الأمير سلمان ليؤدي واجبه الأسري في وفاة حرمه والدة المرحوم فهد وهو الذي كان يؤدي واجباً أسرياً في رفقة سمو ولي العهد في رحلته العلاجية شفاه الله...فهذه ضمن خاصية التوازن بين الواجبات الأسرية التي تميز بها أيضا هذا الرجل. انسكاب إنسانية الأمير سلمان يمكن قراءتها في مشهد العزاء الذي امتلأ به قصره وفي مشاركته صلاة الميت على حرمه وتنوع رغبة التعبير عن المشاركة له في حزنه والتي تنوعت بين الحضور من خارج البلاد وتقاطر محبيه من داخل البلاد والتعزية عبر وسائل الإعلام المختلفة بما فيها الشبكة الإعلامية الإلكترونية. الأمير سلمان شريك رئيس للجميع في أفراحهم وآلامهم فهو المتواجد دائماً في ساحة الواجب الاجتماعي للكثير من المواطنين يشارك الحزين ألمه ويشارك السعيد فرحه. وإن كان الزوج الوفي وهي تستحق منه ذلك فهو أيضا الأب الحريص على تربية أبنائه وفق منهج يكرس حب الخير وقد كانت الأميرة سلطانه شريكة عمر ومنهج تربوي حرصت على زراعة حب الخير في أبنائها منذ الصغر, أتذكر موقفاً يعكس فلسفتها التربوية وقد طلبت من أحد أبنائها قبل حوالي خمس وعشرون سنة وكان وقتها طالباً بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن وفي شهر رمضان المبارك بالقيام بنفسه بإيصال مبالغ مالية للمحتاجين في أكثر أحياء الرياض حاجةً لكي تطمئن على وصولها لمن يستحقها, حينها شرفني سموه باتصاله تليفونياً لمساعدته في معرفة أكثر الأحياء التي تتواجد فيها العوائل المستحقة فعلياً للمساعدة وقد ساعدني عملي في جريدة الجزيرة على التعرف على أكثر الأحياء حاجة. درس عملي أخذه هذا الابن من والدته كما أخذه من والده في مرحلة مبكرة غرست من خلاله قيمة العمل الخيري, فكانت النتيجة أن أبناءهما أصبحوا شركاء فاعلين في العمل الخيري والتطوعي على مستوى المملكة, موقف من ضمن عدة مواقف احتوت فيها المرحومة سلطانة السديري أبناءها عموما والنتيجة أنهم أصبحوا رموزاً في العمل الخيري والتطوعي حيث تنوعت عطاءاتهم وفقا لتنوع عطاءات الأمير سلمان بين احتواء الأيتام أوالمعاقين أوالمسنين أوالمرضى وخلافهم من مواقع العمل الخيري التطوعي.