نجاح زيارة أي وزير أو مسؤول لمنطقة ما، يرتبط بالأثر الفعلي الذي تتركه هذه الزيارة من واقع الإجراءات الإستراتيجية التي تتم لاحقاً وليس بالحلول المؤقتة التي تنفذ سريعاً، وهذا بتقديري هو الفيصل بالنسبة لزيارة وزير الصحة الدكتور عبدالله الربيعة لمنطقة حائل، التي جرت في شهر مايو الماضي من العام الجاري، فلم يكن همّ أهالي المنطقة قرارات عاجلة بتوفير (53 مليون) لسد نقص طارئ أو معالجة خلل عابر، بقدر ما كان تطلعهم إلى معالجة جذرية لمشاريع حائل الصحية (المعتلة)، التي تتمثل في مستشفياتها، سواءً القائمة أو ما كان قيد الإنشاء. فهناك مستشفى حائل العام، ويسمى (القديم) ليس لأنه تأسس عام 1379ه فحسب، إنما لأنه متهالك على مستوى الخدمة الطبية، ولا يتسم بمدنية على مستوى التجهيزات الفنية، أو يتميز بأية ناحية عصرية، بل من يتجول فيه لا يمكن أن يصدق أن هذا المستشفى العتيق يمكن أن يُوجد في دولة بمكانة المملكة وحجمها الاقتصادي. هذا المستشفى انتهى عمره الافتراضي أيام وزارة الدكتور غازي القصيبي (عليه رحمة الله) وهو أول من تنبه لذلك ووعد بمعالجته. مع ذلك ما زالت وزارة الصحة إلى يومنا هذا ترمرم فيه أطلال الزمن في محاولة يائسة لإقناع المواطن أنه بالفعل مستشفى يمكن التطبب فيه، فضمن القرارات العاجلة التي أصدرها الوزير الربيعة عقب تلك الزيارة دعم هذا المستشفى ب(13 مليون) للترميم والتجهيزات الطبية، غير أن اللافت للنظر في تلك القرارات هو متابعة ترسية إحلال هذا المستشفى بسعة (300 سرير) خلال شهرين، وفق المعايير الحديثة التي يتم تطبيقها في وزارة الصحة لأول مرة وتستند على المعايير العالمية، وتكاد مدة الشهرين المقررة تنقضي ولا ندري هل تمت الترسية أم لا؟ وحينما أقول لافت للنظر فلأن الملايين تهدر في ترميمات هذا المستشفى، بينما ُتنفق الملايين في اتجاه إحلاله بمكان آخر يقال إنه في أرض الحرس، التي تشرف عليها هيئة تطوير حائل، وهنا يتبادر السؤال الفضولي: هل الهيئة الموقرة ستمنح وزارة الصحة أرضاً من قبيل الهبة؟ أم سيكون المقابل هو الحصول على مستشفى حائل العام الحالي الذي يتميز بموقعه الإستراتيجي في وسط المدينة؟ إن صحت هذه الهواجس فإن زيارة الوزير لم تأت بخير. وما يقال عن مستشفى حائل العام يمكن أن يقال عن مستشفى الملك خالد، الذي افتتح عام 1402ه، أي أنه تجاوز ال(30) عاماً، لذلك جاءت فكرة بناء برج طبي داخل محيط هذا المستشفى أيام إدارة الدكتور سليمان المزيني للشؤون الصحية بحائل خلال فترة وزارة الدكتور حمد المانع للصحة، إلا أن الفكرة أجهضت وتم استبدالها بعملية إحلال داخل هذا المستشفى، أي بنظام الترقيع، المعروف بالترميم والتحسينات! أيضاً من ضمن تلك القرارات متابعة ترسية مستشفى النساء والولادة ب(300 سرير)، وهذا طبيعي لأن المستشفى لم يستطع مواكبة النمو السكاني في المنطقة منذ افتتاحه، كونه فقد من عمره 13 عاماً كانت سنوات بنائه، وما إن بدأ التشغيل حتى ضاق بنساء حائل. لذلك لا نستغرب عندما يعجز المستشفى الجديد (سعة 500 سرير) الذي يتم تشييده في شمال حائل عن استيعاب جزء كبير من سكان المنطقة بعد تشغيله، فحتى الآن دخل السنة السابعة في أعمال البناء والتشييد وهو لم يتجاوز مرحلة الهيكل (العظم)، فكيف بمرحلة التشطيب والتأثيث والتجهيز ثم التشغيل، وبذلك يفقد خاصية السعة الكبيرة التي يتمتع بها، ولا تسأل لماذا تسكت الوزارة عن تأخير المقاول رغم توجيهات خادم الحرمين الشريفين (حفظه الله) بالنسبة للمشاريع التنموية، فإذا كان مستشفى الولادة بسعة (124سريراً) احتاج ل(13 عاماً) كي يعمل ويستقبل النساء المراجعات، فكم سيحتاج مستشفى شمال حائل كي يتم تشغيله؟ الطريف أن أهالي المنطقة وبعض الصحفيين ومعهم مدير عام الشؤون الصحية يسمونه (المستشفى التخصصي) ربما تفاؤلاً، ولكن بشكل رسمي لم يرد ذلك في سجلات وعقود وزارة الصحة. هذه هي مشاريع حائل الصحية (المعتلة)، مستشفيات بأسماء كبيرة وأوضاع متردية، والسبب سوء التخطيط، أو التخبط في التنفيذ، أو غياب الرقيب. والحمد لله أن طريق (حائل - القصيم) أصبح سريعاً، والخطوط السعودية زادت رحلاتها من حائل إلى الرياض، بحيث يجد الماطن حلاً في مدينة أخرى، رغم أن الوزير الربيعة خلال زيارته قد صرح لأهالي حائل أنهم لن يحتاجوا للعلاج في القصيم أو الرياض. [email protected]