أنا من قراء مقالات د. حمزة بن محمد السالم والتي تتسم بالموضوعية والشمولية وسمو الهدف على أنني أتفق معه في كثير منها وأختلف معه في بعض منها ومنها دعوته إلى عدم جريان الربا في الأوراق النقدية، حيث ينبري لهذه الدعوة وينافح عنها ويهاجم من ينتقده في دعوته وآرائه وكان آخر مقالين له عن هذا الموضوع ما نشرته جريدة الجزيرة بعدديها رقم 14176 و14177 بتاريخ 21 و22/8 /1432 والتي هاجم فيها فضيلة الشيخ صالح الأطرم الذي انتقد د حمزة عبر شاشة قناة المجد بتاريخ 25 /5 /1432ه وبمن لا يقول بربوية الفلوس من المعاصرين ثم اتهم د. حمزة بمقاليه الشيخ الأطرم بأنه متبع منهج من سبقه بالحكم بالربوية أولاً ثم محاولة نقض كل من يخالف الحكم وإخفاؤه للأدلة وأن الشيخ الأطرم ضعيف جداً في الأصول ولا يستطيع التأصيل وأن مرد ذلك الحفظ المطلق والإنكار على المخالف في المنهج السلفي المتأخر عندنا في السعودية ثم ختم مقاليه بقوله: بأن الشيخ بدأ يدرك بأن بطلان القول بالربوية بدأ يظهر وأن الأمة لا تخلو من علماء حق يصرحون بما يريهم الله.. إلخ وما أود إيراده في هذا المقال هو أنني بحثت أنا وأكثر من عشرة من زملائي في مرحلة الدكتوراه بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة هذه المسألة ضمن مسائل تندرج تحت ما يطلق عليه بفقه النوازل ومنها (مسألة الأوراق النقدية زكاتها وجريان الربا فيها) وكان من الباحثين من يتبع المذهب الحنبلي وآخر المذهب الشافعي وآخر المالكي وآخرين أحنافاً وقد كانت مكتبات الحرم النبوي الشريف ساحة البحث والتدقيق لهذه المسألة إضافة إلى مكتبات أخرى كمكتبة الجامعة الإسلامية ومكتبة الملك عبد العزيز - طيب الله ثراه - وقد رأينا أن نبدأ أولا ببحث حقيقة الأوراق النقدية وتعريفها ثم نشأتها وتطورها والنظريات التي قيلت في الأوراق النقدية ثم علة الربا في النقدين الذهب والفضة، ثم الورق النقدي هل هو جنس واحد؟ أو هو أجناس متعددة بتعدد إصدارها؟ ونتيجة أقوال علماء العصر في ذلك وقد خلصنا الى أن عبارات الفقهاء تدور في تعريف النقد على ثلاثة معان أو استعمالات: الاستعمال الأول: بمعنى الذهب والفضة مطلقاً سواء كان مضروباً أو غير مضروب. الاستعمال الثاني: بمعنى المضروب من الذهب والفضة. الاستعمال الثالث: كل ما اصطلح عليه الناس وتعاملوا به - وإن لم يكن من الذهب والفضة - إذا توفرت فيه شروط معينة وصلح لأن يلحق بهما في الاسم وبقية الأحكام وهذا هو الصحيح وقد قال به شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهما. وبناءً على هذا الاستعمال انبنى تعريف الفقهاء المعاصرين للأوراق النقدية: فقد عرفها الشيخ ابن منيع بأنها: كل شيء يلقى قبولاً عاماً كوسيط للتبادل، مهما كان ذلك الشيء وعلى أي حال يكون. وجاء في كتاب زكاة الأسهم والسندات والأوراق النقدية للشيخ السدلان: هي قطع من ورق خاص، تزين بنقوش خاصة، وتحمل أعداداً صحيحة، يقابلها في العادة رصيد معدني بنسبة خاصة يحددها القانون، وتصدر إما من الحكومة أو من هيئة تبيح لها الحكومة إصدارها، ليتداولها الناس عملةً. أما عن نشأة النقود وتطورها فقد خلصنا إلى أنه بالرغم من البساطة التامة في حياة الإنسان إبان العصور الأولى فقد كان محتاجا إلى ما عند غيره. فنشأت فكرة المقايضة، وهي تبادل الإنتاجات، كاستبدال الثمار بالزيوت أو خدم البناء بخدمة الزراعة ولصعوبة استمرار الحياة على هذا نشأت فكرة الأخذ بوسيط في التبادل بحيث يكون في ذلك الوسيط وحدة للمحاسبة، ومقياس للقيم، وخزانة للثروة، وقوة شرائية مطلقة؛ إلا أن نوعية هذا الوسيط لم تكن موحدة بين الناس، فكان للبيئة أثرها في تعيينه. فاتخذ بعضهم الأصداف نقدا، وبعضهم اختار غيرها؛ وهكذا.. وبمرور الزمن وتطور الحياة نشأت فكرة الاستعاضة عن هذه السلع كوسائط التبادل بما يسهل حمله، وتكبر قيمته، ويكون له من الميزات ما يجعله يساير التطور ويكون مقبولاً لدى المتعاملين، فاتخذوا من المعادن النفيسة من ذهب وفضة ونحاس وسيلة لتبادل السلع في شكل سبائك وقطع غير مسكوكة، غير أن اختلاف أنواعها وعدم وجود سكة لها أدى إلى التلاعب في وزنها، وإلى صعوبات في تقديرها مما أدى بالحكومات إلى التدخل في شأنها واحتكار إصدارها بمعايير غير قابلة للتلاعب مما أكسبها الثقة، وجعلها قادرة على تحقيق الهدف من اتخاذها. وبمرور الزمن واتساع رقعة التعامل بين الشعوب أصبح في التعامل بالنقود المعدنية المسكوكة شيء من الصعوبات فاتجه الناس إلى ابتكار وسيلة أخرى تخفف من تلك الصعوبات فنشأة فكرة إصدار العملات الورقية التي هي بدورها مرت بمراحل أربع: الأولى: مرحلة اعتبار الأوراق النقدية وثائق وحوالات على نقود معدنية من ذهب أو فضة، تحول بها على شخصية معروفة ذات اعتبار وسمعة مالية في بلد آخر، فيقوم بواجبه بدفع المبلغ الذي تحتوي عليه إلى حاملها، ليتمكن من شراء ما يريد في هذا البلد. وعليها التعهد بتسليم مقابلها لحاملها. الثانية: مرحلة عدم تعيين شخصية بعينها يقوم بتحويلها، واكتفاء بذكر التعهد بدفع المبلغ المحال به لحامله. الثالثة: مرحلة إصدار أوراق مصرفية تزيد عن قيمة الودائع النقدية عند الصيارفة، وذلك بعد أن وجدت قبولا عاما. الرابعة: مرحلة انقطاع العلاقة بين الورقة النقدية والنقد المعدني؛ بمعنى: أن قيمة وحدة النقود الورقية قيمة مستقلة لا علاقة لها بقيمة ما نسبت إليه اصطلاحا من العُمَل المعدنية. ثم تطور الأمر إلى إصدار الشيك، ثم بطاقة الاعتماد، وهو على ثلاثة أنواع: أحدها: بطاقة الحسم الفوري، وهي التي لها رصيد يغطِّي قيمة الشراء بها. الثاني: بطاقة الاعتماد، ولا تشترط لها التغطية، ولكن يلزم حاملها تغطيتها في مدة محددة. الثالث: بطاقة الائتمان، ولا تشترط فيها التغطية أيضا، بل قد يكون الحساب مكشوفا، ويعطى حاملها مدة للتغطية.أماعن النظريات التي قيلت في الأوراق النقدية مع بيان وجهة نظر كل نظرية ومستلزماتها: إن الأوراق النقدية لم تكن معروفة لدى قدماء فقهاء الإسلام، ولم تعرف في البلاد الإسلامية، ولا في البلدان المجاورة في العصور الأولى للإسلام. لذا لم يكن لعلماء السلف فيها حكم؛ إذ لم تكن متداولة في عصورهم. ولكن بعد أن انتشر تداولها في البلاد الإسلامية كغيرها من بلدان العالم بحث متأخرو الفقهاء من المسلمين حقيقتها، وفرعوا عن بحوثهم مسائل في حكم زكاتها. واختلفت نظرياتهم في ذلك تبعاً لاختلاف تصورهم لحقيقتها. وجملة ما قيل من نظريات في الأوراق النقدية خمسة نظريات وهي كالتالي: النظرية الأولى: أن الأوراق النقدية سندات بدين على جهة إصدارها. ويكون حال الدينار الورقي في هذه الحالة كحالة سند الكمبيالة تماماً. وإن القول بهذا القول يستلزم أحكاماً شرعية تظهر فيها ألوان الكلفة والمشقة، منها: عدم جواز السَّلم بها فيما يجوز السلم فيه. وعدم جواز صرفها بنقد معدني من ذهب أو فضة ولو كان يداً بيد. ويعتبر التعامل بها من قبيل الحوالة بالمعاطاة على الجهة التي أصدرتها. واعتبارها سندات ديون على جهة إصدارها يدخلها في خلاف أهل العلم في زكاة الدين هل تجب زكاته قبل قبضه أم بعده؟. ويعتبر البيع بهذه الأوراق من قبيل بيع الكالئ بالكالئ؛ لكونها وثائق بديون غائبة. النظرية الثانية: أن الأوراق النقدية عرض من عروض التجارة لها ما لعروض التجارة من الخصائص والأحكام. فيرى أصحاب هذا القول أن هذه الأوراق يجوز بيع بعضها ببعض متساوية أو متفاضلة، حالة أو مؤجلة، لا ضير في ذلك بشرط قبض أحد العوضين في المجلس، وإذا كانت للتجارة فتجب فيها الزكاة وإلا فلا. ولا تنطبق أحكام الصرف عند بيع ورق نقدي منها بورق نقدي آخر، وعند بيعها بذهب أو فضة. النظرية الثالثة: أن هذه الأوراق النقدية كالفلوس في طروء الثمنية عليها، فما ثبت للفلوس من أحكام في الربا والزكاة والسلم ثبت للأوراق النقدية مثلها. وهذا القول يعتبر وسطاً بين القائلين بأنها سندات، والقائلين بأنها عروض كعروض التجارة. فيرى أصحاب هذا القول أن الأوراق النقدية كالفلوس النحاسية في جميع أحكامها ظاهراً وباطناً، وفي نفس الأمر فلا تكون من الأموال الزكوية، فتباع وتقرض متساوياً ومتفاضلاً بأجل وغيره؛ لعدم وجود علة الربا فيها، وتوهب ويوصى بها، ويتصرف فيها تصرف العملة الرائجة من غير النقدين. فهي بنفسها ليست ذهباً ولا فضة، وإنما هي أثمان تتغير كما تتغير القروش بالكساد والرواج وتقرير الحكومات. النظرية الرابعة: أن الأوراق النقدية بدل لما استعيض بها عنه، وهما النقدان الذهب والفضة، وللبدل حكم المبدل عنه مطلقاً. وخلاصة هذا القول أن الأوراق النقدية قائمة بذاتها في الثمنية مقام ما تفرعت عنه من ذهب أو فضة حالَّة محلها جارية مجراها تعتمد على تغطيتها بما تفرعت عنه، فإذا زالت عنها صفة الثمنية أصبحت مجرد قصاصات من الورق لا تساوي بعد إبطالها شيئاً مما كانت تساويه من قبل فيثبت لها حكم النقدين مطلقا. النظرية الخامسة: أن الأوراق النقدية نقد قائم بنفسه. ويستلزم من هذه النظرية أن الأوراق النقدية نقد مستقلة بذاتها ويجري عليها ما يجري على الذهب والفضة من أحكام كجريان الربا فيها بنوعيه، ووجوب الزكاة وصحتها رأس مال للسلم والشركة والمضاربة وغير ذلك من الأحكام المتعلقة بالنقدين، إلا أنها شيء آخر، ليست هي الذهب، وليست هي الفضة، وليست هي قائمة مقام الذهب ولا الفضة، بل هي أجناس أخرى بحسب الدول المصدرة لها. أما عن الورق النقدي وهل هو أجناس متعددة يتعدد بتعدد جهة إصدارها، ونتيجة أقوال علماء العصر في ذلك فقد تبين أن للعلماء المعاصرين في هذه المسألة ثلاثة آراء: الرأي الأول: اعتبار الورق النقدي أجناس متعدّدة تتعدد بتعدد جهات إصدارها، بمعنى أن الورق النقدي السعودي جنس، وأن الورق النقدي المصري جنس. وقال به أكثر أهل العلم وأقره مجلس هيئة كبار العلماء، ومجلس المجمع الفقهي الإسلامي. وذلك بناءاً على ما رجحناه من أن الورق النقدي نقداً قائماً بذاته كقيام النقدية في الذهب والفضة وغيرها. الرأي الثاني: ما كان متفرعاً عن ذهب وفضة حسب الأصل جنس، وما كان متفرعاً عن ذهب في الأصل جنس. وقال به فضيلة الشيخ عبد الرزاق عفيفي رحمه الله. وذلك بناء على أن الأوراق النقدية بدلاً عما حلت محله من الذهب أو الفضة التي سبقتها في التعامل بها. الرأي الثالث: اعتبار الوحدة النقدية - ورقاً كان أو معدناً - جنساً واحداً متى كانتا مترادفتين، كالريالات والدناير ونحوها. وعليه فلا يجوز بيع ثلاثة ريالات سعودية ورقية بريال سعودي فضة. وهو رأي فضيلة الشيخ مصطفى الزرقا. وقد صدر قرار مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية رقم (10) وتاريخ 16/4/1393ه. في موضوع: (الأوراق النقدية) بما نصه: قرر مجلس هيئة كبار العلماء بالأكثرية ما يلي: «... بناء على أن النقد هو كل شيء يجري اعتباره في العادة أو الاصطلاح بحيث يلقى قبولاً عاماً كوسيط للتبادل كما أشار إلى ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث قال: (وأما الدرهم والدينار فما يعرف له حد طبيعي ولا شرعي، بل مرجعه إلى العادة والاصطلاح وذلك لأنه في الأصل لا يتعلق المقصود به، بل الغرض أن يكون معياراً لما يتعاملون به. والدراهم والدنانير لا تقصد لنفسها، بل هي وسيلة إلى التعامل بها. ولهذا كانت أثماناً - إلى أن قال: والوسيلة المحضة التي لا يتعلق بها غرض لا بمادتها ولا بصورتها يحصل بها المقصود كيفما كانت) اه. وذكر نحو ذلك الإمام مالك في المدونة من كتاب الصرف حيث قال: (ولو أن الناس أجازوا بينهم الجلود حتى يكون لها سكة وعين لكرهتُ أن تباع بالذهب والورق نسيئة) اه. وحيث إن الورق النقدي يلقى قبولاً عاماً في التداول ويحمل خصائص الأثمان من كونه مقياساً للقيم، ومستودعاً للثروة، وبه الإبراء العام، وحيث ظهر من المناقشة مع المتخصصين في إصدار الورق النقدي والعلوم الاقتصادية أن صفة السندية فيها غير مقصودة، والواقع يشهد بذلك ويؤكده كما ظهر أن الغطاء لا يلزم أن يكون شاملاً لجميع الأوراق النقدية، بل يجوز في عرف جهات الإصدار أن يكون جزءاً من عملتها بدون غطاء، وأن الغطاء لا يلزم أن يكون ذهباً بل يجوز أن يكون من أمور عدة كالذهب والعملات الورقية القوية، وأن الفضة ليست غطاء كلياً أو جزئياً لأي عملة في العالم. كما اتضح أن مقومات الورقة النقدية قوة وضعفاً مستمدة مما تكون عليه حكومتها من حال اقتصادية فتقوى بقوة دولتها، وتضعف بضعفها، وأن الخامات المحلية كالبترول والقطن والصوف لم تعتبر حتى الآن لدى أي من جهات الإصدار غطاء للعملات الورقية. وحيث إن القول باعتبار مطلق الثمنية علة في جريان الربا في النقدين هو الأظهر دليلاً والأقرب إلى مقاصد الشريعة وهو إحدى الروايات عن الأئمة مالك وأبي حنيفة وأحمد، قال أبو بكر: روى ذلك عن أحمد جماعة، كما هو اختيار بعض المحققين من أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما. وحيث إن الثمنية متحققة بوضوح في الأوراق النقدية، لذلك كله فإن هيئة كبار العلماء تقرر بأكثريتها: أن الورق النقدي يعتبر نقداً قائماً بذاته كقيام النقدية في الذهب والفضة وغيرهما من الأثمان، وأنه أجناس تتعدد بتعدد جهات الإصدار بمعنى أن الورق النقدي السعودي جنس، وأن الورق النقدي الأمريكي جنس، وهكذا كل عملة ورقية جنس مستقل بذاته، وأنه يترتب على ذلك الأحكام الشرعية الآتية: أولاً: جريان الربا بنوعيه فيها كما يجري الربا بنوعيه في النقدين الذهب والفضة وفي غيرهما من الأثمان كالفلوس، وهذا يقتضي ما يلي: (أ) لا يجوز بيع بعضه ببعض أو بغيره من الأجناس النقدية الأخرى من ذهب أو فضة أو غيرهما نسيئة مطلقاً، فلا يجوز مثلاً بيع الدولار الأمريكي بخمسة ريالات سعودية أو أقل أو أكثر نسيئة. (ب) لا يجوز بيع الجنس الواحد منه بعضه ببعض متفاضلاً سواء كان ذلك نسيئة أو يداً بيد. فلا يجوز مثلاً بيع عشرة ريالات سعودية ورق بأحد عشر ريالاً سعودياً ورقاً. (ج) يجوز بيع بعضه ببعض من غير جنسه مطلقاً إذا كان يداً بيد. فيجوز بيع الليرة السورية أو اللبنانية بريال سعودي ورقاً كان أو فضة أو أقل من ذلك أو أكثر، وبيع الدولار الأمريكي بثلاثة ريالات سعودية أو أقل أو أكثر إذا كان ذلك يداً بيد، ومثل ذلك من الجواز بيع الريال السعودي الفضة بثلاثة ريالات سعودية ورق أو أقل أو أكثر يداً بيد؛ لأن ذلك يعتبر بيع جنس بغير جنسه، ولا أثر لمجرد الاشتراك في الاسم مع الاختلاف في الحقيقة. ثانياً: وجوب زكاتها إذا بلغت قيمتها أدنى النصابين من ذهب أو فضة، أو كانت تكمل النصاب مع غيرها من الأثمان والعروض المعدة للتجارة إذا كانت مملوكة لأهل وجوبها. ثالثاً: جواز جعلها رأس مال في السلم والشركات. وكذلك قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي. ومما تقدم يتضح بأن د. حمزة يتعصب لأحد الأقوال السابقة المرجوحة القائل بعدم جريان الربا في الأوراق النقدية ويرى بأن هذا القول هو الصحيح وأن على الأمة اتباع هذا القول وأن من لا يقول به فهو مقلد ولا يستطيع التأصيل على أصول الفقه كما يتناسى ما صدر عن مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة وماصدرعن مجلس مجمع الفقه الإسلامي من قرارات تقرر فيها جريان الربا بنوعيه الفضل والنسيئة في الأوراق النقدية ومما جاء بمقالتي د. حمزة أن الأمة لا تخلو من علماء حق يصرحون بما يريهم الله.. وأن التجديد يأتي على أيدي علماء أفراد ربانيين صادقين لا يخافون في الله لومة لائم ثم يتبعهم الناس الخ.. ورداً على ما أورده في هذا المجا ل فإنه لو ترك المجال لمن يدعي أنه من علماء الحق وأفراد ربانيين صادقين لماكان للأمر السامي الكريم رقم 13876في 2 /9 /1431 الموجه إلى مفتي عام المملكة رئيس إدارة البحوث العلمية والافتاء رئيس هيئة كبار العلماء أية قيمة والقاضي بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء ويمنع منعا باتا التطرق لأي موضوع في مشمول شواذ الآراء ومفردات أهل العلم المرجوحة وأقوالهم المهجورة وكان صدور هذا الأمر السامي بسبب ما لوحظ من تجاوزات وتكلفات من بعض من ينتحل صفة أهل العلم بالتصدر للفتوى ويتخطى بها اختصاص أجهزة الدولة على أن هذا الأمر السامي الكريم لم يغفل أمر الاجتهاد من أي محتسب، بل جعل له طريقا مشروعا وذلك برفع اجتهاده للجهة المختصة التي تعمل بها كفاءات شرعية تستطيع مناقشة ما رفعه والرد عليه أو الاقتناع بما عرضه وفي الختام فإنني أستميح الدكتور حمزة عذرا لأسأله سؤالين أولهما ماذا لو تغير اجتهاده في هذه المسألة ورأى لاحقا بجريان الربا بالأوراق النقدية ورأى الناس وقد عملت بفتواه الأولى وبدأت باستحلال الربا وأكله بناء عليها فما الذي يستطيع فعله لردهم عن ذلك. وثانيهما الرأي بعدم الربوية في الأوراق النقدية اجتهاد يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ فماذا لو كان خطأ والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سنّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة) ثم أن مجتهدي سلفنا الصالح كان الواحد منهم إذا رأى إجماع أكثرية أهل عصره على قول وله قول مخالف لهم رجع عنه وعمل بما تم الإجماع عليه. (*) عضو هيئة التدريس بكلية المجتمع ببريدة بجامعة القصيم دكتوراه بالفقه من كلية الشريعة بالجامعة الإسلامية