انتقل إلى رحمة الله تعالى مساء أمس الأول الفريق أول متقاعد عبدالله بن راشد البصيلي عن عمر ناهز آل 90 عاماً إثر مرض بالكلى لازمه طويلاً (18 عاماً)، والفريق البصيلي - رحمه الله غني عن التعريف، فقد ولد في محافظة البكيرية عام 1342ه عاش طفولته وصباه في البكيرية، والتحق بالسلك العسكري عام 1360ه وتوالت بعد ذلك ترقياته إلى الرتب العسكرية، حتى عين قائداً للحرس الملكي في عهد الملك فيصل واستمر في عهد الملك خالد وأيضاً حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد -رحمه الله- إلى أن أصبح مستشاراً في الديوان الملكي عام 1407ه، عرف الفريق عبدالله الراشد البصيلي - رحمه الله - رجل من الرجال الذين نذروا أنفسهم لفعل وعمل الخير، في جميع أشكاله وله مشوار طويل في فعل الخير داخل وخارج السعودية، وحصل على العديد من الجوائز التقديرية تقديراً وعرفاناً بأعماله الخيرية المتنوعة والمتعددة، من هذه الجوائز جائزة أبها للعمل الخيري وجائزة حائل، وجائزة المنطقة الشرقية وجائزة سلطنة عمان بالإضافة إلى الجوائز والدروع التقديرية التي تقدم له خلال المناسبات الرسمية والعامة داخل السعودية، وقد كان لابن البكيرية رحمه الله هذا الرجل الذي حيّر الكثيرين في حضوره اللافت في العمل الخيري بمختلف أوجهه، وأعجزهم عن سبر أغواره ودوافعه، وقبلها حيّرهم في أسلوبه في الحياة وعصاميته وجلّده وصبره منذ أن التحق بالعمل الحكومي برتبة جندي حتى وصل إلى منصب قائد الحرس الملكي برتبة فريق أول إلى أن ترجل من هذا المنصب تاركا - رحمه الله - سيرة عطرة وبريقا مؤقتا يختفي بعد سنوات كعادة كل مَن يتسنّم عملا مهما ثم يترجل منه. لقد دخل العسكري الذي أؤتمن على حراسة الملوك، مجال الأعمال الخيرية ليصبح أحد رموزه ورواده، وقدوة ودرسا في البذل والعطاء بلا حدود ولا ضجيج، ينفق من ماله الخاص الملايين من الريالات على مشاريع الخير وأعمال البر في بناء المساجد وغيرها، في حين يكتفي بالصرف على نفسه من راتبه التقاعدي ولم يكن بناء المساجد هو هاجس البصيلي - رحمه الله -، فقد تنوعت مشاريعه الخيرية التي عمّت أرجاء بلاده والبلاد العربية والإسلامية، وتراوحت هذه المشاريع ما بين مراكز للتأهيل الشامل ووحدات غسيل الكلى وإنشاء مستشفيات جديدة وتطوير وتوسعة مستشفيات قائمة، وغيرها من المشاريع ذات الطابع الإنساني والخيري؛ حيث يعتبر رحمه الله مؤسسة خيرية في صورة رجل أخلص للخير ما سنحت له السبل يبذل المال تلو المال لتوسيع خيمة العمل الخيري في بلادنا الكريمة فأنشأ المراكز الخيرية والمستشفيات والمعاهد والمساجد داخل المملكة وخارجها لوجه الله ثم خدمة وطنه وأمته وتحفيز الخيرين والميسورين على بذل ما تجود به أنفسهم لترسيخ مفهوم التكافل الاجتماعي الذي حثنا عليه ديننا الإسلامي الحنيف؛ ومن أبرز المشاريع الخيرية التي أقامها - رحمه الله تعالى - توسعة مركز التأهيل الشامل (القسم النسائي) في محافظة البكيرية وهذا يأتي من سعيه - رحمه الله - في دعم المراكز التأهيلية حيث أنشأ في سنوات مضت عدد من مراكز للتأهيل الشامل بالمملكة كمركز التأهل الشامل للمعوقين بالبكيرية - منطقة القصيم-، ومركز التأهيل الشامل للمعوقين في شقراء، ومركز التأهيل الشامل للمعوقين في حائل، ومركز التأهيل الشامل للمعوقين في ابها، ومركز معهد التربية الفكرية في بريدة منطقة القصيم. كما أنشأ البصيلي - رحمه الله - عدد من مراكز غسيل الكلى (وهو المرض الذي عانى منه) بعدد من مستشفيات المملكة كمركز لغسيل الكلى في البكيرية، ومركز لغسيل الكلى في مستشفى الشعبين في عسير، ومركز لغسيل الكلى في مستشفى الملك فهد بالحرس الوطني، مركز لغسيل الكلى في مستشفى الملك خالد في تبوك. ولم تقتصر العطاءات الخيرية للفريق عبدالله البصيلي - رحمه الله - الجانب الإنساني الصحي بل بنا عدد من المساجد بالدول العربية والإسلامية بلغت (322) مسجداً، كما بناء أكثر من (52) داراً للأيتام. هذا الحضور الخيري والإنساني والتطوعي قد يتكرر من قِبل أفراد في أنحاء متفرقة من العالم، لكنه يتم على نطاق محدود جدا بعيدا عن الضجيج الإعلامي الذي غلّف ويغلّف الأعمال الخيرية والتطوعية للمؤسسات والأفراد وهذا ما عمل به الفريق عبدالله بن راشد البصيلي - رحمه الله تعالى -. وكانت (الجزيرة) آخر صحيفة سعودية وعربية أجرت لقاء مع الفريق عبدالله البصيلي - رحمه الله - من خلال اللقاء الذي أجراه الزميل حمود المطيري معه قبل نحو (6) أشهر ونشر في يوم الأربعاء 12/ 1/ 2011م الموافق 8/ 2/ 1432ه في العدد رقم (13985).