يعتبر موضوع اتخاذ القرارات من أهم الموضوعات وأكثرها أثراً في حياة الأفراد والمنظمات والمجتمعات وحتى في حياة الدول، وتنبثق أهمية هذا الموضوع في ارتباط العمل الإنساني اليومي بمجالات النشاط الإنساني. فقبل أشهر مضت صدرت جملة من القرارات التاريخية تضمنت نواحي عدة اقتصادية وتنظيمية وخدمية جميعها تصب في مصلحة المواطن والمجتمع، فبعد صدور تلك القرارات ودخولها مرحلة جديدة وانتقالها إلى المسؤولين المعنيين بترجمتها على أرض الواقع من خلال تنفيذها، حيث يتطلب ذلك اتخاذ الخطوات اللازمة لوضعها موضع التنفيذ، وهذا يتطلب تحديد الوقت اللازم لتنفيذ القرار، ومراحل تنفيذه، والمسؤولين الذين يتولون تنفيذه، ومسؤولية كل منهم، وطرق ووسائل التنفيذ وتحديد الموارد المادية والبشرية وتحديد الإجراءات الوقائية لمنع حدوث انحرافات في تنفيذ القرار.. وهذا ما عبر عنه (دركر) بقوله: إن أي قرار لن يكون فعالاً إلا إذا تضمن التزامات محددة بالعمل على تنفيذه، وكانت تلك الالتزامات واضحة ومحددة بالقرار منذ البدء بتنفيذه، وحتى يكون تنفيذ القرار سهلاً بالنسبة للجهات والأفراد الذين سيتولون تنفيذه لا بد أن يكون صياغته بصورة مختصرة وبسيطة وواضحة ومميزة.. فالصياغة الواضحة للقرار تساعد على فهم مضمونه وتلافي تعدد تفسيرات الأشخاص أو الجهات التي ستنفذه حسب فهمها له.. ويجب أن يراعى في صياغة القرار عدم تناقض أجزائه مع بضعها، وانسجام القرار مع القرارات التي سبقته، وعدم تعارض القرار مع القوانين والأنظمة أو مع الاختصاصات والصلاحيات المناطة بمتخذه. إن اتخاذ الخطوات اللازمة لتنفيذ القرار ليست هي الخطوة الأخيرة في هذه المرحلة وإنما لا بد من متابعة تنفيذ القرار. والمقصود بالمتابعة في مجال تنفيذ القرار التحقق من أن تنفيذ القرار يتم وفقاً لمقررات الخطة المرسومة، وفي حدود التعليمات والقواعد الموضوعة، ومن هذا المنطلق يجب أن تستهدف المتابعة الإصلاح في المقام الأول والكشف عن أوجه القصور وعلاجها، بمعنى أن تكون المتابعة إيجابية لا سلبية؛ ذلك أن الزجر وحده لا يسهم كثيراً في التنفيذ، ولا سيما إذا لم يكن مرد القصور الخطأ العمدي أو غير العمدي، ولا يعني ذلك ترك المخطئ دون حساب، ولكن يعني ألا يكون العقاب هو الهدف الوحيد من المتابعة. وأخيراً نقول إن القرارات تصدر في محيط معين وفي بيئة بذاتها وتحت ظروف وعوامل ومتغيرات مختلفة. لذلك قد يكون من الخطأ محاولة تقويم بعض القرارات والحكم عليها من خارج المنظمة أو البيئة التي تحتويها، بدون الإدراك التام لجميع الاعتبارات الداخلية والخارجية، والإلمام بالمعلومات والحقائق المتصلة بموضوع القرار والوقوف على القيادات والقوى الضاغطة، واحتمال هذه الصورة عامل أساسي للتقويم الموضوعي لأي قرار يتخذ، كما ينبغي ألا نقف مكتوفي الأيدي حال القرارات التي يصعب تنفيذها لتعارضها مع بعض القوانين والأنظمة، بل نحاول تسخير العوائق بإيجاد الحلول المناسبة أو الاستعانة بالمؤسسات جهة الاختصاص لحلها.