سعادة الأستاذ خالد بن حمد المالك.. رئيس تحرير جريدة الجزيرة -وفقه الله-.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. طرح الكاتب الدكتور عبدالرحمن الشلاش -وفقه الله- في زاويته (مسارات) في العدد 14156 بتاريخ السبت 1 من شعبان 1432ه الموافق 2-7-2011م مقالاً تحت عنوان (كادر المعلمين.. لا جديد)، والذي تطرق من خلاله إلى ما يواجه منسوبي سلك التعليم من معاناة، مقابل ما يبذلونه من جهود لا تجد ذلك الإنصاف والتقدير من قبل وزارة التربية والتعليم، والوضع ينطبق على المعلمات أيضاً، تعليقاً على ما طرحه يحظى المعلم والمعلمة في بلادنا -ولله الحمد والمنّة- بمكانة مميزة من لدن ولاة الأمر -وفقهم الله- وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله-، مما لا يمكن تجاهله أو إنكاره، فدائماً وفي جميع المناسبات نرى ونسمع الثناء العطر تجاه المعلمين والمعلمات وما يقومون به من دور تربوي، إلا أن هذا الثناء لا نراه -للأسف الشديد- من قبل وزارة التربية والتعليم، ولعل في ثنايا الموضوع ما يوضح ذلك إشارة إلى ما طرحه الكاتب حول التعليم وهمومه وتطرقه إلى ما يلقاه القائمون عليه من الجحود والتنكر والتنقص له وللدور القيادي الذي يقوم به من قبل العديد من الكتاب -هداهم الله-، وبدلاً من الوقوف إلى جانبهم والدفاع عنهم وتكريمهم والرفع من مكانتهم نجد العكس من ذلك، وبالذات من قبل وزارة التربية والتعليم، حيث الاستجابة بشكل أو بآخر لما يطرح من قبلهم -أيّ الكتاب- من خلال إصدار التعاميم التي تظهرهم أمام الآخرين بمظهر المقصرين والمتهاونين في أداء عملهم ورسالتهم، مما جرأ الكثير للسخرية منهم والتهكم بهم والاستهانة بهم، بل وصل الأمر حد الاعتداء عليهم.. ولعل التعميم الذي صدر قبل سنوات حول المتابعة الدقيقة للمعلم في كافة شئونه بدقة وصلت إلى حد المبالغة والمنشور على صفحات الصحف المحلية لهو دليل يؤكد ما ذكرته أعلاه، إنني لا أنكر وجود معلمين ومعلمات مقصرون ومتهاونون، فهذه سنة الحياة وفي جميع مجالات العمل وليس البشر سواء، وهو أمر طبعي، ولذا لا ندعي الكمال في جميع المعلمين، وبناءً على ما ذكرته أعلاه أوجّه لمقام الوزارة بعض العتاب: أولاً: الملاحظ أن الوزارة هي الجهاز الحكومي الوحيد تقريباً التي تنشر من خلال الصحف جميع ما يتعلق بمنسوبيها، دون النظر إلى الانعكاسات السلبية على الميدان التربوي عموماً، وعلى المعلم خصوصاً، وما سيترتب عليها من تداعيات، فأتاحت الفرص للنيل من المعلم من أناس لا يدركون مهمة المعلمين ولا مشقة التعليم، وإنما ركبوا الموجة مع من ركبها، وليس لديهم الدراية والخبرة فيما يقدمون، وبدلاً من الوقوف بجانبهم ساهمت في فتح الجبهات ضدهم، فأصبحوا بين مطرقة الوزارة وسندان الإعلام؛ وأصدق ما يقال في حاله قول الشاعر: وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند ثانياً: منطلقاً مما سبق، أطرح التساؤلات التالية: ما الذي يهم القارئ والمواطن من الاطلاع على هذه التعليمات؟ أليست شأناً داخلياً بحتاً؟ ثم أليس من الأفضل تبليغ مثل هذه التعليمات لأقسام المتابعة وشئون الموظفين في إدارات التربية والتعليم فهي المعنية بهذا الأمر دون غيرها بدلاً من النشر في الصحف؟ لأن في هذا تقليل من مكانة المعلم! ثم ماذا يخص القارئ الكريم وولي الأمر من هذه التعليمات والتنظيمات؟ فليست تتعلق بالطلاب البتة ليكونوا على دراية بما يتعلق بأبنائهم، وإنما هي أمور تنظيمية بحتة!! ثالثاً: في مقابل الحرص على تطبيق النظام ومحاسبة المقصرين. تُطرح التساؤلات التالية: أين الوزارة من تطبيق مبدأ الثواب والعقاب؟ وماذا فعلت الوزارة للمنضبطين والمبدعين من المعلمين؟ ألم يكن من الأولى تكريمهم والإشادة بهم وبجهودهم مقابل البحث عن هفواتهم؟ ليكونوا قدوة لزملائهم، وقد يشكلون دافعاً لغيرهم. بدلاً من التعميم وإظهار الجميع بمظهر المقصر. وهل جائزة التميز المستحدثة هذا العام كافية حيث لم يخصص إلا معلم واحد ومدير واحد من بين آلاف المعلمين والمديرين في كل منطقة! ولماذا لم يخصص معلم لكل تخصص لكل منطقة؟!. رابعاً: نقطة أخرى تتعلق بما سبق وما ورد أعلاه: لماذا الكيل بمكيالين؟.. فأين المساواة في تطبيق الأمر بين منسوبي التربية والتعليم من معلمين وموظفين؟ فهل طبق هذا الإجراء على الجميع؟ أم أن الانضباط أمر لا يستحق الاهتمام والتقدير؟.. وأن المعلم لم يقم بأكثر من المطلوب منه كما هي العبارة المتداولة. خامساً: الوزارة وللأسف تتعامل مع المعلم بصورة آلية دون النظر إلى الناحية الإنسانية، متناسية أنه في جميع الأحوال بشر وهو مواطن كغيره، له التزاماته العائلية والأسرية والاجتماعية، وأقصد بذلك أن هناك من يقوم بنفسه بتوصيل أبناءه لمدارسهم أو زوجته لعملها، ويوجد لديه كما لغيره ظروفاً أسرية قد تفرض عليه بعض التأخر، وقد يتعرض لعوائق في طريقه من ازدحام مروري أو خلافه، أفلا يستحق المراعاة كغيره؟. سادساً: الملاحظ على الوزارة أنها تطالب المعلم دائماً بالإنتاج وتشدد على ذلك، دون أن تفكر بالعطاء تجاهه، فهي تطالبه بالعطاء والتفاني والدقة والحرص، ودائماً هو المتهم والشماعة لأيّ تقصير يظهر في الميدان التربوي، دون النظر إلى أي عوامل أخرى -أسرية واجتماعية- لها نسبة من التأثير لا يستهان بها، وقد يصل الأمر إلى التهديد والوعيد وأن تقيم الدنيا ولا تقعدها في حالة الإخلال من قبل المعلم بشيء من المتطلبات التي تنادي بها، وقد يكون لها الحق في ذلك، ولكني أتساءل!! أين نصيب المعلم من العطاء؟ فالدورات التدريبية المتخصصة تكاد تنعدم، وإن وجدت فهي تنحصر في برامج من جهود مراكز التدريب التابعة لإدارات التربية والتعليم، وعلى أيدي زملاء لا ننكر جهودهم وحماسهم، وهذه البرامج غير معترف بها من قبل ديوان الخدمة المدنية، وهو المرجعية لكل موظف، وليست الملاحظات انتقاصاً من جهودهم، ولكن ما أقصده في كلامي وما أريد الإجابة عليه ما يلي: أليس للمعلم الحق في الاطلاع على أساليب تربوية جديدة من خلال مراكز خدمة المجتمع في الجامعات السعودية والمعاهد والمراكز الإدارية المتخصصة؟ أليس من حقه التفرغ للدراسة للحصول على شهادات وخبرات تربوية عالية مما يؤهله للإبداع أكثر؟ سابعاً: المعلمون والمعلمات من أكثر من يتعرض للظلم الاجتماعي، أنا لا أقول إنهم الوحيدون الذين يعملون بإخلاص، فهناك غيرهم الكثيرون والكثيرات ممن يتفانون وعلى جميع المستويات والمجالات، إلا أن الفارق أنهم يلقون الثناء والتقدير على المستوى الرسمي والاجتماعي، بينما المعلمون على العكس من ذلك فهم في نظر الكثير مذنبون دائماً، حيث تنكر جهودهم وتوجّه إليه سهام الاتهام عند أي عارض يحل بالمجتمع، وأنه وراء ذلك والمتسببون فيه، ابتداءً من ضعف المستويات الدراسية، والمخرجات التعليمية، مروراً بالسلوكيات الخاطئة لدى بعض الطلاب، وانتهاء بالإرهاب وتداعياته، وحينما نجد من يدافع عن رجال الأمن ورجال الحسبة وغيرهم وهم أهل لذلك نجد من يلوذ بالصمت عندما يكون المتهم من رجال التعليم، إلى درجة التخلي عنهم، حتى اضطر المعلمون إلى اللجوء إلى المحاكم الشرعية والجهات الأمنية لحمايتهم، بينما تقف الوزارة مكتوفة الأيدي، وفي موقف المتفرج مما يجري، وقد يؤنب المعلم ويلام على سلوك هذا الفعل، ولعل ما نشر في عدد الجزيرة 13790 بتاريخ الخميس 19 من رجب 1431ه الموافق 1-7-2010م، حول اعتداء طالبة على مراقبة، وتعليق مكتب التربية والتعليم بالبديعة على الموضوع بقولهم: (لا يتسنى لهم معاقبة الطالبة كونها طالبة منازل، أما في حال كانت منتظمة سوف يخصم منها 15 درجة من السلوك)، مما دعا المراقبة للذهاب للشرطة لأخذ حقها، والذين قاموا بدورهم فتم استدعاء ولي أمر الطالبة، فأين وقوف المسؤولين مع المراقبة؟!، والسؤال: هل طلبة المنازل تابعون لوزارات أخرى؟!، مع يقيني التام أن الاعتداء لو حصل من المراقبة تجاه الطالبة، لكان نصيبها من اللوم والتقريع وافراً، وقد يتجاوز ذلك فيتم تطبيق الكثير من الأنظمة الواردة في الحالات السلوكية عليها. ثامناً: تنعدم الحوافز المعنوية لدى العديد من منسوبي الوزارة، حيث يستكثر ذلك عليهم، ومن الأمثلة على ذلك الرعاية الصحية، فبينما يتمتع منسوبو القطاعات الحكومية الأخرى بما توفره وزاراتهم من خدمات صحية عالية، أو الاستعداد بمتابعة علاجهم لدى مراكز أخرى إذا تطلب الأمر ذلك، نجد المعلمون والمعلمات وللأسف الشديد يحتلون زاوية هامشية في هذا الشأن لدى الوزارة!، فالوحدات الصحية التابعة للوزارة لا تقدم من الرعاية إلا النزر اليسير ويكاد ينحصر دورها في إثبات مراجعة المعلمين لها ليثبتوا مرضهم ويأخذوا عذراً يقدمونه لمراجعهم، -ويشترط لذلك أن يكون تابعاً لإدارة التعليم التي ترتبط بها الوحدة، فليس هناك أي ترابط بينما-، وما سوى ذلك من الحالات المرضية فيتم تحويلها إلى المستشفيات التابعة لوزارة الصحة ولا شيء سوى ذلك، وليس هذا انتقاصاً من جهود وزارة الصحية، بل هي مقدرة ومشكورة، ولكن أين دور وزارة التربية والتعليم تجاه منسوبيها؟، علماً أن هذه الخدمات المقدمة من الوحدات الصحية على محدوديتها لا تشمل أسرة المعلم أو أبناءه ما لم يكونوا ملتحقين بالمدارس، ولقد طرحت فكرة إلغاء الوحدات الصحية نهائياً والتخلص منها وإلحاقها بوزارة الصحة لتكون ضمن مراكز الرعاية الصحية الأولية بحجة التخصص، بدلاً من تطويرها وتحويلها إلى مستشفيات مرجعية، وكأنه إقرار من الوزارة بمحدودية دورها. تاسعاً: تحمل الوزارة من خلال اسمها مهمتين شريفتين هما التربية والتعليم وهما مهمتان تتطلبان استعدادات كبيرة، ولكنها محصورة في المعلم فقط، فهو في نظر الوزارة من يستحق التربية وليس للطالب نصيب منها، وليس أدل على ذلك من التعاميم المتتابعة من لدن الوزارة وإدارات التعليم حول التأكيد على أمور تربوية بحتة هي من أساسيات المهنة، وكأن المعلم يجهلها، والتهديد والوعيد لمن يخالفها، بل الملاحظ هو ازدياد الدلال للطالب على حساب المعلم يوماً بعد يوم وعاماً بعد آخر، ولا أدل على ذلك من لوائح السلوك والمواظبة التي تشكل ميداناً رحباً للطالب لممارسة ما يحلو له دون رادع يوقفه عنده حده، فأصبح الطالب بناءً على مواد اللائحة يمارس ما يمارس وسيجد فيها ما يسنده ويبرر تصرفه ويحميه، وأخيراً صدور لائحة حقوق الطالب وكأن المعلم لا حقوق له. رياض بن إبراهيم الروضان - محافظة عنيزة