تبدو الخريطة السياسية وتحديدًا الاستحقاقات الانتخابية المقبلة في موقف لا يحسد عليه الساهرون على تنظيمها الذين شمروا على ساعد الجد وعملوا جاهدين على الإعداد لها في ظرف انتقالي غير مستقرة. فقد استجاب اثنان بالمائة فقد من التونسيين البالغين لدعوة السلطة التونسية المؤقتة وتولوا تسجيل أسماءهم في قائمة الناخبين وهم يؤكدون بذلك عزمهم التصويت في انتخابات المجلس التأسيسي المزمع إجراؤها يوم 23 أكتوبر المقبل.وموعد إغلاق باب التسجيل بالقائمات الانتخابية يقترب بخطى عملاقة. يبدو أن التونسيين لم يقتنعوا بأهمية الانتخابات المنتظرة ومدى قدرة صناديق الاقتراع على إفراز مجلس تأسيسي يعلق عليه المجتمع التونسي بكل أطيافه آمالاً كبيرة في تحقيق الاستقرار والقطع مع الماضي بكل ما يحمله من أوزار. ولعل الأحداث الدامية الأخيرة والمواجهات التي غطت عليها الغازات المسيلة للدموع وسقوط جرحى عديدين جراء تبادل العنف بين قوات الأمن والمحتجين في مختلف جهات البلاد وفرض حالة حظر التجول في أشد المناطق «حرارة»، كلّها عوامل جعلت أغلبية الناخبين يفضلون الانتظار والتريث قبل تسجيل أسماءهم بالإضافة إلى صعوبة الاختيار لحزب على آخر أمام تضاعف الجدل حول الممارسات والتمويلات سواء تعلق الأمر بهذا الحزب أو ذاك. من جهة أخرى تصاعدت وتيرة أعمال العنف والتخريب في تونس هذه الأيام لتأخذ منحى خطيرًا جدًا ستكون تبعاته على المجموعة الوطنية سيئة إن لم نقل كارثية بجميع المقاييس بلا شك. فقد قال مصدر مسؤول بوزارة الداخلية: إن مجهولين أقدموا في شمال البلاد على وضع شحنات ناسفة بخط أنابيب ينقل الغاز من الجزائر إلى إيطاليا ويمر عبر الأراضي التونسية. وأسفر العمل الإرهابي عن حصول انفجارين لم يؤثرا على سير العمل بالأنبوب الذي يمول الدول الأوروبية بنحو خمس وارداتها من الغاز الطبيعي. وهي المرة الأولى التي يتم استهداف هذا الخط مما يؤشر على دخول الاحتجاجات وأعمال العنف والتخريب التي طالت مؤسسات حكومية وأملاكًا شخصية مرحلة خطيرة قد تزيد من صب الزيت على النار ومن تأجيج الرأي العام وإدخال البلاد في متاهة هي في غنى عنها.