تطالعنا (الجزيرة) في كل يوم بمناسبات الزواج في أنحاء البلاد. ومشاركة مع هذه المناسبات البهيجة أقول: معلوم أن الزواج حلم كل شاب وفتاة، وأملهما بتحقيق السعادة، وبناء كل بيت على المودة والرحمة سبب في الاستقرار، والحب بين الزوجين خير لا يحتمل التأخير. سُئل رسول الله أي الناس أحب إليك؟ قال عائشة، ومن الرجال قال أبوها. وللحياة الزوجية حقوق وواجبات مشتركة، وجمال الهدية بمعناها لا بقيمتها؛ فهي تزيد في الحب وتنمي التقدير. يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «تهادوا تحابوا». وليعلم الزوجان أن الكمال متعذر، والخطأ وارد، ولا أحد معصوم، والاعتراف بالخطأ أجمل اعتذار «ما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً». رواه مسلم. لقد قيل «إذا أردت أن تعيش سعيداً لفترة وجيزة فانتقم، وإذا أردت السعادة الدائمة فسامح الجميع». ومعرفة الأمور المحبوبة بين الزوجين كسب للقلوب، والتغافل والتغاضي أحياناً سعادة وراحة، وحفظ أسرار الزوجية يعزز الثقة، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - «إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها» رواه مسلم. وتأمل هذه الرسالة الإيجابية التي وقعت من إحدى الزوجات: (وقع شجار بين زوجين، فجلست المرأة تبكي، وفي هذه الأثناء طرق أهل الزوجة الباب، وقد أتوا لزيارتها، فسألوها ما بها؟ فقالت: جلست أذكركم فبكيت وتمنيت لو أني أراكم، فسبحان الذي جمعنا، وكان الزوج يسمعها وهي تقول ذلك، فعظمت في عينه فزاد قدرها في قلبه لحفظها أسرار الزوجية، وأكرم أصهاره ثم اشترى لزوجته هدية ثمينة تقديراً لموقفها). والالتزام بالآداب الشرعية والمحافظة على الصلاة والسنن والأذكار، وتطهير البيت من المحرمات، وقصر النظر بين الزوجين وإشباع العاطفة، وإفشاء الإصلاح والحلم مع الصبر، والابتسامة وطلاقة الوجه تدخل القلب وتشرح الصدر، وكذلك فن الاستقبال واستشعار المسؤولية.. كل ذلك سر في استقرار الحياة الزوجية، وكذلك المناداة بين الزوجين للآخر بأطيب الكلام بما يؤنس ويفرح، وفي الحديث الشريف «الكلمة الطيبة صدقة» متفق عليه. وتذكر نعم الله وشكره يُحدثان رضا في النفس وطمأنينة. ومن الطبيعي التعرض لبعض ضغوط الحياة فمن المهم مراعاة ظروف كل واحد للآخر من أجل التسلية، والثناء المتبادل بما هو جميل يقرب القلوب، فهذه السيدة خديجة - رضي الله عنها - تسلي النبي - صلى الله عليه وسلم - «كلا والله ما يخزيك الله أبداً؛ إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق». وإذا قصرت اليد عن المكافأة فليطل اللسان بالشكر، وتجنب اللوم والعتاب والكلمات الجارحة سبب في تعزيز الصفات الحميدة، وليحذر الزوجان مما تبثه بعض المسلسلات من المثالية الكاذبة التي عكسها المشكلات والمنغصات، والتي تمثل الحياة الزوجية على أنها حياة شك وخيانة، ومرافقة الزوجة للسوق حماية ووقاية. لقد أثبتت دراسة أجريت على 500 عائلة قبل سنوات أن 53 % من الزوجات لا يرين أزواجهن إلا وقت الغداء والنوم. وقد راعى الإسلام الآداب المشتركة بين الزوجين في النظافة، كرائحة البدن والفم، والشعر والملابس، وتطهير ذلك بالسواك والفرشاة، والمعجون واللبان المعطر، كل هذا يزيد في جمال المظهر والمنظر. بارك الله لكل عروسين، وبارك عليهما، وجمع بينهما على خير. سعود بن صالح السيف - الزلفي