الأسرة نموذج يحتاج لكثير من العمل المنظم للوصول إلى ما هو مطلوب وناجح في خط مستقيم وخصوصاً في بداية الحياة الزوجية ومن بعد ذلك تسير الأمور حسب ما تم التخطيط له بتوفيق الله منذ البداية، حيث إن أي مشكلة تحدث يكون الوصول لحلها بطريقة أسهل وأفضل. ومن خلال هذا الموضوع نطرح بعض النماذج أو المفاتيح التي من الممكن أن تساعد على تحقيق السعادة الأسرية، فقد يكون هناك مفاتيح كثيرة حيث نجد أن كل فرد يعتقد أن هناك صفات تحقق السعادة حسب وجهات النظر ولا نختلف بذلك طالما ذلك يحقق السعادة الأسرية. السعادة هي جنة الأحلام التي ينشدها كل البشر؛ ولكن السؤال الذي حيّر الناس من قديم: أين السعادة؟؟ لقد طلبها الأكثرون في غير موضعها فعادوا كما يعود طالب اللؤلؤ في الصحراء صفر اليدين كسير القلب خائب الرجاء. نعم؛ لقد جرب الناس في شتى العصور ألوان المتع المادية، وصنوف الشهوات الحسية فما وجدوها تحقق السعادة. لقد بحث عنها قوم في المال الوفير والعيش الرغيد فما وجودها، وآخرون بحثوا عنها في المناصب العالية فما حصلوا عليها، وآخرون بحثوا عنها في الشهرة والجاه العريض فما ظفروا بها... لماذا؟ لأن السعادة شيء ينبع من داخل الإنسان يشعر به بين جوانبه فهو أمر معنوي لا يُقاس بالكم، ولا يشترى بالدينار والريال، بل هي صفاء نفس وطمأنينة قلب وراحة ضمير وانشراح صدر. إن الحديث عن السعادة الأسرية له مبرراته وأسبابه الكثيرة.. والتي منها: أولاً: كون الأسرة هي نواة المجتمع، وهي أصله وأساس سعادته... وهي للمجتمع كالقلب للبدن. إذا صلحت صلح المجتمع كله، وإذا فسدت فسد المجتمع كله... ثانياً: سعادة الأسرة لا تكون إلا بسعادة من فيها، وإذا لم تتوفر هذه السعادة عاش الإنسان منغصاً... حياة هم، غم، نكد، ضرب، شتم، سب، ومثل هذه الحياة عدمها أولى... قارنت بين جمالها وفعالها فإذا الملاحة بالقباحة لا تفي ثالثاً: الأسرة السعيدة تخرج للأمة أبناء أسوياء نافعين منتجين مبدعين، أما الأسر المفككة فغالب نتاجها - إلا ما رحم الله نتاج ناقم على المجتمع يريد أن ينتقم من كل من فيه. رابعاً: النسبة الكبيرة في الطلاق في مجتمعاتنا الإسلامية، والأعداد مهولة والتي تصل إلى 30% في بعض البلدان، ونسبة عالية منهم من المتزوجين حديثاً، فلو وجد هؤلاء السعادة فلماذا ينفصلون؟! ولو عرف هؤلاء كيف تدار الأسرة فلربما تخطوا كثيراً من المشاكل. خامساً: الجفاف الشديد في العلاقات الأسرية وخصوصاً بين الزوجين.. فبعد انتهاء الفترة الأولى وبعد وجود الأولاد تصير الحياة روتينية مملة خالية تماماً من عبارات الود وكلمات المدح. سادساً: السعادة الأسرية تعين على الطاعة، وتفريغ القلب للعبادة، وحسن الإقبال على الله، وهذا مقصد أو هو أعظم مقاصد الزواج. فإذا كان الذهن مشغولاً بالمشاكل لم يستطع أن يتعبد ولا يخلو بربه الخلوة المطلوبة ولا أن يعمل بالدعوة ولا أن يحصل علماً كل هذا بسبب مشاكل الأسرة وهموم الحياة الزوجية. وفي ذلك يقول الله سبحانه {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (سورة الروم: 21). سائلاً الله للجميع السعادة في الدنيا والآخرة.