الحمد لله على آلائه، والشكر له على نعمائه، وأصلي وأسلم على خاتم أنبيائه ورسله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه، وبعد: فإننا في هذا الوطن الغالي، والمملكة المعطاء بلد الحب والنماء، وموطن الفخار والإباء، نعيش نعماً متجددة، وآلاء متعددة، نتقلب فيها ليل نهار، وهذه النعم لا تنحصر في مجال، ولا تحصى بلغة الأرقام، أولاها وأتمها ما نتفيأ ظلاله من أمن وأمان، وتطبيق لشرع الله . وقيام بأصل الأصول، وأعظم المقاصد توحيد الله جل وعلا وإخلاص العبادة له، ثم ما نتقلب فيه من حكم راشد، وولاية حكيمة، يتصل فيها هدي الإسلام وحكم الشريعة منذ قيامها، ومروراً بتوحيدها على يد الملك المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل - طيب الله ثراه وجعل الجنة مأواه، وحتى هذا العهد الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - أيده الله وأمده بالصحة والعافية - الذي قادنا فيه إلى الريادة العالمية، وتحققت على يديه الإنجازات العظيمة التي يصدق عليها أنها إعجاز قياساً بالزمن، ومن آخر هذه الإنجازات ذلك الحلم الكبير الذي يخدم المرأة السعودية على وجه الخصوص، ويشكل مرتكزاً رئيساً لإسهاماتها الأكاديمية، واستقلال إنتاجها بما يؤكد مكانتها الشرعية في وطن الإسلام ومأزر الإيمان، ويحفظ لها حقها الوطني في أن تكون حاضرة في مجالات التنمية، تسهم بفاعلية، وتحقق أهدافها بتميز، وتشارك بقوة، جنباً إلى جنب مع شقيقها الرجل في صورة مشرقة، وإطار يؤكد الخصوصية التي تنص عليها سياسة التعليم في هذه البلاد الغالية، وتمكن المرأة من المشاركة دون عوائق أو حدود تذكر، نعم لقد كان يوم الأحد الثاني عشر من شهر جمادى الثانية عام اثنين وثلاثين وأربعمائة وألف من الهجرة يوماً تاريخياً في مملكة العطاء، يسطره التاريخ بأحرف من نور، وتحفظه الأجيال صورة من صور المنجزات النوعية التي يخلدها التاريخ، دشن فيه رجل التعليم الأول، وملك المبادرات النوعية، وقائد مسيرة الحوار والحكمة والسداد المليك المفدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - أيده الله وحفظه - أكبر مدينة جامعية للبنات على مستوى العالم لجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن بتكلفة جاوزت عشرين ملياراً بمقرها الجديد الذي يستقبل زورا الرياض، ويعكس ما تعيشة عاصمة هذه البلاد الطاهرة من تطور ونماء وتقدم وارتقاء، ويحمل بعداً مهماً في تأكيد دور المرأة، ومكانتها لدى ولاة الأمر عموماً وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -أيده الله وحفظه-، إنه إنجاز تاريخي، اختزل الزمن في فرة قياسية، وفي جهد دائب، وعمل متواصل تحمل لغة الأرقام مؤشرات القياسية فيه، من غاب عن الرياض هذه المدة التي أنشئت فيها ثم عاد فإنه لا يصدق ما ترى عينه، فهذه المدينة المتكاملة التي ضمت البنية الأساسية، والتجهيزات والمرافق التعليمية والخدمية والتي أقيمت على مساحة تبلغ ثمانية ملايين متر مربع، تضم خمس عشرة كلية، ومراكز أبحاث ومدناً سكنية، ومدارس ومرافق ومستشفى تعليمياً، وشبكة قطارات آلية، ومباني إدارية وغيرها كل ذلك تم في وقت قياسي، لم يتجاوز سنتين منذ بدء العمل الميداني، حقاً إنه إنجاز إعجاز، يحكي همة الأبطال، وإرادة الأفذاذ من الرجال، ويؤكد أننا في عصر التعليم العالي، وأن هذا العهد الميمون هو عهد استثنائي لرجل مخلص محب لوطنه وشعبه، جعل رضا الله غايته ومسؤولية الوطن ورفاهية المواطن ومصلحة الشعب فوق كل اعتبار، ولذا فإنني كمواطن شرفه الله بالانتماء إلى وطن الحب والخير، وكمسؤول كلفني ولاة الأمر -أيدهم الله - بالمسؤولية عن إحدى جامعات هذا الوطن الغالي أغتنمها فرصة عبر هذه المشاركة لأقدم التهنئة القلبية الخالصة، والدعوات الصادقة لمليكنا المفدى رجل التعليم الأول خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بهذا الإنجاز النوعي، والمعلم الحضاري، والواجهة المميزة لعاصمة مملكتنا الحبيبة، والجامعة النسائية التي حظيت من مقامه الكريم بالتسمية المباركة، ثم نالت الاهتمام والدعم بل والإشراف المباشر منه -أيده الله- حتى استوت على سوقها، واكتمل عقدها وبناؤها، وأصبحت واقعاً حياً يشهد بما ناله الوطن بعامه، والتعليم العالي بخاصة، وتعليم الفتاة السعودية بصورة أخص من مقامه الكريم -أيده الله- فهنيئاً لنا بقيادتنا الحكيمة، وهنيئاً للوطن بهؤلاء الأماجد الأفذاذ الذين لا يرضون للمملكة العربية السعودية إلا الصدارة والريادة العالمية، ولا لمواطن هذا البلد المبارك إلا أن يكون محل الثقة والتقدير، والاحترام من الجميع. والمنجزات الحضارية تتوالى وهي بحجم هذا الطموح العالي، والتميز الوطني المنشود، والمثالية التي تتطلبها مواكبة العصر والتحديات المحلية والعالمية، ولا يختلف اثنان على أن هذه المنجزات التنموية، والمكتسبات الحضارية التي أنيطت بما هو أساس التطور والارتقاء، ومعيار الحضارة والبناء، التعليم العام والتعليم العالي الذي يعد الاهتمام به والارتقاء بأدواته وأساليبه شاهداً على مدى ما وصلت إليه أي أمة من الأمم، والتعليم العالي على وجه الخصوص، وتجهيزاته وبناه التحتية وبيئته المكانية وغير ذلك في أولى الأولويات، وأهم المهمات، وهو سبب ازدهار الحضارات، وقيام المطالب العالية، وتحقيقها في شتى المسارات. وإدراكاً من قيادتنا الحكيمة، وولايتنا الفذة، وإمامنا العادل، ومليكنا المحبوب لهذه الأسس فقد كان أكبر منجزاته في عهد الميمون، وأعظم اهتماماته دعم مسيرة التعليم العالي، وتوفير فرص الالتحاق بالجامعات لكل مواطن ومواطنة على هذا الثرى المبارك. ومن يستقرئ هذه السياسة الحميدة، والمنهج المتميز يترسم في طياتها اهتماماً يُستشرف من خلاله مستقبل واعد، وأمل كبير في الله جل وعلا أن تدرك المملكة بقيادتها طموحات بعيدة، وترتقي إلى مصاف العالمية، وتصبح جامعاتنا الواعدة مقصداً وموئلاً، ومثالاً للتقدم في كل مجال وما ذلك على الله بعزيز. وفي مثل هذه المناسبة يلذ الحديث ويطيب لنتذكر أبرز منجزات إمامنا قياماً بحقه، ووفاء بواجبه علينا، وتذكيراً بما ناله التعليم العالي من اهتمام فهذه الجامعة الواعدة التي دشنت منه -أيده الله- هي من الإضافات المهمة التي باركها خادم الحرمين الشريفين -يحفظه الله- وأكمل بها مسيرة سلفه من الملوك الميامين، والحكام المصلحين، يكتمل بها عقد الجامعات السعودية وتؤكد الاهتمام الكبير بزيادة عدد الجامعات السعودية، فيصح لنا أن نقول: إن هذا زمن التعليم العالي السعودي، فقد منَّ الله على مليكنا وولي أمرنا، ووفقه للتوسع في هذا المجال، بنظرة واعية، وخطط مدروسة، فبعد موافقته -أيده الله- الأخيرة على إنشاء أربع جامعات جديدة في الدمام والخرج، وشقراء والمجمعة يصبح عدد الجامعات السعودية اثنين وثلاثين جامعة، أربع وعشرين منها حكومية، وثماني جامعات أهلية، وبين الحكومية ست عشرة جامعة جديدة كلها في عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ألا ما أعظمه من منجز، وما أجدره بالفخار والعز والشرف، سيبقى في ذاكرة الأجيال، وستسطره الأيادي بأحرف من نور، وليس التطور هذا كمياً فحسب، بل هو نوعي في ذاته وأدواته، فهذه الجامعة العظيمة انتهت ودشنت في موقعها المتميز في فترة قياسية، وهناك مدن جامعية تحت الإنشاء، والعمل فيها يسير بخطى حثيثة، لاستكمال هذه الأسس التي تعد منطلقاً رئيساً، وبيئة خادمة لهذا التطور النوعي، وهذه الزيادة وفرت فرص التعليم، وساعدت على استيعاب الأعداد المتزايدة، ووسعت الدائرة ليجد كل مواطن ومواطنة في أي مكان هذه الفرصة متاحة بأيسر طريق، وأسهل أداة، مما ساعد على استيعاب أزمة القبول التي تنشأ كل عام، ورغم أن عدد الجامعات تضاعف إلا أن هذه الزيادة لم تؤثر على نوعية التعليم العالي أو أدواته أو أساليبه، فدعم المليك، ورعايته، وحرصه -أيده الله- على الارتقاء، والتطور يشمل كل هذه الجوانب فالحمد لله على فضله. وتتصل التهنئة لبقية ولاة أمرنا بهذا الإنجاز الإعجاز، ولعموم الشعب السعودي الوفي، الذي يرى تتابع هذه المنجزات العملاقة التي سيكون لها أعظم الأثر في مسيرة التنمية التربوية والتعليمية. وأغتنمها فرصة أيضاً لأقدم التهنئة لأخواتنا وبناتنا منسوبات جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، وعلى رأسهم معالي مديرة الجامعة الدكتورة: هدى العميل، ومعالي المديرة السابقة الأميرة: الجوهرة بنت فهد، وكافة الوكيلات والإداريات وعضوات هيئة التدريس، ومنسوبات الجامعة، وأذكرهن بأن هذه نعمة من أجل النعم، وأبلغ دليل على عناية دولة الكتاب والسنة بالمرأة السعودية لكي تتبوأ المكانة اللائقة بها، التي كرمها بها الإسلام وجعلها شقيقة الرجل في دائرة المسؤولية والمشاركة والثواب والعقاب، فهي أصل المجتمع، ورافد الخير، ومنبع الحب، ومصدر القوة والإرادة، وما هذه الجامعة العملاقة بهذه التسمية المباركة التي اختارها ملك الحكمة والسداد خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- إلا شاهٌد على هذا الدور الرائد، فكلنا يعلم من هي الأميرة: نورة بنت عبدالرحمن الفيصل؟ كبرى شقيقات الملك عبدالعزيز تلكم المرأة التي كان لها دور عظيم في شحذ همة الملك عبدالعزيز، ومضاء عزيمته في استرداد الرياض، ثم كان لها دور كبير بعد الاسترداد والاستقرار، وكانت من المؤثرات جداً في حياة شقيقها -يرحمهما الله-، وحظيت بما لم تحظ به امرأة أخرى حتى كان الملك عبدالعزيز يعتزي بها في الملمات، ويردد «أنا أخو نورة»، وتقديراً لشخصيتها الفذة، ودورها الكبير، وعلاقتها الحميمة التي أثمرت ثمرات جليلة في واقع الحياة الخاصة والعامة اختار خادم الحرمين الشريفين أن يكون اسمها بصمة مميزة في عالم التعليم العالي المتعلق بالمرأة السعودية، إنه تكريم وتقدير واعتراف، وتذكير للأجيال الحاضرة بأن هذا قدر المرأة ورسالتها أن تكون وراء المنجزات العظيمة، ومن هنا فالمرأة مطالبة -وهي قادرة- على أن تكون على قدر التحدي والمسؤولية، وأن تثبت عبر الأيام مدى الإسهام النوعي الذي يمكن أن تقدمه للوطن وللأجيال الحاضرة والمستقبلة. فما بذله ويبذله خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- يجعل مسؤوليتها مضاعفة، أن تستثمر هذه الجهود، وتغتنم هذه الفرص، ونتفاعل مع هذه الجهود والإنجازات كل بحسب مسؤوليته، وموقعه في المسؤولية، لتكون المخرجات والثمار تليق بحجم هذا الدعم والاهتمام، ولتكون هذه الانطلاقة بإذن الله قفزة هائلة، وتحولاً تاريخياً يعد بمقياس الزمن من أعظم الإنجازات التي نحتسب على الله أن يكون مليكنا يدخل بسببها فيمن أخبر عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنهم خير الناس لأنهم يسعون فيما يدوم نفعه للناس، ونسأل الله عز وجل أن يحقق الآمال والطموحات، ويكتب النجاحات المتوالية لهذه الجهود المباركة، وبعد: فإن من حق مليكنا على كل مواطن شرف بالانتماء إلى هذا الوطن، ونعم بهذه النعم الوافرة، والخيرات المتدفقة، وعاش إنجازات التعليم العالي، ورؤية المليك المفدى فيه وحكمته وحنكته أن يلهج بالثناء لله عز وجل أولاً، فهو الذي منَّ على إمامنا ومليكنا، واختصه بهذه النعم، وهو الذي سدده بهذه المواقف السديدة، ووفقه لهذه الإنجازات العالمية، والمساهمات الفاعلة المؤثرة، وأن يمحض الدعاء الصادق له، أن يتم سبحانه عليه نعمه، ويسبغ عليه فضله، ويكلأه برعايته، ويجعل هذه الإسهامات في موازين حسناته، ويدخر له أجزل المثوبة، وأعظم الأجر في الآخرة، والله المسؤول أن يحفظ علينا ديننا وأمننا، وقيادتنا، وأن يجعل أعمالهم زاداً لهم إلى رضوان الله وجنته، إنه سميع مجيب. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. مدير جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية