الحمد لله على آلائه، والشكر له على نعمائه، وصلى الله وسلم على خيرة أصفيائه، محمد وآله وأصحابه ومن اقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وبعد، فنحن في جامعتنا العريقة جامعة المؤسس الإمام محمد بن سعود الإسلامية نعيش عصرًا ذهبيًا، ومواقف من القيادة الحكيمة وعلى رأسهم ملك الحكمة والإنسانية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز، والنائب الثاني الأمير نايف بن عبدالعزيز - أدام الله علينا نعمة ولايتهم - في تعليم الفتاة السعودية تضاف إلى سجلها الخالد في دعم مسيرة التعليم العالي، ومن الأيام المشهودة، والمناسبات السعيدة والموافقات الحميدة في تأريخ الجامعة مناسبة غالية لها دلالاتها العميقة وأبعادها المؤثرة في مسيرة الجامعة، خصوصًا في تعليم الطالبات لأنها إشادة ووسام شرف يتحدث عن نقلة نوعية، وأعمال دؤوبة وجهود مخلصة توجت بهذا الوسام المشرف، وقسم الطالبات في الجامعة يكتسي أبهى الحلل، ويتّشح بوسام الفخار والعز والشرف، ويرى في هذه المناسبة مسؤولية مضاعفة، يدلف بها إلى عالم الجودة والنوعية، إنها امتداد للمكرمات الملكية، والعطاءات المتوالية، والمبادرات النوعية التي تجسّد اهتمامات ملك الإنسانية، ورؤيته العالمية في هذه الجامعة العريقة الشامخة، وثقته -أيده الله- بما تؤديه الجامعة من أدوار ريادية شهدت بها المنجزات النوعية، والقفزات التطويرية، والإسهامات التي جسّدت بها رؤية الجامعة ورسالتها، وأهداف القيادة فيها، هذه المناسبة العزيزة الغالية هي: تلك الموافقة السامية من مليكنا المفدى وإمامنا المسدد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - زاده الله عزًا وتمكينًا وتوفيقًا وتسديدًا - على ما رفعته الجامعة من طلب التشرف بإطلاق اسمه الكريم على المدينة الجامعية للطالبات ليصبح مسماها الرسمي: «مدينة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الجامعية للطالبات بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية»، لتكون هذه الموافقة نقطة انطلاق للمدينة الجامعية للطالبات إلى تميز ورقي ومشاركة مؤثرة وإسهام نوعي، ومشاركة مثالية في تحقيق تطلعات القيادة الرشيدة في تعليم الفتاة السعودية، وقد جاءت الموافقة السامية والمكرمة الملكية بعد أن قطعت الجامعة أشواطًا بعيدة، وتميزت في مخرجاتها النسائية، وخرجت دفعات متتالية من وحدات الجامعة وكلياتها من الفتيات، استفدن من التخصصات المختلفة، وقدمن عطاءات للوطن من خلال إسهامهن في المسيرة التنموية لبلادنا الغالية، وتوالى دعم قادتنا الأوفياء، وحكامنا الميامين، ليخصص للطالبات الجزء الغربي من الجامعة، وتُنشأ مدينة للطالبات على أحدث المواصفات، وأمثل المعايير العالمية بما يراعي الخصوصية ويوفر البيئة المثالية سواء من حيث التجهيزات أو التقنيات أو الخدمات أو غيرها، على مساحة تبلغ أكثر من 600 ألف متر مربع، وتشتمل المنطقة بعد اكتمالها على ستة مبانٍ تعليمية، والمبنى المركزي الذي يضم بهو الطالبات والمباني التعليمية المساعدة والخدمات، وقد روعي في تصميم المباني توفير الخصوصية التامة للطالبات، كما هيئت المباني بجميع الوسائل الحديثة لتوفير البيئة التعليمية المثالية، وقد ربطت المنطقة التعليمية للطالبات بالمنطقة التعليمية للطلاب من خلال شبكة اتصالات إلكترونية تُيسر نقل المحاضرات وجميع الفعاليات والأنشطة التي تتم في المنطقة التعليمية للطلاب إلى منطقة الطالبات، وتحتوي المنطقة على مبنى للمكاتب الرجالية ومبنى لاستقبال ذوي الطالبات، كما روعي في المنطقة الأخذ بالنواحي التخطيطية المناسبة للنواحي الوظيفية والبيئية وظروف الموقع، وعند اكتمال هذه المدينة فإن قدرتها الاستيعابية تتسع لما يربو على 45 ألف طالبة، وقد أوكل التنفيذ إلى مؤسسات وطنية ذات خبرات عالية في التنفيذ والصيانة، وذلك على مراحل، كل مرحلة تستغرق زمنًا محددًا، وقد تم الانتهاء من المرحلة الأولى والثانية والثالثة، وسيكون الانتقال إلى المدينة الجامعية للطالبات بالتدريج، بحيث تبدأ الدفعة الأولى الدراسة في المقر الجديد مع بداية الفصل الدراسي الثاني من العام الجامعي 1431ه- 1432ه ثم يتوالى بعد ذلك، والعمل جارٍ على قدم وساق للإنجاز مع الإتقان والإبداع والتميز في التصميم والشكل والإنشاءات، وقد هيأت القيادة الرشيدة كل الاعتمادات اللازمة، وحظيت هذه المشاريع بكل ما يحقق الانتهاء منها قبل المدة المحددة في العقود، وقد بدت المظاهر العمرانية تكتمل، وأصبحت من المعالم الحضارية التي تستقبل زائر الرياض من بعيد، ومن هنا فهذه النقلة في البنية التحتية، وتوفير هذه المباني التي تضاعف الطاقة الاستيعابية أمر يعد تميزًا نوعيًا، يقف وراءه كمنجز حضاري لوطن العطاءات الدعم اللامحدود، والعطاء المشهود من القيادة، فالتسمية الكريمة شهادة للتأريخ برجل التعليم العالي، الذي يقف خلف كل إنجاز. إن هذه المكرمة الملكية التي تأتي تتويجًا للجهود التي بذلتها الجامعة في تعليم الفتاة السعودية تعد من أعظم الدواعم والدوافع لانطلاقة علمية وعملية في تطوير تعليم الطالبات في هذه الجامعة العريقة لتحقيق ما يصبو إليه خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- في هذه الجامعة، وإن هذه الموافقة السامية على التشرف بهذه التسمية الكريمة لتعد مصدر فخر واعتزاز، ومبعث سعادة لجميع منسوبي ومنسوبات هذه الجامعة، وتاج فخار توجت به مرحلة من مراحل إنجازات الجامعة في تعليم الفتاة، ونرى في هذه التسمية دلالات مهمة وإشارات كبيرة، ومعالم رئيسية في مسيرة الجامعة في تعليم المرأة أهمها وأبرزها: أنها تشريف للجامعة عمومًا ولمنسوباتها خصوصًا، وشهادة لها وزنها من قائد التعليم العالي، وإشادة بهذه الجامعة العريقة، وتأكيد للأدوار التي أدتها في تأهيل وتعليم وتدريب الفتاة السعودية. كما أن من دلالتها ما يحتله التعليم والتعليم العالي خصوصًا من مكانة في اهتمامات مليكنا المفدى، ورؤيته التطويرية فيه، إذ إن من المسلمات والثوابت أن الارتقاء والنهوض بأي أمة لا يمكن إلا إذا كان التعليم والبحث العلمي دعامة أساسية له، وهذا ما قامت عليه مملكة العلم والحضارة، فهي منذ عهد المؤسس المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود -رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته- وإلى هذا العهد المبارك عهد خادم الحرمين الشريفين ملك الإنسانية جعلت قضية التعليم القضية الأولى، ورأت أن هذا هو الاستثمار الأمثل، وهو الوسيلة المثلى للحفاظ على الهوية، والنهوض والتطور مع الحفاظ على الأسس والثوابت، فأثر هذا الهم نقلة نوعية مميزة في مسيرة التعليم العالي، وتجسّد هذا الاهتمام في حضارة علمية، بل وإبداعية لم تشهدها مملكتنا منذ قيامها بل ومنذ تأسيسها، ولذا يحق لنا أن نفخر بأن هذا عهد التعليم العالي، والبناء الحضاري، والإسهام المميز، الذي سيبقى في ذاكرة التأريخ، وتتداوله الأجيال جيلاً بعد جيل. ومن دلالتها التأكيد على أهمية مشاركة المرأة في مسيرة التنمية، وضمان حقوقها كاملة في مسيرة العلم والتعليم، انطلاقًا من نصوص الكتاب والسنة التي حفظت لها كرامتها، وحمت حقوقها، وبينت مكانتها، فهي شقيقة الرجل، والخطاب الشرعي يشملها، بل بلغ تشريفها وتكريمها أن أنزل الله فيها سورًا تخاطبها وتبين أحكامها، فعناية القيادة الرشيدة بتعليم المرأة، ودعم مسيرة مشاركتها في مثالية رائعة، وتجارب فريدة تمكنها من الإسهام في كل المجالات والتخصصات التي تتناسب مع طبيعتها لا شك أنه تأكيد لهذه المكانة الشرعية، ومن هنا لا عجب أن تحتضن الجامعة مدينة لا تقل في تجهيزاتها ومتطلباتها وبيئتها الأكاديمية عما تم توفيره للرجل. إن الموافقة السامية الكريمة على هذه التسمية المباركة سيكون لها الأثر الإيجابي في تعزيز دور الجهة المختصة بتعليم الطالبات في الجامعة، ونستشرف في مستقبلها أن تكون دفعة قوية لتميز المدينة الجامعية للطالبات في أدائها وقوة في مخرجاتها، ولذلك فنحن مع شعورنا بالفخر والاعتزاز إلا أننا نستشعر مع ذلك عظم المسؤولية، وثقل الأمانة التي نسأل الله أن يعيننا على أدائها كاملة موفورة، محققين فيها تطلعات ولي أمرنا ومليكنا المفدى -أيده الله-، وسنعمل جاهدين، وبالله مستعينين، وعليه متوكلين، ثم بما عهدناه من دعم ولاة أمرنا وتأييدهم معتمدين لدفع هذه المدينة الجامعية ودعمها بكل الكوادر والطاقات، وتوفير كل ما يمكِّنها من أداء رسالتها، وتحقيق أهدافها بكل قوة وتميز، ولن ندخر وسعًا في استقطاب الكفاءات، وتذليل الصعوبات التي تعترض مسيرتها، لتكون وجهة لكل المميزات، ولتقدم ما يليق بالجامعة، وبالمدينة على اعتبار هذا الشرف حيث حملت اسم رائد التعليم العالي، وملك المكارم، وكما بدأت الطالبات في الجامعة بمستوى عالٍ مشرف من التفوق فإن دورها الآن أن تجعل هذا المستوى سقفًا أدنى مما تطمح إليه لتحقيق أعلى المستويات، وتقدم المنجزات النوعية. وكلمة وفاء في حق مليكنا المفدى صاحب الأيادي البيضاء، والمكرمات المتوالية، والعطاءات المتدفقة، إذ إن هذه الموافقة إحدى صور الدعم اللامحدود، والعطاء المتدفق من مقامه -أيده الله-، كيف لا وهو من جبله الله على الخلال التي تجعله قريبًا من شعبه، حبيبًا إلى قلوبهم، لم يتردد في أي شأن يحقق لهم مصلحة في دينهم أو دنياهم، فلتهنه -بإذن الله- الخيرية الموعودة في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم»، ونحتسب على الله أن يجعله في زمرة المقسطين الذين قال فيهم صلى الله عليه وسلم «إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن عز وجل وكلتا يديه يمين الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا»، والحمد لله الذي أكرمنا بهؤلاء الرجال الأوفياء، والقادة الأماجد. وبعد: فإننا نستشرف في هذه المدينة بأن تكون من المدن المثالية للطالبات، وأن تجد أخواتنا وبناتنا فيها ما يحقق لهن الطمأنينة والسعادة والراحة، واستكمال الدراسة الجامعية والدراسات العليا في أمثل بيئة، ويتحقق لهن الهدف بأقصر طريق وأوفاه. ونسأل الله أن يحقق لهذه المدينة الخير والنفع والإسهام الفاعل في خدمة المرأة السعودية حتى تتحقق الصورة المثالية التي يسعى إليها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -يحفظه الله-، ولا يسعنا في الختام إلا أن نرفع أسمى آيات الشكر والتقدير والامتنان والعرفان لمقام خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- على هذه المكرمة الغالية، ونسأله سبحانه أن يديم عليه نعمه ويسبغ عليه فضله، ويكلأه برعايته ويحفظه بحفظه، ويشد أزره بولي عهده، والنائب الثاني، ويطيل في أعمارهم على الطاعة والإيمان، كما نسأله أن يحفظ على بلادنا أمنها وإيمانها. إنه سميع مجيب. * مدير جامعة الإمام.