بالأمس تلقيت رسالة علي بريدي الإلكتروني من صديق ليبي قديم تربطني به صداقة قوية جداً وكان ضمن الوفد الدبلوماسي في السفارة الليبية بالرياض قبل أن تنتهي فترة عمله بالسفارة ويغادر إلى بلده الحبيب ليبيا. كان صديقي أبو زايد يحمل الكثير من الطموحات والآمال والأحلام لبلاده ليبيا... وكان يعشق زعيمه (القذافي) حتى أنه أخبرني بأشياء في بداية الأمر اعتقدت أنه يقولها لأنه موظف في السفارة ومطلوب منه أن يصف القذافي بصفات العظمة والثقافة والتواضع وحب الشعب له... حتى أنه أبلغني أن الأخ القائد لديه مكتبه في إحدى خيامه اتخذها كمكتبة له ولأبنائه تحتوي على (50) ألف كتاب ويقسم لي أبو زايد أن الأخ القذافي قرأ هذه الكتب ثلاث مرات إن لم تكن أكثر... وقبل أن يسافر أبو زايد إلى ليبيا دعاني إلى منزله لتناول الطعام الليبي وقد ذبح لي (بعيرا) وأبلغني أن كرم الضيافة في ليبيا يفوق كل الدول العربية بما في ذلك السعودية حيث إن السعوديين يكرمون ضيوفهم بالماعز والخرفان والأبقار أما الليبيون فهم يكرمونه بسفينة الصحراء. في هذه الليلة الليبية أهداني صديقي أبو زايد ثلاث هدايا، الأولى الكتاب الأخضر وحرص أن أقرأ وأحفظ كل كلمة منه لأنه أفضل كتاب صدر في القرنين العشرين والواحد والعشرين. أما الهدية الثانية فقد كانت صورة الأخ القائد القذافي والثالثة كانت لشيخ المجاهدين عمر المختار. باختصار كنت أتوقع بعد قيام الثورة الليبية ضد القذافي أن أشاهد أبا زايد ضمن الفريق الذي بجانب القذافي خصوصاً وأنه كاتب وإعلامي ووجه تليفزيوني وأديب ومؤلف... إلا أن العجب كل العجب أن أبا زايد انضم كغيره لجانب المحتجين والثوار لا ليحارب القذافي بالسلاح بل بالإعلام بالكلمات والعبارات والمقالات حيث انضم إلى الفريق الإعلامي في المجلس الوطني وقام بتحرير أول صحيفة في ليبيا تحت اسم (المنتصرون) وبدأ في تحرير زاوية يومية تحت عنوان (قذافيات... معمر القذافي) والتي أرسل لي نسخة من زاويته أردت أن أشرك قراء صحيفتنا الغراء الجزيرة بشيء منها: يبدأ أبو زايد قذافياته بهذا الدعاء: «اللهم اقذف القذافي بقذيفة مقذوفة في مقذفة التاريخ». ويستمر أبو زايد في قذافياته بنقل بعض أقوال القذافي إلى مرتزقته حين قال: «قدمت استقالتي أيها الإخوة من عدة مرات من قيادتكم، لكني كرئيس لثورتكم لم أقبل الاستقالة... ومن أقوال القذافي الموضحة في الكتاب الأخضر: «لا رجوع إلى الأمام... والذين ماتوا أو قتلوا أنفسهم في المظاهرات ضد نظامي سوف يندمون أشد الندم وإلى الأبد... وهذه مقتطفات من خطاب القذافي وهو يخاطب شباب ليبيا والذي لم يفهمه أحد لأنه بلغة قذافية مشفرة يقول فيها: «أيها الشباب أين كنتم أنتم من نحن وهم وهن؟ بهب سفح كية جقر شهت سها ينخمك جردان الامبريالية التوسعية، وين كانوا وكنا وكن مهما صار وحصل فالقيادة منتبهة وليست نعسانة أو مخدرة في جراثيم المستنقعات البحرية والبرية والجوية في محافل الدول اللا منتمية في بحر الغرام والانتماء... والسلام عليكم. وفي خطابه في يوم الاحتفال بعيد الجيش قال القذافي: «أيها الليبيون الأشاوس والأبالسة والشياطين والقردة.. إن الليبين الذين قرأوا كتاب قائدهم (الكتاب الأخضر) لا بد أن يتحالفوا مع إخوانهم الليبين الذين لم يقرأوا الكتاب علشان ليبيا تنتصر في النهاية على كل ليبي لم يقرأ الكتاب... ويؤكد القذافي في أحدث مذكراته: «أن السبب الأصلي لارتفاع الطلاق في ليبيا هو الزواج... ولو تخلى الليبيون عن فكرة الزواج لتقلصت حالات الطلاق.. وحين سمع القذافي أن أحد قادته تعرض إلى غيبوبة... ذهب للبحث في الخريطة لمعرفة المسافة التي تبعد طرابلس العاصمة عن الغيبوبة... ومن أطرف أقواله: اخرجوا الليلة وارقصوا وغنوا وفرفشوا في كل قرية وحي وبيت وزنقة ابتداء من الغد»... أخيرا يقول أبو زايد في قذافياته، منظمة المحششين بلا حدود والتي تطالب القذافي بالإفصاح عن نوعية المخدرات التي يتعاطاها لكي يعمموا على جميع الأعضاء بالابتعاد عن تعاطيها لأنها تحيل المتعاطي إلى جنون العظمة والتي أصيب بها القذافي... بالفعل أضحكني صديقي الليبي أبو زايد في نهاية رسالته وهو يطلب مني طلبا مهما جدا... فقلت له: أبشر غالي والطلب رخيص... قال: «ألا زلت تحتفظ بالهدايا التي أعطيتك إياها؟؟ فقلت له اطلب؟ قال: مزق الكتاب الأخضر وكسر صورة القذافي بل مزقها قطعة... قطعة... واحتفظ بشيخ المجاهدين الذي اتخذنا عبارته شعارا لثورتنا: «نحن لا نستسلم... ننتصر... أو... نستشهد!!!!