فاصلة: {لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} -سورة المائدة آية 48- ما الذي يحدث في معرض الكتاب الدولي بالرياض؟ دول العالم تعتبر معارض الكتاب فرصة لتناقح الثقافات والحضارات عبر تظاهرة ثقافية تنظمها، بينما يعتبره البعض فرصة للوصاية الفكرية وتشويه الصورة الذهنية لبلادنا. ميزانية ضخمة تخصصها الدول لتشكيل صورة ذهنية غير نمطية عنها بينما نحن نهدر الأموال وعبر ملتقى يجمع المثقفين من مختلف بقاع العالم نعطي الآخرين صورة سيئة لديننا وثقافة مجتمعنا. هل كلنا مثل هؤلاء المتشددين الذين يتهجمون على أصحاب دور النشر أو الزوار بحجة واهية هي النهي عن المنكر!! كل ضيف عربي في معرض الكتاب الدولي سيشكل معرفته بالمجتمع السعودي من خلال وجوده لأيام في المعرض... من خلال تعامل وزارة الثقافة والإعلام ومنسوبيها معه... زوار المعرض.. من يتعامل معهم في مقر سكنه المؤقت، فأيّ صورة للأسف نقدمها للآخرين عن بلد لا تستحق منا أن نصورها بهكذا صورة!! لا يمكن لبعض أفراد معدودين لا يتبعون لأيّ جهة رسمية أن يتجرؤوا بفرض وصاية على أفكار الناس حتى يصل بأحدهم العنف أن يمنع زائراً للمعرض من شراء كتاب يريده لأنه يعتقد أن الكتاب مخالف لمعتقداته. من أين أتى هؤلاء بالسلطة وفرض الوصاية الفكرية على الآخرين. حتى الجهة الرسمية المخولة بتنفيذ مهمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يحق لها فرض وصاية فكرية على الناس إنما مهمتها تنفيذ منهاج ديننا السمح في النصح بالتي هي أحسن فكيف يتجرأ من لا مرجعية رسمية لهم بالقفز على حرية الناس في التفكير!! إذا كان الله تعالى في كتابه الحكيم يقول {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ} فأعطى لعباده حرية الإيمان به فكيف نتجرأ على الله فنصنف الناس حسب أهوائنا ونسمح لأنفسنا أن نكون قضاة نحاكم الناس في معتقداتهم. صحيح أن في منهاج ديننا التناصح والنهي عن المنكر لكن لذلك وسائل أساسها اللين والسلم وليس الشدة والعنف. والذين يؤيدون منهاج العنف في النصح باسم الدين ألا يعرفون سبب نزول الآية {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} وإنها نزلت في رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف يقال له: الحصين، كان له ابنان نصرانيان، وكان هو رجلاً مسلماً فقال للنبي: ألا استكرههما فإنهما قد أبيا إلا النصرانية؟ فأنزل الله فيه ذلك. لم يعد بالإمكان إلا تضع الجهات الرسمية حداً لفوضى لا تشبهنا كمجتمع في الأصل هو مجتمع سلمي منفتح للتغيير. [email protected]