بمناسبة تدشين مصرف الإنماء برعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز أمير منطقة الرياض، وبعد تدشين المصرف عدداً من خدماته المتميزة والرائدة على مستوى المنطقة، ولاطلاع القارئ على فكرة المصرف وكيف كانت بداياته وما أهدافه والدور الذي ينبغي أن يلعبه في المملكة، التقينا العضو المنتدب و الرئيس التنفيذي للمصرف عبد المحسن بن عبدالعزيز الفارس؛ ليسلط الضوء على هذه الجوانب وغيرها من خلال الحوار الآتي: * مصرف الإنماء، كيف كانت الفكرة؟ وما شكل العلاقة بين الاسم والدور الذي سيلعبه المصرف على صعيد العمل التنموي؟ بدأت فكرة «مصرف الإنماء» بتوجيه سام من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه بإنشاء مصرف يكون له دور رئيس في دعم التنمية الاقتصادية في المملكة، ويقوم على تأسيسه ثلاث مؤسسات من أهم وأكبر المؤسسات العامة في المملكة، هي: صندوق الاستثمارات العامة، والمؤسسة العامة للتقاعد، والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية. وقد اجتمعت المؤسسات الثلاث بخبراتها ومراكزها المالية لتهيئ للمصرف الأرضية الجيدة التي يقف عليها؛ ليكون واحداً من أكبر المصارف في المنطقة. وسوف يكون بإذن الله إضافة مميزة للقطاع المصرفي في المملكة العربية السعودية؛ وذلك لدوره في تلبية احتياجات المستثمرين والمدخرين من خلال تقديم حلول مالية متوافقة مع الأحكام والضوابط الشرعية. ووجود مصرف بحجم «الإنماء» سيؤدي إلى رفع كفاءة القطاع المصرفي، خصوصاً فيما يتعلق بتلبية الاحتياجات من الخدمات والمنتجات المتوافقة مع الضوابط والأحكام الشرعية. ومصرف الإنماء قادر - بإذن الله - على توفير احتياجات المستثمرين بشكل يتناسب وتطلعاتهم. * ما أبرز الخدمات المصرفية التي يقدمها مصرف الإنماء؟ يزاول مصرف الإنماء الأعمال المصرفية والاستثمارية كافة وفقاً لأحكام وضوابط الشريعة الإسلامية، وتتمثل أغراض المصرف في ممارسة الأنشطة المصرفية المختلفة، سواء للأفراد أو الشركات، كفتح الحسابات بالريال والعملات الأخرى، وتقديم خدمات التمويل والتسهيلات المالية، وكذلك فتح الاعتمادات المستندية وإصدار خطابات الضمان ومنح التسهيلات المصرفية للاستيراد والتصدير والتجارة المحلية، وغيرها من الخدمات المصرفية الأخرى. * المصرفية الإسلامية التي يعتزم المصرف انتهاجها هل أصبحت تقليداً أم أنها الخيار العملي الأمثل للعمل المصرفي المعاصر؟ ولماذا؟ إن فكرة تأسيس مؤسسات مالية تزاول أعمالها وفقاً لأحكام وضوابط الشريعة الإسلامية ليست حديثة، إلا أن التنفيذ بشكل منظم لم يبدأ إلا في النصف الأخير من القرن الماضي؛ حيث توالى تأسيس المصارف الإسلامية في الكثير من البلدان العربية والإسلامية وفي مناطق مختلفة من العالم، وأصبحت هذه المؤسسات حقيقة واقعة، ويضاف إلى ذلك زيادة الطلب بشكل واضح على المنتجات والخدمات التي تقدمها هذه المؤسسات؛ الأمر الذي أسهم في تسارع قيام مؤسسات مالية تباشر أعمالها وفقاً لأحكام وضوابط الشريعة الإسلامية، وهذا تطلب إيجاد أنظمة وتشريعات تنظم العمل المصرفي الإسلامي. واليوم بعد أن أصبح للمصرفية الإسلامية مكانتها الرفيعة، وانتزعت احترام جميع المفكرين والعلماء الاقتصاديين؛ كونها تتصف بخصائص تميزها في أدائها لعملها، وفي تحقيق أهدافها عن المؤسسات التقليدية، وخصوصاً فيما يتعلق بتلبية احتياجات الأفراد والمنشآت من المنتجات والخدمات المالية، تسابقت المؤسسات العالمية في تطبيق المصرفية الإسلامية والسعي لتوفير خدماتها للمستثمرين. * يؤخذ على المصارف السعودية عزوفها عن تقديم تمويل لصالح المنشآت الصغيرة والمتوسطة، هل سيكون مصرف الإنماء مختلفاً على هذا الصعيد؟ بدون شك أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة لها دور مهم في الاقتصاد الوطني، وخصوصاً فيما يتعلق بإيجاد فرص العمل وتحريك الدورة الاقتصادية، والمصارف تقدم تمويلاً متى ما كانت المخاطر قليلة؛ وبالتالي نحتاج في المملكة إلى آليات تُسهّل دعم مثل هذه المشروعات، ومصرف الإنماء سيكون له دور بارز بإذن الله تعالى في تقديم التمويل ودعم المشاريع المتوسطة والصغيرة ذات الجدوى الاقتصادية التي تُعدّ من أهم دعامات أي اقتصاد وطني. * القطاع المصرفي في المملكة، مع ما يضمه من بنوك محلية وأخرى وافدة حالياً، إلى أي مدى يمكنه استيعاب الجديد؟ -إذا كنا نتحدث عن الاستيعاب فأعتقد أن السوق السعودية في ظل التنامي الكبير وحجم الاقتصاد الوطني يمكنها استيعاب المزيد من المصارف، وقد رخصت مؤسسة النقد العربي السعودي في السنوات الأخيرة لتأسيس مصارف جديدة، كما سمحت بدخول العديد من المصارف العربية والخليجية والدولية؛ حيث تم افتتاح عدد من الفروع لبنوك أجنبية في المملكة في السنوات القليلة الماضية، وهذا بدون شك يُفعّل المنافسة في القطاع المصرفي، ويتيح تقديم المزيد من الخدمات والمنتجات المصرفية للعملاء، ويُسهم في زيادة فاعلية القطاع المصرفي في المملكة الذي يلعب دوراً رئيساً في دعم مسيرة اقتصادنا الوطني. * واجهت البنوك من قبل مشكلة في الديون المتعثرة، ما خططكم للتعامل مع هذه المشكلة مستقبلاً؟ - تظل الديون المتعثرة إحدى المشكلات التي عادة ما تواجهها المؤسسات المالية في أي مكان، ولا أعتقد أن مصرف الإنماء مهما اتخذ من احتياطات على هذا الصعيد سيكون استثناء. والمصارف كافة تتخذ من السياسات والإجراءات ما قد يُحدّ من تأثير التمويل المتعثر، وخصوصاً مع تطور الإجراءات والأنظمة والبرامج في هذا الشأن، وبالتأكيد سيعمل مصرف الإنماء بإذن الله في إطار هذه الرؤية بما يحفظ حقوق المساهمين والسعي للحد من ذلك قدر الإمكان؛ لذلك بادر المصرف بتأسيس إدارة المخاطر وإدارة الائتمان ودعمهما بأفضل الكوادر المتخصصة والاستفادة من أفضل ما وصلت إليه التطبيقات المصرفية في هذا المجال. * ما الخدمة المصرفية التي ترون أن السوق السعودية تفتقر إليها؟ ولماذا؟ لا تزال السوق المصرفية السعودية بحاجة إلى التوسع في تقديم الخدمات المصرفية الإسلامية، وما زال المجتمع في حاجة إلى المزيد من هذا النوع من الخدمات، كما أن هناك حاجة إلى التوسع في خدمات التمويل للمؤسسات الفردية، وهناك بالتأكيد الحاجة الأهم لتقديم التمويلات المدروسة للمشروعات المتوسطة والصغيرة، التي لم تحظَ بعد بالدعم الكافي لها على أهميتها بوصفها ركيزة أساسية من ركائز التنمية المستدامة. أضف إلى ذلك أهمية زيادة عمق سوق رأس المال، وخصوصاً ما يتعلق بطرح أوراق مالية (صكوك) في السوق المالية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية؛ ما سوف يسهم في إيجاد سوق ثانوية لتبادل الصكوك تحظى بقبول شريحة واسعة من المستثمرين، وهي بلا شك من الخدمات المصرفية التي يحتاج إليها السوق السعودية. إننا ما زلنا بحاجة إلى الإبداع والابتكار لإيجاد منتجات وخدمات مصرفية عصرية تتوافق مع الضوابط والأحكام الشرعية، وتلبي الطلب المتزايد للعملاء، سواء في مجالات الادخار والاستثمار أو مجال التمويل. * يُذكر أن عام 2010م يُعدّ العام التشغيلي الأول لمصرف الإنماء، هل لنا أن نحصل على نبذة عن النتائج المتحققة للمصرف في عامه التشغيلي الأول؟ لقد تم نشر نتائج المصرف المدققة لعام 2010م منذ فترة، وقد أظهرت نتائج السنة التشغيلية الأولى نمواً وتقدماً سريعاً للمصرف؛ حيث نمت محافظ التمويل وموجودات المصرف وكذلك ودائع الشركاء، وهناك نمو جيد في جميع المؤشرات سواءً في عدد العمليات أو عدد الشركاء، وكذلك هناك تحسن في نتائج المصرف بشكل متصاعد، وخصوصاً في الإيرادات من الأنشطة الرئيسية. علماً بأن المصرف تجاوز - بفضل الله - نقطة التعادل خلال السنة التشغيلية الأولى. * ماذا عن استراتيجيتكم للفروع في السنوات الخمس القادمة، وبالتحديد للعام 2011م؟ يسعى المصرف - بإذن الله تعالى - ضمن استراتيجيته لتشغيل أكثر من 100 فرع خلال خمس سنوات، ويقدّم المصرف حالياً خدماته للشركاء عبر 25 فرعاً للرجال و17 فرعاً للنساء، تنتشر في مناطق المملكة (الرياض، جدة، الدمام، المدينةالمنورة، الطائف، خميس مشيط، الهفوف، المبرز، الجبيل والخرج)، إضافة إلى مجموعة فروع أخرى معظمها في مراحل متقدمة من الإنشاء في كل من (الرياض، الدمام، جدة، مكةالمكرمة، بريدة، عنيزة، حائل، عرعر، تبوك، نجران وحفر الباطن)، وحسب المخطط فسوف يتم افتتاح خمسة عشر فرعاً جديداً خلال عام 2011م بإذن الله. * ما المشاريع التي قام المصرف بتمويلها في القطاعين العام والخاص؟ حرص مصرف الإنماء منذ البداية على بناء علاقة مستمرة واستراتيجية مع قطاعات الأعمال المختلفة في المملكة العربية السعودية إيماناً من مصرف الإنماء بدوره في دعم مشاريع البنى التحتية والشركات والمؤسسات التي تسهم في دعم اقتصادنا الوطني، وتحقيقاً لرؤية القيادة الحكيمة في المشاركة بدعم الخطط التنموية التي من شأنها النهوض بالمشاريع وإزالة العوائق لكي يتم تنفيذها على أرض الواقع، وفي هذا السياق قام المصرف - بفضل الله - بتمويل العديد من المشاريع، منها مشاريع تتعلق بالبنى التحتية مثل الكهرباء والماء، وكذلك مشاريع صناعية مختلفة في البتروكيماويات والحديد والألمنيوم وغيرها، إضافة إلى عمليات تمويل في قطاع الإسكان، وبشكل خاص تمويل مساكن الأفراد، وهناك مشاريع عديدة تحت الدراسة حالياً حسب الإجراءات المتبعة في المصرف.