ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    مترو الرياض    التحذير من منتحلي المؤسسات الخيرية    لمن القرن ال21.. أمريكا أم الصين؟    استشهاد العشرات في غزة.. قوات الاحتلال تستهدف المستشفيات والمنازل    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    أوروبا تُلدغ من جحر أفاعيها !    المرجع حسين الصدر ل«عكاظ»: ندعم تنامي العلاقات السعودية العراقية    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    رينارد يُبرر مشاركة سالم الدوسري ونواف العقيدي    دراغان: مشاركة سالم الدوسري فاجأتنا وكنّا مرهقين    أوسيك يحافظ على ألقابه ويبقى بطلاً للوزن الثقيل بلا منازع حاصداً 5 أحزمة تاريخية    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية في النواحي التشريعية والقانونية يقودها ولي العهد    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    القصيم تحقق توطين 80% من وظائف قطاع تقنية المعلومات    رحلة تفاعلية    المنتخب العراقي يتغلّب على اليمن في كأس الخليج 26    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية "أرويا"    المدينة المنورة: وجهة استثمارية رائدة تشهد نمواً متسارعاً    مشاهدة المباريات ضمن فعاليات شتاء طنطورة    وزير الداخلية يبحث تعزيز التعاون الأمني ومكافحة تهريب المخدرات مع نظيره الكويتي    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    39955 طالبًا وطالبة يؤدون اختبار مسابقة "بيبراس موهبة 2024"    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    الأمير فيصل بن سلمان يوجه بإطلاق اسم «عبد الله النعيم» على القاعة الثقافية بمكتبة الملك فهد    السعودية تستضيف غداً الاجتماع الأول لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب    جمعية المودة تُطلق استراتيجية 2030 وخطة تنفيذية تُبرز تجربة الأسرة السعودية    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير الشرقية يفتتح المبنى الجديد لبلدية القطيف ويقيم مأدبة غداء لأهالي المحافظة    المملكة واليمن تتفقان على تأسيس 3 شركات للطاقة والاتصالات والمعارض    اليوم العالمي للغة العربية يؤكد أهمية اللغة العربية في تشكيل الهوية والثقافة العربية    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    طقس بارد إلى شديد البرودة على معظم مناطق المملكة    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «عكاظ» تنشر توصيات اجتماع النواب العموم العرب في نيوم    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    المملكة ترحب بتبني الأمم المتحدة قراراً بشأن فلسطين    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    وصول طلائع الدفعة الثانية من ضيوف الملك للمدينة المنورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أحمد بن جزاع بن محمد الرضيمان *
إن السعيد لمن جُنب الفتن
نشر في الجزيرة يوم 28 - 01 - 2011

أرشد الله عباده لما يصلحهم في دينهم ودنياهم كما قال تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى} فبين الله لعباده كل شيء، مما يصلح عقائدهم، وعباداتهم، ومعاملاتهم، ومحياهم، ومماتهم، قال تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ}.
وقد قال رجل يهودي لسلمان الفارسي رضي الله عنه: علمكم نبيكم كل شيء، حتى الخراءة ؛ فقال رضي الله عنه: أجل، لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائطِ أو بول.. الحديث. وقال أبو ذر رضي الله عنه: (تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما من طائر يقلب جناحيه في السماء إلاّ ذكر لنا منه علماً). وإذا كان الأمر كذلك، فما أحوجنا إلى أن نهتدي بهدي نبينا صلى الله عليه وسلم في كل شيء.
وقد رأيت أن بعض إخواننا الكتّاب كتبوا عن الأحداث والفتن التي وقعت في بعض بلاد المسلمين، بمعزلِ تام عن الهدي النبوي في مثل هذه الأمور. وهوَّن بعضهم من سفك الدماء، وتدمير الممتلكات على اعتبار أنها (في هامش الحدث وليس في متنه) كما يقولون.
فأقول وبالله التوفيق:
أولاً: حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفتن، فقال عليه الصلاة والسلام: (إنّ السعيد لمن جُنِّب الفتن، إنّ السعيد لمن جُنِّب الفتن، إنّ السعيد لمن جُنِّب الفتن)، وقال حذيفة رضي الله عنه: (كان الناس يسألون رسول الله الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا رسول الله: إنا كنّا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم، فقلت: فهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن. قلت: وما دخنه ؟ قال: قوم يستنون بغير سنتي، ويهدون بغير هديي، تعرف منهم وتنكر، فقلت: فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم. دعاة على أبواب جهنم من أجابهم قذفوه فيها، قلت: يا رسول الله صفهم لنا قال: هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا. فقلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم؟ قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك) رواه البخاري.
ثانياً: أن المظالم والأثرة ليست مبرراً لسفك الدماء، وسلب الأموال، وتدمير الممتلكات، وزعزعة أمن الناس، وقد أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الموقف السديد عند حدوث الأثرة والمظالم، فقال عليه الصلاة والسلام - كما في البخاري ومسلم (إنها ستكون بعدي أثرة وأمور تنكرونها، ‍قالوا: يا رسول الله، فما تأمرنا ؟ قال: تؤدون الحق الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم). وقال عليه الصلاة والسلام: (إنكم ستلقون بعدي أثرة، فاصبروا حتى تلقوني على الحوض).
ولما اجتمع فقهاء بغداد في ولاية الواثق إلى الإمام أحمد رحمه الله، وقالوا: إن الأمر تفاقم وفشا -يعنون إظهار القول بخلق القرآن- أمرهم بالصبر، وحذرهم من سفك الدماء، وقال: (لا تسفكوا دماءكم ودماء المسلمين معكم، ليس هذا صواباً، هذا خلاف الآثار).
ثالثاً: أن الشريعة جاءت بحرمة الدماء، فهي أول الحقوق التي يقضى فيها يوم القيامة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (زوال الدنيا كلها أهون على الله من قتل رجل مسلم). رواه الترمذي وحسنه، وقال أيضاً: (لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله تعالى في النار). رواه الترمذي.
فكيف إذن تكون هذه الفتن، وتلك الانقلابات وما يصحبها من سفكٍ للدماء، وتدمير للممتلكات - مما يعتبره بعض الناس أمراً هامشياً - عملاً حضارياً؟..
وكيف يُطالب أن تُصدر مثل هذه الفتن إلى بلاد آمنه؟.
رابعاً: قتل الإنسان نفسه منكر عظيم، ومن كبائر الذنوب، يقول الله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام: (من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة)، وقال أيضاً: (من تردى من جبل فقتل نفسه؛ فهو في نار جهنم يتردى فيها خالداً مخلدا فيها أبداً، ومن تحسى سماً فقتل نفسه؛ فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديده، فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً) رواه البخاري ومسلم. ولا ريب أن الإشادة بمن قتل نفسه، مشاقة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
خامساً: كما يكون الناس يولّى عليهم كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} فعلى الناس أن يستقيموا على طاعة الله، ولا يدفعوا عذاب الله بالسيف، وإنما عليهم بالتضرع والاستكانة لله تعالى.
وقد قال الحسن البصري رحمه الله: إن الحجاج عذاب الله، فلا تدفعوا عذاب الله بأيديكم، ولكن عليكم بالاستكانة والتضرع، فإن الله تعالى يقول: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ}.
سادساً: على من ولي أمراً للمسلمين أن يتقي الله، ويعطي الناس حقوقهم، ولا يشق عليهم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم، فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه)، وقال عليه الصلاة والسلام: (ما من أمير يلي أمور المسلمين، ثم لا يجهد لهم، وينصح لهم، إلا لم يدخل معهم الجنة).
نسأل الله أن يرزقنا الفقه في الدين، والعمل بسنة سيد المرسلين.
* حائل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.