إن المتأمل لواقع كل جهاز حكومي يجد أنه ينقسم إلى وحدات متعددة، وكل وحدة من هذه الوحدات هي عبارة عن لبنة من لبنات هذا الجهاز، وهذه اللبنة تتكون من جزيئات، وموظفو هذه الوحدات هم من يمثل هذه الجزيئات وهنا تكمن ضرورة التكامل والتعاون فيما بينهم حتى لا تفترق هذه الجزيئات فلا تستقيم هذه اللبنة وبالتالي تسبب ثلمة في ذلك الجهاز الحكومي. ولعلي في هذا المقال المختصر أتطرق إلى أمور مهمة ينبغي لمدير كل وحدة أن ينتبه لها في تعامله مع موظفيه؛ لأنها تسهم بشكل كبير في تفعيل الموظف وتجعله يصل إلى أقصى درجات الإخلاص والانتماء لوحدته والجهاز الحكومي الذي يتبعه، وبالتالي يحصل التكامل والتعاون بين موظفي الوحدة وهي كالآتي: 1- الاحترام واعتبار كل فرد عنصراً مهماً في نجاح الوحدة مهما كان عمله؛ فكل موظف فيها هو جزء مكمل للموظف الآخر والخلل الذي يحدث من موظف يؤثر سلباً على البقية. 2- العدل لا المساواة: وهناك فرق كبير بين العدل والمساواة لأن المساواة بين جميع الموظفين هي نوع من أنواع الظلم، وذلك أن موظفي كل وحدة يختلفون فمنهم المميز, ومنهم القائم بعمله, ومنهم المقصر, فلا يمكن مساواتهم لأن المساواة بينهم تثبط المميز وتزيد تقصير المقصر, وفي هذا المقام يحسن التنبيه إلى أمر مهم ألا وهو مراعاة الأسلوب في التمييز بين الموظفين فلا يكون تمييزاً صارخاً, وكذلك بيان السبب فيه وترتيب أسباب التميز وتوضيحها لجميع الموظفين, بحيث يكون مجال التنافس فيما بينهم واضحاً, وظلم موظفي الوحدة من المزالق الخطيرة التي يمكن أن يقع فيها المدير وهو من الأسباب الرئيسة في إيجاد جو غير صحي في العمل. ومظاهر الظلم التي تقع على الموظف كثيرة ولعل من أبرزها: * ظلم الموظف بإعطائه أقل مما يستحق في تقويم الأداء الوظيفي بحيث يكون هذا سبباً في حرمانه من الترقية أو تأخيرها. * حرمانه من إجازاته سواء الاعتيادية منها أو الاضطرارية. وغيرها كثير... فكل أمر هو من حقوق الموظف الوظيفية حرمانه منه هو نوع من أنواع الظلم. 3- التفويض مع المتابعة: فالمركزية في أداء جميع الأعمال ترهق مدير الوحدة وتضعف أداءه للأعمال المهمة من مثل الخطط والاستراتيجيات، فالمدير الناجح هو من يجيد تفويض الأعمال ومتابعتها بدقة, وهذا بدوره يساعد الموظف على تطوير مهاراته وكسب الثقة وزيادة الخبرة ولكن لابد من التدرج في مثل هذا الموضوع فلا يعطى الموظف العمل كاملاًًً ويتركه ولا تكون لديه خلفية عنه البتة, ومن الأمور المهمة التي تجعل متابعة مدير الوحدة لأعمال موظفيه دقيقة هي رسم جدولة لأعمال كل موظف في الوحدة مقيدة بزمن الانتهاء من العمل وتكون هذه الجدولة للأعمال المتوسطة والكبيرة دون الأعمال الصغيرة؛ لأن جدولتها غير مجدية. 4- احتواء المشكلات حال وقوعها ومعالجتها: فإهمال المشكلة وتجاهلها من أكبر أسباب تفاقمها وصعوبة حلها وتشعب آثارها. والشواهد على هذا كثيرة جداً وأحب أن أشير إلى نقاط مهمة مختصرة في هذا الموضوع: * أولاً: تصنيف المشكلات: فالمشكلات تختلف فبعضها بسيط لا يحتاج إلى احتواء ومعالجته لحظية, وبعضها صعب ومعقد ويحتاج إلى احتواء ودراسة ثم معالجة, والضابط في هذا من وجهة نظري هو التأثير على حسن سير العمل وانتظامه فتكون المشكلة أكثر تعقيداً كلما زاد تأثيرها سلباً على العمل. * ثانياً: دراسة المشكلة والوقوف على أسبابها: وهي أهم مرحلة من مراحل علاج المشكلات وذلك بحصر أطراف المشكلة والوقوف على أسبابها حتى يصل المسؤول للحل الصحيح بأيسر الطرق، وهو في هذا يعمل عمل الطبيب عندما يأتيه المريض شاكياً فلا بد حينها من تشخيص الحالة والوقوف على أسبابها حتى يرشده للعلاج المناسب. * ثالثاً: اتخاذ القرارالمناسب وتنفيذه: وذلك بعد دراسة المشكلة والوقوف على أسبابها وهي خطوة مهمة مكملة لسابقتها والتقصير فيها يهدم كل ما تم عمله سابقاً من دراسة للمشكلة وبيان لأسبابها, واتخاذ القرار صفة مهمة جداً في شخصية مدير الوحدة، ولابد أن يكون اتخاذ القرار بشكل عاجل لأن التراخي في ذلك ربما يؤدي إلى تفاقم المشكلة وتطورها.