يعتبر عام 2010م -بكل المقاييس- من أنجح السنوات الماضية التي مرت على صناعة البترول العالمية ومنظمة أوبك وذلك لعدم وجود هزات عنيفة خلال هذا العام سواءً كانت سياسية أو عسكرية أو اقتصادية أو إنتاجية تؤثر على سعر البترول صعوداً أو نزولاً مما يمثل استقراراً (نوعاً ما) في الأسواق العالمية بالرغم من الزيادة التي اكتسبها سعر البترول خلال العام والتي وصلت إلى أكثر من 20% مقارنة بسعره في نهاية 2009م. كانت جميع التنبؤات المستقبلية لاستهلاك البترول الصادرة خلال العام عن منظمات ومراكز بحوث الطاقة متحفظة نوعاً ما, بسبب بطء تعافي الاقتصاد العالمي في النصف الأول من العام حيث طغى بعض التشاؤم على بعض التقارير والتي ثبت خطؤها بفضل الله ثم بفضل الجهود الجبارة التي بذلتها الدول الرئيسية لهذه الصناعة وفي مقدمتها دول منظمة أوبك. إن الخطوات الإيجابية التي اتخذت من قبل منظمة أوبك خلال اجتماعاتها العديدة عام 2010م المتمثلة باستمرار مراقبة السوق عن قرب ثم التشديد على تقيد دول المنظمة بحصصها الإنتاجية, والحد من عمليات المضاربة في أسواق النفط العالمية, واستمرار التعاون بين دول المنظمة والدول الرئيسية المصدرة المنتجة للبترول من خارج المنظمة, واستمرار استثمارات دول المنظمة الخاصة بتطوير حقولها وزيادة سعة الإنتاج لديها, والتصريحات العديدة المتحفظة نوعاً ما من قبل مسؤولي المنظمة البعيدة عن الإثارة الإعلامية, وأخيراً القرارات العديدة بعدم زيادة إنتاج دول المنظمة خلال العام بالرغم من وجود إشارات إيجابية ببداية تحسن الاقتصاد العالمي ووجود ضغوط خارجية على المنظمة لزيادة الإنتاج. هذه القرارات الشجاعة التي كانت تتبناها منظمة أوبك بقيادة المملكة العربية السعودية كان لها الدور الرئيسي والمباشر في ارتفاع أسعار سلة أوبك بشكل تدريجي في الأسواق العالمية ليصل إلى معدل شهري 88.5 دولارا للبرميل ومعدل سنوي 77 دولارا للبرميل مقارنة ب 61 دولارا للبرميل عام 2009م. المصدر: منظمة أوبك لم يُمثل عام 2010م فقط بقاء منظمة أوبك نصف قرن بل نجاح هذه المنظمة في دورها الرائد لقيادة صناعة البترول العالمية وانتشال الاقتصاد العالمي من أسوأ كساد اقتصادي أصابه منذ الكساد الكبير في بداية الثلاثينات من القرن الماضي. إذا كان الدور الفعال لمنظمة أوبك ضرورياً في عام 2010م فهو إستراتيجياً عام 2011م. يجب على منظمة أوبك الاستمرار بلعب هذا الدور لضمان استقرار واستمرار التحسن الاقتصادي العالمي المرتبط بشكل مباشر باستقرار أسعار البترول. ذكرت سابقاً في عدة مقالات أن دول المنظمة تمتلك حاليا أكثر من 80% من الاحتياطات العالمية للنفط وأن هذه النسبة سوف تزداد في المستقبل البعيد وذلك لأن معدلات إنتاج النفط لدول المنظمة مقارنة باحتياطاتها المكتشفة أقل بكثير من نفس المعدلات للدول المنتجة من خارج المنظمة. فدول المنظمة تمتلك احتياطي بترولي أكثر وتنتج نسبة أصغر وتكتشف بترول أكثر من الدول البترولية خارج المنظمة مما يضع مستقبل صناعة البترول العالمية في ملعب الأوبك خلال العشرين سنة القادمة. واعتماداً على استمرار منهجها الحكيم, يعتقد الكثير استمرار استقرار سعر البترول في الأسواق العالمية خلال عام 2011م ولكن بمعدلات قد تكون مرتفعة نوعاً ما وقد تتعدى قليلاً (و لو لفترة زمنية قصيرة جداً) الحاجز النفسي الذي يمثله سعر ال 100 دولار للبرميل. الكل يتفق على أن سعر البترول فوق 70 دولارا للبرميل يعتبر سعرا مناسبا ومنطقيا وأن الأسعار المنخفضة للبترول ولت من غير رجعة ويبقى التحدي مستمراً في معرفة أعلى سعر قد يؤثر سلباً على الاقتصاد العالمي.