الكتاب هو (معجم أسر بريدة) للعالم الرحالة والإداري المحنك الشيخ محمد بن ناصر العبودي ثلاث وعشرون مجلداً أبدع في تصنيفه وأحكم أبوابه ونوافذه وزخرفه وأثاثه حتى كان صالحاً لمسرح الأفكار والاستقرار النفسي والاسترخاء الترف سلوى لكل قارئ ومرجع تاريخي ربط بين الحاضر والغابر أذاب الفوارق العنصرية في الأنساب والاعراف والتقاليد وما يضاد الطبيعة البشرية السليمة، بل والشرع الحنيف والخلق الإسلامي وجعل الميزان هو التفوق وما يبدعه الإنسان من علم وفكر وصناعة أدب ورواية حكمة شعراً ونثراً باللغة العربية والعامية واللهجات المحلية حضرية أو بدوية، لا أدري كيف أفسر هذه الطاقة التي ألمت بالتاريخ ليس تاريخ الملوك وصناديد الجبابرة وصناع التاريخ بالسيف والعدة، ولكنهم الصعاليك الذين لا يعبأ بهم أرباب الشرف والرئاسة، فهم عالم نسي لا يستحقون الذكر وليس لهم فخر، بل هم كما قال قوم شعيب لشعيب (ما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي) كتب الشيخ العبودي عن الباعة وأرباب الصناعة كالتجارة والحدادة ومن عاشوا في الفلاحة واستثمروا الأرض بالكد والكدح والنكد، حلق بأسلوبه المبدع وروحه المرحة بقلمه السيال فيما وراء القصيم إلى حيث يكون القصيمي في المشرق والمغرب أبرز طاقة الإنسان فيما يحسنه ويجيده من صناعة وحرفة وسياسة وكياسة، فكان أهل القصيم ساسة الجمال وعاسفو الخيول، كما كانوا رجال سياسة وقادة حرب وأرباب طموح لعل خليل الرواف أقدم سائح من أهل القصيم إلى نيويورك عام 1935م ليستقر بها 15 عاماً مع زوجته الأمريكية التي اقتنصها من الشام وولدت له، ثم يعود إلى وطنه ليحفظ الود ويرعى مهد الطفولة في بلده.. 23 مجلداً بصور الوثائق والمكاتبات مما يبرر صدق المؤلف وأمانة نقله وسعة مداركه وانشراح صدره لتجميع هذه القصاصات من الأوراق وقراءة مضمونها وتضمينها الكتاب، لاشك أن أهل القصيم أجمعوا على صدق وطنية المؤلف وحسن توجهه في الأداء والتعبير وقدرته في الأداء وممارسة الأعمال الرسمية لذا أمدوه بكل ما يريد من الوثائق والمعلومات. ألمح المؤلف إلى أن الاختلاف الفكري مما ينمي المواهب ويغذي الأفكار لذا كتب عن عبدالله القصيمي أو الصعيدي 90 صفحة سرد فيها أخباره وأحواله وكرر في غير موضع ذكر المدرستين المتناهضتين مدرسة إبراهيم الجاسر ومعه عبدالله بن عمرو ومدرسة آل سليم، والخلاف بينهما وذكر نماذج من متصوفة أهل السنة والجماعة الذين لا يركبون السيارة ولا يلبسون الحذاء ولا يستعملون ما استجد من صناعة، وكان المؤلف من مريدي هذه المدرسة في شبابه حيث كان يقطع مع شيخه الكيلو مترات مشياً على الأقدام لزيارة الإخوان، ومن هم على هذا المشرب من غير انتماء لطريقة صوفية أو التسمي بها، ولا الاستدلال على ما يفعلونه سوى أن التقشف والزهد من دوافع الإيمان وعلامة القرب من الله.. أقول مرة أخرى هل لهذا الكتاب مثيل؟ لا أعرف كما لا أعرف أن رحالة كتب 170 كتاباً عن رحلاته ومشاهداته وأذاع 140 حلقة.. صوته في إذاعة القرآن الكريم بالمملكة أدارها الأستاذ الكاتب الدكتور محمد بن عبدالله المشوح كل يوم ثلاثاء من كل أسبوع وما زال وأمضى في الوظيفة ستين عاماً وهو بهذه الصفات والنعوت والأفعال لا يحمل مؤهلاً جامعياً غير رتبة الشرف والشهادة له بالعلم واستحقاقه التكريم ومواصلة العمل الرسمي حتى تاريخه متعه الله بالصحة وزاد في عمره في الإبداع والإنتاج. كنت تلميذا له عام 1376ه وأسأت له مرتين فأهداني حاشية الشيخ العنقري ثلاثة أجزاء على الروض المربع فكان هذا ومهر المحبة والاعتراف له بالفضل. صحبته في غرب إفريقيا شهرين فكنا أخوين زميلين في العمل لا أراه يطلب ما ليس له، ولا يتعالى بشخصه على من هو دونه ولا يقدم رأيه على رأي يخالف رأيه، كما كنا معا في المجلس الاستشاري بالرئاسة العامة والبحوث العلمية والإفتاء برئاسة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز، فكان هو المرجعية في الرأي والمشورة، كتبت هذه الأسطر بعد قراءة الكتاب معظم أسر بريدة والحق أنه الموسوعة التاريخية لأسر من ذكر أرجو المعذرة عمن بلغته هذه الكلمة عن التقصير وضعف التعبير والله يتولى الجميع بحفظه ورعايته.