أسأل وأعلم أن الكلمات أثقل وأقوى وأشد من ان أجد اجابة لها. أسأل وأعلم ان السؤال هام جداًً لأهل النحو ومنغَّمٌ جداً لأهل الفن.. وعادي وتافه جداًًً لأولئك الذين لا يعلمون شيئاً.. أولئك الذين وصفهم «غسان كنفاني» بأنهم ينزلقون على صفحة الحياة ولا يدخلون عمق الأشياء.. أسأل وأعلم ان السؤال يتضمن نداء حارقاً بحجم اكتشافك ان الفجر الذي انتظرت اشراقه طويلاً أسفر عن امر غريب جداً. عن ليل حالك آخر يمتد بلا انتهاء! أسأل وأعلم أني لا اكتب نفسي الآن ولا اكتب حلمي، لكنني اكتب حزن العالم وآلام الآخرين حين تشعر بأنها اجتمعت في أعماقك على حين غفلة منك! سؤال لا أقصد به أبداً بحثاً عن مكان يختفي فيه ذلك الغائب بالمعنى المادي للكلمة.. لكنه ذلك السؤال الذي يستدعي اسئلة اخرى! كيف تكون؟ ومتى تكون؟ وكيف تُشعر الآخرين بوجودك؟ كيف تشعرهم بكيانك وحضورك وتأثيرك؟ هل تكون بصوتك فقط؟ ام بذلك العطر الذي يضوع من ثيابك؟ أم بتلك الملامح السمراء التي تحمل نضال اجدادك.. والتي لم تتعب أبداً في حيازتها، وإنما منحها الله لك، هكذا هبة إلهية صادف ان تكون أنت حاملها! هل تكون حين تعلم ان الصفة الأقوى فيك هي أنك طيب.. طيب جداً.. ولو تجاوزت هذه الطيبة معناها الاجمل الى الأسوأ، الى الضعف الذي لا ضعف بعده والانهزام الذي لا أمل في قيام صاحبه. أسأل وقد آن ان أجيب. تكون، حين تخلع رداء الخوف الذي طالما طأطأت رأسك تحته وأغمضت عينيك خلفه.. تكون، حين يكون لك حضور قوي بين الآخرين.. حين تكون لكلمتك قوتها واحترامها. حين تملك القدرة على اتخاذ قرار قوي شجاع لا تخشى فيه لومة لائم.. حين تملك إرادة جريئة في وضع الحق في نصابه.. حين تحقق حلماً جميلاً لا يبعدك عنه سوى ان تُقبل بلا خوف لتكون واحداً من اولئك الحاضرين بوجدانهم لا بأجسادهم، بأفعالهم لا بأمانيِّهم وأحلامهم. E.mail. [email protected]