أعود من جديد الى قضية الفشل الكلوي ومعاناة مرضاه وهم لاشك كثر وقائمة الغسيل مخيفة واكثر منها قائمة المنتظرين لزراعة الكلى وما يعانونه من ظروف ومتاعب صحية فوق الاحتمال تضطرهم لاجراء غسيل مؤلم كحل وحيد للتخفيف من آلام اقسى على الجسد وعلى النفس، وهذا يدعونا دائما الى تسليط الضوء على هذه القضية الانسانية المؤثرة التي تصل حد الأزمة الناجمة عن الفارق الكبير بين قائمة المرضى وبين امكانات الغسيل والزراعة في مختلف الوحدات والمراكز الطبية الحكومية المتخصصة، والخاصة بكل تكاليفها الباهظة التي تفوق قدرات معظم هؤلاء المرضى بل تستحيل عليهم، وقد تلقيت مؤخراً رسالة مطولة من العزيز الدكتور فيصل بن عبدالرحيم شاهين مدير عام المركز السعودي لزراعة الأعضاء ومركز الامير سلمان بن عبدالعزيز الخيري لأمراض الكلى، تعقيباً على ما سبق وكتبته في مقال سابق بعنوان «من أجل مرضى الفشل الكلوي» وها أنا اخص حبيبتي جريدة الجزيرة بهذا المقال، وبقدر سعادتي بهذا التجاوب الكريم من الدكتور فيصل وتقديري لاهتمامه، بقدر ماسعدت ما تضمنته الرسالة من تأكيدات على اهتمام المسؤولين ورغبتهم الواضحة في انشاء جمعية خيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي، وتتمثل في قبول صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن عبدالعزيز امير منطقة الرياض رئاسة هذه الجمعية التي اقترحها معالي وزير الصحة د. أسامه بن عبدالمجيد شبكشي. وسمو الامير سلمان حفظه الله دائما السبَّاق للخير والسعي اليه الى ابعد الحدود وهذا هو المعروف عن سموه. ويشير الدكتور فيصل شاهين الى ان هذا المشروع الانساني الحضاري تم وضع تصور لاهدافه حيث يتضمن نظام الجمعية عدداً من الاهداف الهامة نوجزها في التالي: إنشاء وتجهيز مراكز العلاج المعاوض للفشل الكلوي والبرتيونية ومراكز متابعة المرض بعد زراعة كلى لهم. مساعدة مرضى الفشل العضوي من قلب وكبد فيما يتعلق بالناحية المعيشية الصعبة. تأمين تنقلات مرضى وزراعة الأعضاء وفرق تشخيص الوفاة الدماغية في المستشفيات المتبرعة بالاعضاء لسرعة الانجاز. دعم برنامج التبرع بالاعضاء من المتفوقين دماغيا. تنظم حملات التوعية للتبرع بالاعضاء والتبرعات الخيرية لصالح المرضى. دعم الأنشطة التدريبية بالمركز السعودي لزراعة الأعضاء. والى جانب اهداف الجمعية الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي ألقى الدكتور شاهين الضوء في رسالته على الانجازات المضيئة للحكومة في ايجاد مظلة علاجية لمرضى الفشل الكلوي في انحاء الوطن عبر 96 مركزا متخصصا تتبع وزارة الصحة الى جانب 34 مركزا تابعة للقطاعات الصحية الاخرى والقطاع الخاص الصحي ليكون الاجمالي «130» مركزاً للكلية الصناعية والغسيل بها «1100» جهاز، هذه الحقائق المضيئة اضعها امام أبناء الوطن من القادرين وفيهم الخير إن شاء الله. لاستكمال هذه المنظومة الصحية لخدمة ورعاية وعلاج مرضى الفشل الكلوي، حيث لا تزال قائمة المرضى والمنتظرين للعلاج كبيرة وفي تزايد وهذا وان كان يدعو الى ضرورة عمل الأبحاث والدراسات اللازمة للوقوف على اسباب انتشار هذه الحالة المرضية القاسية والعوامل المؤدية للفشل الكلوي والتوعية اللازمة للوقاية وحث المجتمع على التجاوب مع جهود رعاية المرضى، الا اننا نذكر والذكرى تنفع المؤمنين بأن هؤلاء المرضى من أهلنا ويحتاجون لكل بادرة خير بتبرع كريم حسب ما تجود به النفس لتأمين المزيد من اجهزة التقنية الدموية لتصل خدماتها الى كل مريض بالفشل الكلوي، خاصة ان أكثر من «6000» ينتظرون زراعة الكلى نسأل الله لهم الشفاء وللجميع الصحة والعافية، وجزى الله المحسنين والساعين في هذا العمل الانساني كل خير. ومرة أخرى اشكر فيصل شاهين على اهتمامه ومتابعته لكل جهد تجاه قضية الفشل الكلوي ورعاية مرضاه، والله الموفق. حكمه: من كثرت نعم الله عليه كثرت حوائج الناس اليه.. فان قام بما يجب لله فيها عرّضها للدوام والبقاء، وان لم يقم فيها بما يجب لله عرّضها للزوال.