يبدو أن اسم )الدراما الفاقعة( هو أقرب ما يمكن ان نطلقه على العمل الدرامي السطحي والمشوش، والذي يفتقد أولويات وأصول الفن الدرامي الراقي والنبيل والذي يحترم ذهنية المتلقي ولا يستخف بها من خلال أدوات فنية ضعيفة ومهزوزة قد تصل حد الاسفاف والسطحية بل العبث. وأنا احترم ما تقدمه )الدراما المحلية( لعدة منطلقات، قد يكون من أهمها صعوبة استنبات عمل درامي ناضج بداخل جو فني عاجز عن أن يساهم في بلورة وصياغة دراما محلية راقية، وبداخل هذا الجو المكهرب والمشحون يبدو التحرك في الدراما المحلية صعباً صعوبة السير في كثبان من الرمل، ولست بصدد سرد الأسباب التي تمنع ظهور فن درامي متطور الى الآن، ولكن كل ما هنالك أشير الى تقدير الجميع للجهود الجبارة التي يقوم بها الفنان الدرامي المحلي بهدف الانتاج والتواجد!! فعلى حين الأعمال الفنية الكبرى على المستوى الدرامي في الخارج تمولها مؤسسات وشركات ضخمة يقوم بالمقابل الفنان المحلي نفسه بهذه المهام الجبارة والمتعددة من تمثيل وتمويل.. وصولا الى كتابة العمل نفسه. وعرض التلفزيون السعودي في الأسابيع الماضية مسلسلاً درامياً محلياً لا أود الاشارة له بالاسم، لأن التجريح ليس هدفا لي بقدر ما هو رفع عدد من علامات الاستفهام حول هذا المسلسل، لاسيما ان القناة السعودية غدت فضائية وجميع العالم يتابعها، ويتابع أيضاً الثغرات المرعبة التي يحملها هذا المسلسل، الذي كتبه وكتب السيناريو والحوار وقام بالبطولة فيه شخص واحد، وان كان له خبرة درامية في العديد من المسلسلات السابقة التي تندرج تحت نفس النمط من الدراما الفاقعة الهندية التي تعتمد على المصادفات العجيبة وغير المقنعة بشكل طفولي وغريب، والاستمرارية على نفس النمط، فالحبكة والصياغة تبدو واحدة حيث الشر المطلق والخير والمطلق والصراع بينهما بحيث ينتهي بانتصار الخير )وحملت وكملت( سبحونة الأطفال، دون أن يكون هناك توجه حقيقي لدى الكاتب نحو تجاوز الأخطاء أو التطور في الطرح الفكري والدرامي. ومن أبرز الثغرات في هذا المسلسل هو التطرف في رسم الشخصيات، وحشد المقولات الخطابية في الحوار بحيث تفرض الحقيقة على المتلقي بشكل فوقي تلقيني وقسري، دون مراعاة لعقله وقدرته على التفكير واستنتاج البعد الفني، والمساحات، الزمنية الكبيرة التي يغطيها المسلسل دون أن يكون هناك نمو درامي مقنع لهذه المساحات، الشخصيات مرتبكة وغير مقنعة لاسيما اعتماد النص الدرامي على عامل المصادفات بصورة شبه مطلقة في تبرير الأحداث أضعف النص والحبكة وجعلها تقترب من فيلم هندي قديم من أيام الأبيض والأسود.. مثلا حينما يضيع الابن لمدة عشرين عاما ثم يعود الى نفس المنزل الذي طرد منه من باب الصدفة دون ان يعلم ان هذا منزل أهله!! لم استطع أن أكمل متابعة حلقة واحدة كنت أحاول فيها ان أجامل الفن المحلي، وأحسست ان جلوسي أمام التلفاز لمتابعة هذا المسلسل هو مضيعة لبريق عيني، ومستفز لذوقي الفني، الذي بلاشك خدشه وأزعجه تمثيلية محلية، كان من المفترض ان تجعل لها سجلا من الأخطاء التي ارتكبت في المسلسلات السابقة وتحاول ان تتفادها، لا أن تعيد تكرارها بشكل مستفز وغير مبال بأذواق الجمهور، هذا من ناحية لكن الأدهى والأمر هو ان تلك المسلسلة قدمت للجماهير دون ان تدخل في حساباتها ان جماهير الفضائيات لم تعد جماهير سهلة تقبل كل ما يقدم لها كما في السابق، ان علينا ان نوظف تشجيع التلفزيون لنا بتقديم عمل درامي أفضل. ردود: الأخ نايف الشمري: حينما أقدم قراءة لرواية قرأتها، أنا لا أحاول ان استعرض عضلاتي الثقافية والفكرية بقدر ما هو توجه أحاول أن أشرك القارىء في متعة قديمة وثمينة وهي متعة القراءة، والتفكير وطرح الأسئلة، وهذا دور مهم وحيوي مطالب الكاتب الملتزم به، شكرا لاهتمامك. e-mail:[email protected]