يحظى المسلسل التركي "سنوات الضياع" المدبلج الى اللهجة السورية على شاشة "أم بي سي" بمتابعة واسعة جعلته يقترب كثيراً من حال الظاهرة التي جسّدها المسلسل المكسيكي"كاساندرا"الذي شاهده الجمهور العربي قبل سنوات. المسلسل التركي استفاد مسوّقوه العرب من تجارب سابقة في التعريب من خلال دبلجة اعتمدت اللهجة السورية بديلاً من اللغة العربية الفصحى التي كانت تثقل الدراما، فجاء تعريبه موفقاً من ناحيتيه الأولى المتعلّقة باللغة ذاتها والثانية التي تتعلّق بأسماء الأبطال والشخصيات الدرامية المشاركة. وهي ميزة قرّبت مناخ العمل كثيراً من المحلية ومنحته نوعاً من الصدقية التي انتقلت إلى المشاهد الذي صار يشعر بألفة أكبر مع حكايات المسلسل ومناخاته الإجتماعية والنفسية، ما ساهم كثيراً في استقطاب أكبر أعداد ممكنة من المشاهدين العرب، خصوصاً إذا أضفنا إلى ذلك كله شغف المشاهد العربي بمعرفة واقع الحياة في تركيا التي لا يكاد يعرف عنها إلا القليل على رغم قربها الجغرافي وعلى رغم العلاقة التاريخية الطويلة معها. مع ذلك، وبعيداً من كل ما يطبع الجديد من ظواهر لافتة، يمكن القول أن التجربة التركية الأولى عربياً جاءت أقرب إلى"الكشكول"منها إلى أي شيء آخر، ذلك أن"سنوات الضياع"هو بمعنى ما مسلسل المسلسلات وقصة القصص، بما جمعه في حلقاته من خطوط درامية كثيرة فيها الحب والمغامرة والمؤامرات مثلما فيها الصراع الإجتماعي والرومانسية من دون أن ننسى بالطبع الغناء. ويلاحظ من يتابع"سنوات الضياع"كمية المصادفات التي لا تحصى والتي جعلت أحداثه تكاد تأتي كلها إبنة لهذه المصادفات فتعفي نفسها من أي تفكير منطقي أو أسباب درامية جدّية توجب وجود هذه الواقعة أو تلك. من الواضح، وحتى من دون التعمّق كثيراً في خلفيات العمل، أنه يتوجّه مباشرة إلى فكرة تلميع صورة تركيا في الغرب الأوروبي من خلال مشاهد كثيرة قدّم فيها صنّاع العمل جلسات لشرب الخمر لم تكن لها أية مبرّرات درامية مقنعة، كما من خلال صور العلاقات المفتوحة بين الجنسين في العائلة التركية والتي جاءت غريبة ومبالغاً فيها، وبالذات فكرة حمل الفتاة غير المتزوجة ووقع ذلك على عائلتها، وهي حالة تتناقض الى حد كبير مع الواقع التركي. نقول ذلك من دون أن ننسى الجانب السياحي الذي رأيناه كثيراً في تعمّد تصوير الأحداث في المواقع السياحية. دراما أخرى حملتنا على متابعة مصير يحيى ولميس بطلي المسلسل، ولكننا نراها عابرة وبسرعة البرق.