أزعم دائماً أني مسكون بثلاثة هواجس: الصحة النفسية، ورعاية الطفولة بشتى انواعها ،وحالة المرور والسير, ولا أذكر مرة أني سقت سيارتي هادىء الفؤاد مرتاح البال,فمن ناحية أكون يقظاً مترقباً, أنظر فوق كتفي وخلفه ومن ناحية أخرى ما ان أنسى أو اتناسى حتى أفاجأ بسائق أرعن يقوم بحركة خطرة فيها من التذاكي والتباهي والاستفزاز والاستهانة بحقوق الآخرين والاستهتار بأرواح البشر, وعندما تكون المدام بجانبي فإن نصف الحديث يكون حول هذا الامر ويتراوح حديثها ما بين العجب (مني بالطبع) والتهدئة وتهوين الأمور، وامدادي بالحيل النفسية وأحياناً بالنقد اللاذع (لي أنا بالطبع): يا أخي كأنك خواجه أول مرة يطب الرياض او خلاص هناك أمور كثيرة يتجاهلها المرء لتكون سعادته أكثر، فتجاهل هذه الرزايا أو يوووه! ما ركبت معك الا وعيونك مفتحة على هذا وذاك! يا أخي انسى أو يمكن ما جاء الوقت المناسب، واذا جاء لا بد ان تتغير الأمور روبهذه الملاحظات تفتح المدام عليها ابواب جهنم، فأحط حرتي فيها وأنطلق في محاضرة طويلة عريضة ترد تارة، وتتشاغل في مشاهدة الطريق والمحلات تارة اخرى وتمتد يدها خلسة الى الراديو أحيانا أخرى. وفي ليلة رمضانية، والعالم يستعد للدخول الى الفية جديدة، حلمت أن الحكومة بكل مؤسساتها، من مجلس شورى ومجلس وزراء والمجلس الأعلى للاقتصاد وغيرها، قررت أنه Enough is enough (من طبائع الأحلام أن يختلط بها الزمان والمكان واللغة) وأن في تسيب السير وضعف أحوال المرور خسائر اقتصادية وبشرية وهدر للامكانات, مثلاً عندما يموت رجل في حادث مروري ويصاب آخر باعاقة فهو إزهاق لنفس كرمها الله دون حق، وهو إهدار لأموال انفقت استثمارا في هذا الإنسان من صحة وتعليم وتدريب, وعائلتان فقدتا معيليهما وايتام وارامل (أرملتان على الأقل) معاق بحاجة الى عناية خاصة، وموقعان منتجان توقف انتاجهما في المجتمع، ومستقبل أسرتين وضع في كف عفريت لولا رحمة ربي. ولهذا اعطي المرور أولوية واهتمامين خاصين, ومنح مدير عام المرور صلاحيات واسعة، ووضعت تحت تصرفه امكانيات هائلة, وأفقت من نومي على رنين الهاتف الجوال (من الحرص) وكان سعادة مدير عام المرور على الطرف الآخر يشعرني بأنه تم تعييني مستشاراً غير متفرغ، ويطلب مني امداده بما لدي من أفكار واقتراحات. انطلقت اليه لا ألوي على شيء (لا أعرف معناها بالضبط ولكنها تبدو مناسبة لواقع الحال، ولأول مرة اسوق دون أن تملأ رأسي ملاحظات موجعة عن طرقاتنا المستباحة. قلت له: لا داعي لامكانات هائلة. المسألة سد العجز، وإزالة النقص، وتخطيط سليم، وخطة تدريجية، وصدق وايمان وحزم وجسارة وانضباط ولديك رجال اكفاء استعن بهم، ولديك كما في كل جهاز بطالة مقنعة فاكرفهم ينتجون. بادىء ذي بدء لا بد من صياغة استراتيجية مرورية تستند الى المبادىء التالية: 1 العبرة ليست بشدة العقوبة وجسامة الغرامة ولكن في تطبيق النظام. 2 المخالفة المرورية لا تنحصر في كونها مخالفة للنظام فحسب، ولكن اكثر المخالفات هي في نفس الوقت اعتداء على حقوق الآخرين. 3 انضباط المرور والأمن في الشوارع جزء من شعار الأمن والأمان. 4 تعويد الناس على الانضباط والالتزام بأنظمة المرور في الاحوال العادية يسهل عملية الضبط والنظام في الظروف الاستثنائية (مثل الكوارث والحروب لا قدر الله). كذلك صياغة عقيدة مرورية أسوة بالعقيدة العسكرية تجعل التقصير في ضبط المرور شبيه بالتقصير العسكري على الجبهة. ولأن مملكتنا الحبيبة في حجم قارة أوروبا يجب أن تكون خطة التطوير تدريجية تقوم على ضبط المرور وتطبيق انظمته بصرامة في عدد المدن الكبيرة اولاً فهي الأكثر كثافة سكانية والهجرة الداخلية وزيارات العمل والزيارات الاجتماعية تتجه من الأطراف الى المركز ثم تشمل الخطة باقي الأجزاء من الوطن الغالي. أما اقتراحاتي العملية فتتلخص في البنود التالية: 1 جعل العمل المكتبي 25% فقط من ساعات العمل لجميع افراد قوى المرور اما ال75% الباقية فهي للعمل الميداني, فلن يتحسن نظام المرور وحالة السير ما لم يكن جل الجهد والوقت مكرسين للعمل الميداني. 2 انشاء قوة خاصة مختصة بعمل كمائن متنقلة في مختلف مناطق المدينة, ولا يقتصر عمل هذه القوة على اصطياد متجاوزي الاشارة الحمراء او متجاوزي حدود السرعة، بل يتعداه على ضبط المرور بكل جوانبه, فهناك من يقف بصورة خاطئة مستفزة عند الاشارة المرورية وهناك من يقف في الطرف الأيمن من التقاطع وهو ينوي الاتجاه يساراً او الدوران الى الخلف, كما لا يقصر عمل هذه القوة على تقاطعات الشوارع بل يتعداه الى وسط الطريق فهناك الكثيرون الذين يقدمون من شوارع فرعية ليندفعوا الى وسط الطريق. 3 استخدام كاميرات فيديو عادية لمراقبة الطريق وسيتم توفير هذه الكاميرات وأفلامها من تبرعات الوكلاء التجاريين مساهمة في هذا المشروع النبيل, ولأن لمجتمعنا خصوصية من المؤكد ان هناك من سيسأل يقول إما عن حق وسلامة نية، أو لكلمة حق يراد بها باطل كيف نضمن عدم تصوير محارمنا في السيارات؟ . ستوكل هذه الكاميرات في كل مدينة لفرد واحد يتولى تجهيزها بالأفلام واعطاء هذه الكاميرات للافراد مختومة حيث تعود إليه مختومة وتكون المسؤولية مناطة بشخصٍ واحد في كل مدينة. 4 شراء عربات نقل كبيرة ومجموعة كبيرة من الدرجات الهوائية لنقل الدراجات والأفراد الى الأحياء المطلوب تمشيطها وذلك لضبط طريقة الوقوف بالدرجة الأولى, فركن السيارة بطريقة خاطئة يؤدي الى العديد من الحوادث لحجبه الرؤية ولمضايقته متن الطريق, وهذا الأمر سيكون مفيدا للغاية لسببين: أ ضرب المربوط يؤدي الى ضبط المنفلت كما يقول المثل الشعبي. ب يؤكد علم النفس ان الانضباط في جانب يهيىء الفرد للانضباط في الجوانب الاخرى. 5 إدراج عقوبات عمل عام بدلاً من السجن والتوقيف, هذا العمل العام قد يكون له علاقة بالمرور مثل تنظيف ومسح سيارات المرور او القيام بأعمال الفراشة في ادارات المرور او الوقوف مع رجال المرور في الشوارع والطرقات في عز الظهيرة، وقد تكون اعمال اخرى مثل طلاء الجدران المتسخة بكتابات العابثين السخيفة, او الطلب من المخالف ان يكتب الف مرة اتعهد بالتزام بانظمة المرور ,, الخ. 6 انشاء محاكم خاصة بالمخالفات المرورية والحوادث وذلك احقاقا للحق. 7 انشاء شرطة مرور سرية اذ ان الانضباط لدى ربعنا وللاسف يفرض من الخارج ولا ينبع من الداخل اي ببساطة ان معظم السائقين من صنف الذي يخاف لا يستحي ولذا ان لم يلمح سيارة مرور او لم يشم رائحة احد افراد المرور فانه يصنع العجب العجاب من المخالفات المميتة. ولذلك فان انشاء شرطة مرور بالملابس المدنية والسيارات المدنية سيكون فعالا للغاية ولضبط المسألة على رجل شرطة المرور السرية وجوبا ابراز اثباته قبل اي سلام او كلام كما يمكن امداد السيارات بمصباح تنبيه ضوئي متحرك يحفظ داخل السيارة ويثبت بسهولة فوق الغمارة عند الحاجة. 8 استخدام نسبة صغيرة من الرسوم وحصيلة المخالفات لتطوير المرور. 9 انشاء جمعية لاصدقاء المرور وانا لعلى ثقة ان كثيرا من الناس واقارب الضحايا مستعدون للمشاركة والمساهمة في عمل هذه الجمعية. 10 فتح الباب لعمل المتطوعين للمشاركة في تنظيم السير حيث يقوم هؤلاء المتطوعون بالمشاركة في اعمال المرور ولقدر اكبر من العدالة ولا يصح ان تكون ادارات المرور قضائية وتنفيذية في نفس الوقت وكذلك للحكم بالاحكام المذكورة اعلاه. عدد من الساعات في الاسبوع اربع ساعات مثلا . 11 فحص اجزاء السيارة ووظائفها عند ايقافها لمخالفة ما فالاسلوب العقيم لتطبيق الفحص الدوري سابقا ادى الى ايقافه بمكرمة ملكية فمنع الفوائد المرجوة منه ولذا تسير اعداد من السيارات دون مصابيح امامية ولا اشارات,, الخ. 12 اخضاع البعض من المخالفين وطبقا لخصائص معينة لبطارية من الاختبارات النفسية لا سيما وان هناك كثيرين من ذوي السلوك العدواني السلبي وهؤلاء الذين يسيرون ببطء على المسارات اليسرى واجبار ذوي النتائج الموجبة للخضوع للعلاج المناسب. 13 تقنين عملية تحديد نسبة الخطأ لطرفي او اطراف الحادث بداية تقليص عملية النسبة الى ادنى حد لاني ازعم ان هناك تساهلاً كثيراً في هذه العملية حيث يعمد رجل المرور عن حسن نية ولإراحة ضميره الى تحميل الطرف الاخر جزءا من المسؤولية بعد ذلك تتم عملية التقنين بالاستعانة بأشرطة فيديو لحوادث مختلفة وعرضها على افراد المرور للوصول الى تقنين لعملية تقدير النسبة. 14 على الطرف المخطىء توفير سيارة للطرف الاخر طيلة ايام اصلاح السيارة. مثل مستوى سيارته واذا كانت هناك نسبة عليه دفع نسبة من مبلغ تأجير السيارة للطرف الآخر بقدر النسبة الواقعة عليه. 15 مضاعفة الغرامة على منسوبي الجهات العسكرية عسكريين ومدنيين إذ إن الأولى بهم أن يعرفوا أهمية الانضباط والحرص على النظام. 16 وضع حواجز أرضية معدنية ذات اتجاه واحد في مداخل ومخارج محطات البنزين ومواقف الاسواق والمدارس والجهات الحكومية. 17 وضع اشارات مرور ضوئية عند مداخل الطرق السريعة في المدن تعمل في ساعات الذروة فتسمح بدخول سيارة واحدة الى الطريق السريع كل بضعة دقائق. 18 الزام المدارس والمجمعات التجارية التي بها مواقف بتحديد الاتجاهات بصورة عملية، والزامها بتطبيق أنظمة المرور تحت اشراف ادارة المرور وتحصيل المخالفات لحسابها. 19 تعديل نظام الليموزين: فالنظام الحالي حيث يفرض على السائق احضار مبلغ معلوم كل يوم لصاحب العمل يؤدي بالسائقين الى فعل العجائب والقيام بشتى أنواع المخالفات لاصطياد الزبون وتوفير المبلغ المطلوب للكفيل ولهم. 20 من المشاهد المؤسفة تكدس السيارات حول المساجد والجوامع سواء في صلاة يوم الجمعة أو الصلوات الأخرى, ولذا يجب الاهتمام بطريقة الوقوف حول المساجد وتشديد تطبيق المخالفات بل ومضاعفتها فالصلاة تدعو الى السكينة والطمأنينة ولا يجوز خلط عمل خير بباطل. 21 تطوير عملية واجراءات اصدار رخص السواقة, واعتماد نظام النقاط التي تنتقص من الرخصة بحسب المخالفات حتى تصل الى سحب الرخصة الى مدة معلومة. 22 انشاء مدارس متخصصة لتعليم السواقة تخضع لضوابط معينة تحددها ادارات المرور ولاشرافها المباشر, ولا يتقدم شخص بطلب الرخصة إلا ومعه شهادة من احدى تلك المدارس. 23 تطوير وتحسين وتعديل كتيب دليل المرور المعنون بدليل السائق للقيادة الآمنة دليل قواعد المرور, ويدفع ثمنه ضمن رسوم استخراج الرخصة, ويمكن توفير ثمن طباعة مئات الآلاف من النسخ عن طريق الاعلانات والتبرعات, وكذلك يتم توفيره باللغات المحلية لأكثرية السائقين غير العرب. 24 وضع فصل خاص عن السلامة المرورية في كل مناهج التربية الوطنية. وقبل أن أكمل فوجئت بيد زوجتي تهزني بقوة وتقول فهد! يالله قم! حنا معزومين على الفطور عند أهلك! وكل ما تأخرنا زاد هبال اللي يسوقون عشان يلحقون على الفطور فلا حول ولا قوة إلا بالله. fahads*suhuf.net.sa