لا تزال تلك المرارة تعاودني.. حسبت بأنني شفيت منها او كدت.. ولكنها في هذه المرة كانت اشد من سابقاتها.. صحيح انني فقدت والديّ فاحتسبتهما عند الله ويعلم الله سبحانه وتعالى كم افتقدتهما وكم احسست باليتم والثكل بعدهما حتى ضاقت عليّ الارض بما رحبت، وكم عذبني احساسي بانني اصبحت وحيدا لا حول لي ولا قوة.. ولولا ايماني الراسخ بالله كنت شقيت اكثر فأكثر، ولولا رحمة تداركتني من ربي لكنت الآن في عداد الهالكين.. كان رحيما بي فأنزل الصبر والسكينة على قلبي فتسلحت بالصبر.. ومرت بي الايام ولاتزال مرارة فقدهما في فمي تعاودني حين ادعو لهما وانا ادعو لهما بالغداة والعشي. أيها الاخ الطاهر العزيز.. اعزي نفسي ام اعزي من؟ فالامر لم يتوقف عند فقد والدينا بل طال الموت اخوينا نسري الجو اللذين استشهدا وهما يؤديان الواجب نحو وطنهم ومليكهم وامتهم.. فزداني فقدهما يتما على يتم ومرارة حديثة موصولة بمرارة لم تزل ملء الفم والفؤاد.. وكنت انظر اليك في صمت واجتر آلامي وادعو الله سبحانه وتعالى ان نظل متحابين متقاربين روحنا واحدة فأستمد منك عزيمة وتستمد مني عزيمة لنقوى بهما على مجابهة ما حل بي وبك فاذا بالموت يطويك كما طوى والدينا من قبل وكما طوى اخوينا.أخي علي.. كأن شوقك لوالدينا ولأخوينا كان اكبر من احتمالك فلحقت بهما، اسأل الله ان تكونوا جميعكم في جنة الخلد.. آمين. اخي علي.. مازال طعم المرارة في فمي يعاودني كثيرا في هذه الايام ومع هذا فانني اذكركم على الدوام مصدر بهجة فذكراكم لا تزال ملء الصدر وملء القلب وملء الذاكرة.. فقط اعتب عليكم قليلا: لماذا تركتموني وحيدا؟