ستظل الجزيرة العربية والشعر صنوين لا يفترقان ورفيقين لا ينفصلان.. فابناؤها عفرفوا بأنهم يتنفسون الشعر كما يتنفسون الهواء.. فهم كانوا ومنذ الازل اما شعراء او يقرضون الشعر.. وبقيتهم يتذوقونه ويطربون له.. وتعاطيهم الشعري هذا يتم على السليقة والتلقائية منذ العصر الجاهلي.. عصر فطاحلة الشعر العربي.. وان كانت الذائقة والملكة الشعرية تقلصت وانحسرت نسبيا في الأزمنة المتأخرة او بالأحرى في عصرنا الحالي تبعا للانفتاح الخارجي والتمازج مع ثقافات ولغات الامم الاخرى.. مما اضعف التمكن من فنون اللغة واسرارها.. ومع ذلك لازالت تلك الجزيرة رحماً ولوداً للشعر والشعراء.. وحديثنا اليوم يرتبط بالشعر الشعبي او ما يسمى )الشعر النبطي(.. وهذا الشعر كان ولازال محل جدل ونقاش.. حول حجم المساحة المفترض منحها له في وسائل الاعلام او على طاولات البحث والدراسة في حرم الجامعات.. ولست في مقام من يسمح له بالتعاطي مع هذا السجال الادبي.. فلهذه الحلبة والمعمعة لها اساتذتها وفرسانها.. ولا زال هناك من يؤكد ان الشعر الشعبي هو سليل الشعر العربي القديم.. ولا ينقصه غير )الاعراب(.. في حين انه متوافق شعريا من ناحية الوزن والقافية والاخيلة الشعرية.. ومعظم المفردات اللغوية المستخدمة لها اصولها وجذورها الفصيحة في اللغة.. في زاويتنا هذه نتحدث قليلا عن شاعر شعبي.. لم يأخذ حقه المناسب من التسليط والوهج الاعلامي.. ففي حين يلمّع الاعلام من يستحق وهم كثير.. فهو ايضا يلمع من لا يستحق وهم ليسوا بقليل.. وربما الفنون والاغراض الشعرية التي يطرقها شاعرنا هذا ليست مما يستهوي المهيمنين على الوسائل الاعلامية.. فهو عُرف بمواضيعه الاجتماعية والانسانية والاخوانية.. وقد يكون ايضا ابتعاده الشخصي عن الأضواء وزهده فيها لم يتح له فرصة الظهور المناسب لشاعريته.. فقد وقع في يدي الديوان الاول للشاعر صالح بن فهد بن سبيل.. وهو ممن لا يستغرب شاعريته فهو سليل شاعر كبير ذي باع طويل وحافل في فنون الشعر الشعبي وهو الشاعر الفحل عبد الله بن سبيل.. فهذا الشبل من ذاك الاسد.. وشاعرنا صالح بن فهد بن محسن بن سبيل تقول ترجمته في الكتاب انه مولود في مدينة الرس عام 1347ه )سنة السبلة( .. ينتمي في نسبه لقبيلة باهله.. تلك القبيلة التي انجبت الشخصية التاريخية )فاتح الصين( القائد المسلم الفذ قتيبة بن مسلم الباهلي.. وعن صالح بن سبيل يقول الاستاذ الاديب محمد بن عبد الله المسيطير في تقديمه للديوان )شاعر شعبي اصيل ذاق طعم المعاناة في حياته.. في شعره صدق التعبير والرؤية وصفاء السريرة(.. وعنه يقول محمد بن عبد العزيز السبيل الشاعر والاعلامي المعروف )شاعر اجتماعي عفوي يتسم شعره بالبساطة والتلقائية المحببة والصدق دون نفاق او مجاملة وتظهر روح الفكاهة في بعض ابياته(..ولعل المساحة المتاحة لا تكفي للاستفاضة والاسترسال.. لكن في مقال قادم باذن الله وفي سياق نقدنا لاحدى الملاحظات السلبية في المجتمع.. سنستشهد بقصيدة طريفة وفكاهية قالها شاعرنا بعد ان اصابه شيء من شررها..! [email protected]