الله الله كم من قلوب تغلفت بالجفاء، وكم من عقول حادت عن جادة الصواب، وكم من أحاسيس عصف بها الجفاف، وكم من مشاعر تصحرت واكتست بالقسوة..!! وتجيء لحظة توقف مع النفس بكلمة رقيقة، وعبارة ودودة، وبيان أخاذ، ليتحول جفاف القلوب إلى لين، وغفلة العقول إلى إفاقة، وجفاف الأحاسيس إلى طلاوة، وتصحر المشاعر إلى اخضرار ونماء! قالها النبي صلى الله عليه وسلم وهو أفصح البشر، وأعلمهم بالبيان، ليجيء بتشبيهه لذلك البيان بالسحر، مختصراً الكَلِم في حروف محدودة تعطي من المعاني ما تعجز عنها الخطب والمقالات. ها هو شاعر من شعراء العربية يقول - وقد علم بما للكلمة الطيبة، والبيان الجميل من تأثير على النفس: لا خيل عندك تهديها ولا مال فليسعد النطق إن لم تسعد الحال نعم إن الشاعر قد عرف أن الكلمة الطيبة قد تغني عن المال والمتاع، خصوصاً إن جاءت صادقة نقية معبرة عن أحاسيس حقيقية. إن البيان الجميل، والتعبير الصادق هما مفتاح القلوب، فإذا امتزجا بالفصاحة، ومعرفة أسرار اللغة وجمالياتها يصبح التأثير أقوى، والتبليغ أوقع. ما أجمل أن نكون ممن يمتلكون موهبة البيان، وفصاحة اللسان، ومشاعر الإنسان، لنكون من المحظوظين بهبة إلهية عظيمة لا يعرف قدرها إلا من أوتي عقلاً حصيفاً، وأفقاً متسعاً، وفؤاد شفيفاً. حقاً: إن من البيان لسحرا. أسماء محمد