سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ركزت جهدي في أداء مهامي على ثلاثة محاور رئيسة: تأصيل هوية البيت العربي والمصالحة والحلول السلمية الدكتور عصمت عبد المجيد في آخر كلمة له امام القادة العرب
ألقى الدكتور عصمت عبدالمجيد أمين عام جامعة الدول العربية كلمة في الجلسة الافتتاحية تعد آخر كلمة له أمام القادة العرب لكونه سيسلم أمانة جامعة الدول العربية لخلفه الأستاذ عمرو موسى وزير خارجية مصر الذي حظي باجماع الدول العربية على اختياره لقيادة العمل في جامعة الدول العربية. وفيما يلي نص كلمة د. عصمت عبدالمجيد.. بسم الله الرحمن الرحيم صاحب الجلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين عاهل المملكة الأردنية الهاشمية.. رئيس القمة العربية أصحاب الجلالة والفخامة والسمو السيدات والسادة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ينعقد هذا المؤتمر الهام الذي تحتضنه المملكة الأردنية الهاشمية، بدعوة كريمة من جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، الذي وضع كافة الامكانات، وحشد كل الجهود، وسهر على توفير كل ما من شأنه إنجاح أعمال هذه القمة. ويسعدني أن أعرب لجلالته عن أصدق مشاعر التقدير والامتنان لما تفضل به من سامي الرعاية ودائم العناية، ولحكومته الموقرة فائق الشكر على ما بذلته من حسن الإعداد والتنظيم، وما أبدته من تعاون وثيق مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، وكل أمنياتي الطيبة للشعب الأردني الشقيق باطراد التقدم، ومزيد الرخاء تحت القيادة الحكيمة لعاهل الأردن جلالة الملك عبد الله الثاني. كما أتوجه بأسمى آيات الشكر والتقدير إلى فخامة الرئيس محمد حسني مبارك، رئيس جمهورية مصر العربية على الجهود القيمة والدؤوبة التي بذلها خلال رئاسته للقمة السابقة، من أجل تعزيز عملنا المشترك وإرساء دعائم التضامن العربي المنشود. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو لقد شكلت قمة القاهرة غير العادية التي دعا إليها فخامة الرئيس محمد حسني مبارك في الحادي والعشرين من أكتوبر الماضي منعطفاً هاماً في مسيرة العمل العربي المشترك، بإقرار آلية الانعقاد الدوري المنتظم للقمة العربية، الأمر الذي يمكن قادة أمتنا من التواصل واللقاء بصفة دورية، لمعالجة قضايانا الحيوية، وتأكيد مصداقية القرار العربي في خدمة القضايا المصيرية المشتركة. وتجسيداً لهذا التوجه، ينعقد مؤتمرنا اليوم، محاطاً بمشاعر الأمل والاستبشار التي تملأ قلب كل عربي، وتتابعه عن كثب مختلف الدوائر السياسية، مترقبة ما سوف يصدر عنه من نتائج تزيد من ترسيخ وتفعيل التضامن العربي، وتترجم الالتزام القومي تجاه قضايانا المصيرية، وفي مقدمتها دعم صمود الشعب الفلسطيني وانتفاضته الباسلة، بغية تحرير أراضيه المحتلة، وترتقي بالعمل العربي المشترك إلى المستوى الذي تطمح إليه شعوب أمتنا العربية. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو إن أنظار أمتنا تتطلع إليكم وكلها ثقة فيما ستتخذونه من خطوات عملية، تعزز التضامن القومي تجاه القضية الفلسطينية، وتجسد التحرك وفق خطة عربية، تمكن من إنهاء العدوان، ورفع الحصار، وتوفر الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وتعلن للعالم أجمع انه لا سبيل لإرساء قواعد الأمن والتعايش السلمي في المنطقة إلا بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لجميع الأراضي العربية المحتلة في فلسطين، وفي الجولان السوري العربي المحتل، وفق قرارات الشرعية الدولية، ومبدأ الأرض مقابل السلام وانسحاب إسرائيل إلى ما وراء خط الرابع من يونيو / حزيران 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وتحرير الأجزاء المتبقية في جنوبلبنان. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو لقد تشرفت بتحمل مسؤولية العمل العربي المشترك طيلة عشر سنوات، في ظل ظروف تاريخية دقيقة وصعبة على المستوى العربي، وتحولات عميقة على الصعيد الدولي. ولقد كان سلاحي للتعامل مع هذا الوضع المعقد في كل جوانبه، هو الالتزام بمبادئ وأهداف ميثاقي جامعة الدول العربية، والأمم المتحدة، وقرارات مؤتمرات القمة العربية، ووزراء الخارجية العرب، فضلاً عن إيماني المطلق بقدرة أمتنا على مواجهة المحن، وتجاوز الصعاب، والتعامل بكل عزيمة وإصرار مع كافة التحديات مهما كانت وطأتها وحدتها. ولقد ركزت جل جهدي في أدائي لمهامي على ثلاثة محاور رئيسية: أولاً: تأصيل هوية بيت العرب، والمحافظة عليه، وتحديث آلياته والتوصل الى أن يكون مؤتمر القمة السنوي مرجعية عليا في مؤسستنا القومية، وذلك يعد نقلة نوعية في العمل العربي المشترك تمكنا من تحقيقه بفضل إرادة الدول التي عملت بكل تصميم على تجسيده، وكان لي شرف المساهمة في إخراجه. ثانياً: الإيمان بأن المصالحة القومية العربية تشكل جوهر العمل العربي المشترك، والأساس الحقيقي لبنائه على قواعد صلبة، وقد رفعت إلى مقام حضراتكم منذ ما يربو عن السنوات الثماني مبادرة لإجراء حوار هادئ وعقلاني قوامه المصارحة والمكاشفة، وبهدف تصفية التداعيات التي ألمت بأمتنا، ورفع المعاناة والحصار عن العراق، وحل مسألة الأسرى والمفقودين الكويتيين وغيرهم، وبما يؤدي إلى تنقية الأجواء، وبناء جسور الثقة والتفاهم، وإرساء المرتكزات التي تصون وحدة الصف، واستعادة التضامن، وتوثيق التعاون الاقتصادي، والحرص على استقلال كل دولة عربية، وصيانة أمنها الوطني والأمن القومي العربي في عمومه. واليوم، ونحن نرى بشائر المصالحة القومية، فإنني على ثقة بأن استمرار عمل لجنة المتابعة والتحرك العربية يسهم كثيراً في تقريب وجهات النظر، والعمل على إصلاح ما قد يطرأ من خلل في العلاقات العربية، من خلال التنسيق والتشاور والتحرك، وبما يحقق الأهداف المنشودة لأمتنا العربية. وبقدر الإيمان الذي يملأ نفسي بقدرة أمتنا ذات التاريخ المجيد والحضارة العريقة، فإنني واثق أن القرارات التي سيتخذها مجلسكم الموقر في هذا الصدد ستمكن دولنا من المضي قدما في تعزيز تضامنها وتطوير أساليب تعاونها، وخدمة لأهدافنا وتعزيزاً لمسيرتنا المشتركة. ثالثاً: إن استعادة التضامن العربي لا يتم عن طريق التمني أو التبشير به، بل بالعمل والممارسة الواعية في كافة المجالات، وبالإقدام على اتخاذ القرارات التي تتطلع إليها جماهير أمتنا من المحيط الى الخليج. ومن هذا المنطلق، كان قرار قمة القاهرة غير العادية في يونيو 1996، بإقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، التي نسعى من خلالها لإقامة السوق العربية المشتركة، ومن حسن الطالع أن يتواكب تفعيل العمل الاقتصادي العربي المشترك مع إطلاق مشروع الربط الكهربائي المشترك بين: مصر وسورية والأردن، والذي يعد خطوة هامة في الطريق نحو تحقيق التكامل الاقتصادي العربي المشترك. ويسعدني ان أغتنم هذه المناسبة لأقدم أصدق التهاني لصاحبي السمو الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة، والشيخ حمد بن خليفة آل ثاني على ما انتهى إليه قرار محكمة العدل الدولية بالفصل في النزاع الحدودي بين البحرينوقطر، واثقاً أن الدولتين الشقيقتين ستسعيان معاً إلى تقوية وتنمية أواصر التعاون بينهما، وبما يحقق ما تصبو إليه أمتنا العربية من تعاون مثمر وبناء وإلى تمتين أواصر التعاون العربي المشترك، كما أشيد بالاتفاق الذي تم بين المملكة العربية السعودية ودولة قطر وما أدى اليه من إنهاء ترسيم الحدود بينهما في إطار أخوي. ولعل هذا يكون حافزاً لنا لإقرار النظام الأساسي لمحكمة العدل العربية، كما ورد في نص المادة التاسعة عشرة من ميثاق جامعة الدول العربية، وبعد أن تكاملت كافة عناصرها. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو إنها لمناسبة عزيزة على النفس، راسخة في الوجدان، أن أقف بينكم اليوم بعد أن أديت مهمتي، ويتملكني الشعور بالقناعة والرضا على ما قمت به في إطار المسؤولية القومية التي حملتموني إياها. وإنني إذ أتوجه الى أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، بصادق الشكر وفائق التقدير على الثقة الغالية، والتوجيهات السديدة والدعم المتواصل الذي كان زادي في أصعب الأوقات، والذي بدونه ما كنت أحقق ما ترضى عنه نفسي ويرتاح له ضميري، فاسمحوا لي أن أتوجه بوافر الشكر وعميق الامتنان إلى فخامة الرئيس محمد حسني مبارك، الذي شد من أزري، ووضع ثقته الغالية في شخصي، وأحاط جامعة الدول العربية بكامل العناية والرعاية. وأتمنى للأخ عمرو موسى المرشح لمنصب الأمين العام كل التوفيق والسداد في مهامه القومية الجديدة، وإنني لواثق بأن ما يتمتع به من كفاءة عالية، وحنكة واقتدار، سيمكنه من مواصلة قيادة دفة مسيرة العمل العربي المشترك نحو المزيد من الإنجازات، لبلوغ غاياتنا وأهدافنا القومية. وفي النهاية، لا أجد أسمى وأعظم لختام كلمتي من قوله تعالى في كتابه الكريم: «كنتم خير أمة أخرجت للناس» «وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون» صدق الله العظيم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.