تقف أقراص تسكين الألم عاجزة أمام معاناة المصابين بأمراض مزمنة ومؤلمة. ولهؤلاء يتمثل الأمل الوحيد في الاستعانة بمتخصصين مدربين على تخفيف الشعور بالألم، تكاد جهودهم لا تقدر بثمن عندما تتوقف المسكنات عن العمل. ولا يدرك البعض سوى في مرحلة لاحقة من المرض أن الشعور المستمر بالألم بات مشكلة في حد ذاته وأنه أصبح يضاهي المرض الأصلي من حيث قدر المعاناة المتولدة عنه. ويعرف الألم بأنه صار مزمنا عادة إذا ما استمر لأكثر من ثلاثة أشهر وغدا يؤثر على حياة المصاب به بشكل ملحوظ. ويقول هارالد لوتشياس الطبيب في عيادة خارجية لعلاج الألم في شليسفيج بشمالي ألمانيا قد يعني هذا ألا يكون بمقدورهم العمل أو الاستمرار في علاقة مع شريك الحياة . ويقول ديتمار كراوز من منظمة الصليب الأخضر بألمانيا يعمل الألم الحاد كتحذير واق، وهو عادة ما يختفي بسرعة بعد أن يعالج بفعالية. أما الألم المزمن فيفقد خاصيته كأداة تخدير وبمرور الوقت يتحول إلى عارض قائم بذاته. وتقدر منظمة الصليب الأخضر عدد المصابين بالألم المزمن في ألمانيا وحدها بحوالي 5.7 ملايين شخص. وأكثر الشكاوى شيوعا هي آلام الظهر والمفاصل والآلام الروماتيزمية والعصبية الناجمة عن الأورام وهشاشة العظام وأمراض الأوعية الدموية. وتقدر المنظمة أن العلاج المتخصص في تخفيف الألم يمكن أن يفيد نحو600 ألف حالة من هذه الحالات. ويحاول العديدون التغلب على مشاعر الألم بالأدوية. إلا أن علاج الألم دائما ما يجمع بين أكثر من مجال طبي. يقول هانو يايجر، المتخصص في علاج الألم والعلاج النفسي في هامبورج أولا يوصف للمريض مسكن للألم يمكن أن يساعده حقا. ثم تبدأ أنواع أخرى من العلاج مثل التثبيط العصبي واستشارات الألم والتدريب على أساليب التعامل معه والعلاج النفسي. وعادة توصف لضحايا الألم المزمن عقاقير ممتدة المفعول مثل مشتقات الأفيونكالمورفين. ولا تنجم في هذه الحالات مشكلة إدمان المريض للدواء بخلاف الاعتقاد السائد، إذا يقول روديجر فابيان رئيس الرابطة الفدرالية لمساعدة ضحايا الألم في ألمانيا لا خطورة من الإدمان على الأدوية التي تفرز مادتها الفعالة في الجسم على نحو تدريجي. والمهم في هذه الحالات أن يلتزم المريض بجدول دقيق لتعاطي الدواء حتى يتسنى أن يأتي بالفائدة المرجوة منه. وحتى إذا شعر المريض بتوقف الاحساس بالألم فعليه أن يواصل تعاطي الدواء لان أسباب الألم المزمن نادرا ما تشفى تماما. ويقول هانو يايجر أكثر الآلام المزمنة غير قابلة للشفاء، ولكن من الممكن على الأقل تخفيف حدتها. ومن المهم جدا أن يستأنف ضحايا الآلام المزمنة حياتهم الطبيعية مجددا بحيث يتحركون ويمارسون أنشطتهم الاجتماعية كما كانوا يفعلون دائما".