بحضور سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والافتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ رعى معالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ الليلة الماضية الحفل السنوي الذي أقامته الأمانة العامة للتوعية الإسلامية لتكريم الدعاة المشاركين في موسم حج العام الحالي وذلك بمقر مركز الخدمة الاجتماعية بجوار الأمانة العامة للتوعية في حي العزيزية بمكةالمكرمة. وقد ألقى سماحة مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ كلمة في الحفل تحدث فيها عن أمور الفتوى.. فقال: إن شأن الفتوى وافتاء الناس شأن عظيم، إذ الواجب للمفتي ومن يتولى افتاء الناس في المسائل ان يتقي الله فيما يقول، ويعلم ان الله سائله ومحاسبه عما يقول، فليتق الله، وليتكلم بعلم، ويسكت عن علم، يقول الله جل وعلا: «قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق، وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون»، فالقول على الله بغير علم أمر خطير. واستطرد سماحته قائلاً: كان سلفنا الصالح يتقون ذلك، وربما امتنع بعضهم عن الافتاء خوفاً من الوقوع في هذا الوعيد، وكانوا يعظمون أمر الفتوى، ويتحرزون، ويتحرجون من ان يقدموا إلا ما علموا انه حق، ذلك ليؤدبوا غيرهم، ويعلموا غيرهم منزلة القول على الله، محذراً سماحته من ان من يقول على الله بغير علم عرَّض نفسه للوعيد الشديد، قال الله تعالى: «ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب» وقال الله عز وجل: «وما أوتيتم من العلم إلا قليلا». وأوصى سماحة مفتي عام المملكة طالب العلم بالحرص على ان يُزوّد من العلم، ويبحث ويراجع في المواسم ما يناسبها إن كان في موسم الحج، استعد لهذا الموسم منذ أيام وأشهر، وقرأ، وفتش، واطلع على ما قاله من سبقه، وإذا كان قضية نص من كتاب الله أو سنة محمد صلى الله عليه وسلم فذلك الأمر الواضح الجلي وما أشكل عليه لعله يرى لأهل العلم السابقين توضيحاً لذلك وكشفاً عن بعض الأمور، فيزداد بذلك معرفة وعلماً، أما طالب العلم يأتي لأي موسم خالي الذهن ما قرأ، ولا فتش، ولا نظر في المسائل، إذا اهتم بشيء إنما يبني أمره على سابق علم أو مسائل يحفظها فربما اشتبه الأمر عليه واختلفت الأمور في نظره فيقدم على الفتوى في أية مسألة وهو لا يدري أدلتها ولا يصور واقعها. وأكد سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ ان تقوى الله لازمة للجميع فيما نفتي به، حتى نفتي الناس بعلم، ويصدر الناس منا عن علم، وقال سماحته: فإن من أفتى فتوى بغير تثبت فإنما إثمها على من أفتاه، فتحمل لهذه المسؤولية، فالواجب تقوى الله، والواجب التناصح بيننا، والتشاور فيما بيننا وكل منا يسأل أخاه فيما أشكل عليه ويستوضح ما أشكل عليه فلعل في التشاور والتعاون يحصل الخير بمشيئة الله وارادته. ومضى سماحته قائلاً: إن لقاءنا إن شاء الله لقاء مبارك، ولقاء خير ولقاء يجتمع فيه طلاب العلم والدعاة إلى الله الذين عهد لهم تبصير الحجيج، وتوعيتهم، وتثقيفهم في دين الله، مشيراً إلى ان تفقيه الحجيج كان امراً معروفاً لدى المسلمين السابقين، وكانوا دائماً يعينون من يفتي الناس في المناسك، وكانوا يعينون للحج من يفتي الحجيج، ويهتم بذلك، ويكون مرجعاً فيما يصدر عنه. وأوضح سماحته في السياق نفسه انه بتطوير هذا الأمر في هذا الزمن وكون الدعاة ولله الحمد بلغوا هذا العدد العظيم ورؤية أولئك الاخوة على هذا المجتمع المبارك، إنما تلك اللقاءات تسر المسلم ويفرح بها سائلاً الله ان يوفقنا جميعاً للاخلاص في القول والعمل ويعيننا على ما كلفنا به من واجب وأشاد سماحة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ بجهود وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في الترتيب والتنظيم والإشراف على ضيوف خادم الحرمين الشريفين الذين قدموا لأداء فريضة الحج على نفقته أيده الله ، منوهاً في الوقت ذاته بمستويات ضيوف خادم الحرمين الشريفين العلمية، فمنهم كبار المسؤولين في الإدارات التعليمية في بلادهم الذين عبروا عن جزيل امتنانهم وتقديرهم لمقام خادم الحرمين الشريفين. واعتبر سماحته اختيار وزارة الشؤون الإسلامية لهؤلاء المسلمين لأداء فريضة الحج موفقاً ووسيلة لريادة الدعوة إلى الله، وتبصير الأمة وتثقيفها. وجدد سماحته اهتمام الدعاة بتبصير الناس بعقيدة التوحيد الخالص وتحذيرهم من الشرك بالله، ودعوتهم إلى الاهتمام بالعقيدة، والحرص عليها مبيناً ان تكريس الجهود في بيانها هو أمر من أهم الأمور وأعظمها، وكذلك الحرص على ايصال الخير لهم والأخذ بهم برفق وحلم وايضاح المسائل لهم بالدليل من الكتاب والسنة واقناعهم بلين وعدم القدح فيمن افتاهم لكي يقتنعوا بفتواه. وشدد سماحته في ختام كلمته على ان دعوة الحجيج لهذا الموسم العظيم هي واجب علينا جميعاً كما هو واجب فتح صدورنا للمستفتين من ضيوف الرحمن لجهلهم وقلة علمهم وادراكهم بالدين الإسلامي، مؤكداً سماحته على أهمية حرص الدعاة على تأليف قلوبهم، واستمالتهم إلى الخير، لعل الله ان يحقق على أيديهم الخير. ثم ألقى معالي الوزير الشيخ صالح آل الشيخ كلمة في الحفل شكر فيها سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ على عنايته بكل ما يختص بوزارة الشؤون الإسلامية من أعمال وجهود، وعلى حضوره هذا الحفل والالتقاء بمنسوبي هذا القطاع الدعوي والعاملين فيه من إداريين ودعاة وخطباء، وذلك في سبيل تحصيل المصلحة العامة التي يرجى لها إن شاء الله تعالى ان تتواصل، كما شكر معاليه جميع أصحاب الفضيلة المشايخ الذين يشاركون في التوعية الإسلامية لحج هذا العام، سائلاً معاليه الله تعالى ان يزيدهم رؤى وهدى، وان يتقبل أعمالهم ويجعلها في موازين حسناتهم. كما شكر معاليه في كلمته الأمانة العامة للتوعية الإسلامية في الحج والهيئة العليا للتوعية في الحج على رعايتها للتوعية وتنظيمها لبرامجها حيث بذلوا جهوداً وعملوا عملاً كبيراً مشكوراً يتنامى مع السنين ويزداد في نوعيته جودة في أداء رسالته، داعياً الله تعالى ان يثيبهم وان يجعلنا الله دائما وإياهم ممن يتحرى ويتقدم في عمله إلى ما فيه المصلحة. وأفاد معاليه في كلمته ان المقترحات العامة والخاصة التي وصلت للوزارة والمتعلقة بجميع النشاطات التي تقوم بها مختلف قطاعات الوزارة تلقى الاهتمام الكبير من الوزارة، وتفحص من قبل لجنة عالية المستوى، حيث تنظر اللجنة حالياً إلى العديد من المسائل التي هي قادمة للتطبيق الآن، وتسعى إلى تطبيقه، كما تنظر اللجنة إلى عدد من المسائل غير القابلة للتطبيق الآن لحاجتها إلى استعدادات خاصة، فيرتب لها تلك الاستعدادات، لتكون قابلة للتنفيذ في المستقبل إن شاء الله . وكان الحفل قد بدئ بالقرآن الكريم ثم ألقى الأمين العام للتوعية الإسلامية في الحج الشيخ جابر المدخلي كلمة رحب فيها بسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ وبمعالي الوزير، كما رحب بالدعاة والحاضرين، وقال: ان لقاء الدعاة والمرشدين في هذه الليلة المباركة بسماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، وبمعالي الوزير الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ للاستماع إلى توجيهاتهما، والحوار المباشر معهما في أهم ما يتعلق بتوضيح هذه الشعيرة السنوية فريضة الحج وبيانها لضيوف الرحمن على الوجه الذي شرعه الله، وأوضحه نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله. وشدد الأمين العام للتوعية الإسلامية في الحج على النهج الذي اتبعته هذه البلاد الطيبة منذ عهد الملك المؤسس يرحمه الله في استثمار مواسم الحج لصالح الدعوة إلى الله وتأصيل العقيدة الصحيحة في نفوس الحجاج والتحذير من الشرك والبدع كبيرها وصغيرها، والعناية بضيوف الرحمن تعليماً وتوجيهاً ونصحاً «بالحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن»، حتى هذا العهد الميمون في تهيئة كافة الخدمات العظيمة التي تقدمها الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين لحجاج بيت الله الحرام وزوار مسجد نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ومن أهمها ما يتعلق بتوعية الحجاج توعية شرعية تبين لهم أحكام فريضة الحج وآدابها. ثم ألقى الشيخ ناصر بن عبدالكريم العقل كلمة الدعاة المكرمين في هذا الحفل شكر في مستهلها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد على ما توليه من عناية فائقة مشكورة ومذكورة من خدمات جليلة علمية وإرشادية وغيرها لحجاج بيت الله الحرام، وقال: إن ذلك يأتي في إطار ما تقدمه حكومة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ووفقه لكل خير لحجاج بيت الله الحرام من خدمات جليلة على كافة المستويات. وفي نهاية الحفل أجاب سماحة مفتى عام المملكة ومعالي وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد على أسئلة الدعاة.