قلة من الناس يعتبرون أن ما آل اليه حال المطلقات في مجتمعنا أمراً معيباً وكارثة اجتماعية بل خصَّوا المرأة بأنها أساس مشكلة الطلاق وأنها تتحمل نسبة كبيرة من أسبابه, ولو عدنا أدراجنا عبر الزمن للقرون الأولى لوجدنا أن الطلاق لم يكن في يوم من الايام سببا في عذاب الرجل بقدر ما هو جحيم لايطاق بالنسبة للمرأة,, وها نحن نعيش على مشارف القرن الواحد والعشرين وما زالت النظرة القاسية للمرأة على أنها شيء تابع للرجل لا تملك من قرارها سوى الاذعان وان كان هذا على حساب حياتها العاطفية وشعورها بالحب والامان وليست كائنا مستقلا بروحه وشعوره واطلالاته العاطفية. فمن هي المرأة,, إنها الأم والأخت والزوجة والابنة فما بالنا نقسو على بعضنا البعض,, مابالنا نرى بعين جاحظة محمرة,, ما بالنا نرى بعين أنانية أمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا وبناتنا,, سأسرد عليكم ما نحن عليه الآن بواقعية وصراحة محمودة ولكم ان تحكموا وتروا بعقولكم, هل نحن نقف على أرضية جيدة من نظرة العدل والانصاف بحق المرأة,, ذلك المخلوق الجميل الذي وإن قسا عليه الرجل في كثير من الأحايين فإنه يبقى الروح الذي يشاركه روحه ولايمكن الاستغناء عنه بأي حال, يثابر الرجل في معيشته ويمني النفس بزوجة صالحة وما أن يتوكل على الله حتى تسهل الأمور أمامه وهذا أمر ملحوظ للجميع والحمدلله، وما ان تمر أيام على زواجه حتى تأتي الزوجة عائدة لأهلها غير راغبة في زوجها وعندما يتم السؤال عن السبب يأتي الرد منها وبنبرة حزينة منكسرة: لا استطيع العيش معه,, لا احبه,, هنا تقوم الدنيا ولا تقعد على رأس الزوجة المسكينة ويحاول الجميع ثنيها عن ما تفكر واعادتها الى بيتها ألا انها تواجه كل هذا بمسببات قد تكون جوهرية لا تستطيع الاستمرار في حياتها مع زوجها,, ألا أن جميع من يعرفها يصب جام غضبه عليها وتذكيرها بأنها ستندم وأنها الخاسرة بهذا التفكير,, بل يتعدى الأمر احيانا إلى ارغام المسكينة على العودة لمن لا ترغب فيه. عدا نظرة المجتمع لها كونها مطلقة,, منبوذة,, العيون تلاحقها من اهلها,, قريباتها,, صديقاتها القريبات,, وتصحو المسكينة كل صباح على حالها هذه بنفسية سيئة محطمة وكل ذنبها أنها قررت وعن اقتناع كامل انها لا تستطيع الاستمرار وقبل ان تتورط بأطفال يكونون هم الضحية الحقيقية لمثل هذا الزواج غير المتوافق,, انظروا لبطاقات الافراح ستجدون اعلاها في الغالب عادة محمودة يكتبها أهل العريس والعروس وهي حديث شريف عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول اللهم بارك لهما وبارك عليهما وأجمع بينهما بخير ,,, هذا هو الأساس القوي والمتين,, ان يجمع بينهما بخير ولكن مشيئة الله لم تجمع قلب هذه المسكينة بقلب زوجها,, فلماذا نلاحقها بالظلم تارة,, وبالغضب تارة أخرى,, الا نتذكر ان ما من احد يملك مفاتيح القلوب سوى خالقها,, ألا نتذكر ان العلاقة الاسرية لابد ان تقوم على اساس قوي على المحبة والرحمة,. بالمقابل,, فإن الرجل عندما يعود لأهله بعد ايام من زواجه ويقرر بدون اي نقاش عدم الاستمرار في العيش مع زوجته الجديدة, يسألونه في استحياء: ما السبب فيأتي الرد منه وبنبرة كلها غضب وشماتة وندم على ماخسره: لا أريدها,, هذه ليست زوجتي التي أحلم بها,, هنا يأتي الدعم والتأييد بل المواساة من أهله ولا يبقى سوى التصفيق هذا افضل بدل ان تتورط مع من لا تحب، لا تزعل البنات كثر وسنزوجك بأفضل منها حتى اقرب المقربين له والده أو والدته لا يستطيعون بل قد يستحيون من مناقشة الامر معه مرة اخرى بل يعملون على التخلص سريعا من زوجته والبحث عاجلا عن زوجة جديدة,, المعادلة هنا صعبة والتناقض هنا كبير بل شاهق,, أنا لا أبحث عن مقارنات ومساواة فنحن نعلم جميعا موضوع القوامة ولا أريد أن أدخل في أمر مفهوم ومعروف دينيا واجتماعيا,, بل ان بحثي هنا عن النظرة غير العادلة فيما تقرره البنت بعد الزواج وما يقرره الزوج بعد الزواج,, هنا نجد الهجوم والمعاتبة الجارحة والاستخفاف بالعاطفة وبما اختار القلب وقرر,, وهناك نجد الترحيب والتشجيع بل المساعدة على الزواج من جديد. نحن بحاجة فعلا الى مراعاة الشعور فيما بيننا فالعاطفة والحب لا يملكهما جانب واحد فقط,, نحن بحاجة الى الرفع من مستوى نظرتنا التشاؤمية للمطلقة ما لها وما عليها,, هل فكرنا ولو للحظة واحدة ان ما قد حدث لهذه الزوجة المطلقة وبهذا الشكل ربما قد يحدث لاحدى بناتنا,, وهل تستطيع ايها الأب ان تجر ابنتك من شعرها واعادتها لبيت زوجها التي لم تستطع هي ان تحبه,, أو على الاقل هل يجرؤ قلبك على اجبارها مكرهة باكية غير راضية على العيش مع زوج لم يؤلف الله قلبها مع قلبه. هل تستطيع!! انظر حولك,, مع زوجتك وأولادك هل تحبهم,, ويحبونك,, اذا كان كذلك فلماذا تستكثر على ابنتك أن تعيش بسلام وبمحبة مع من تحب, أسأل المولى جلت قدرته أن يوفق أولادنا وبناتنا الى حياة زوجية هانئة سعيدة وان يرزقهم المودة والرحمة انه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على سيدنا محمد. فهد صالح الجطيلي بريدة