يعيش الكثير من الأزواج حياة غير مستقرة قد يكون لأسباب حقيقية والبعض لأسباب تافهة أو أنها على قدر بسيط من الأهمية ويقوم أحد الأطراف بتضخيمها. من ضمن هذه المشاكل التي قد تؤدي بالحياة الأسرية إلى النهاية قضية الماضي الذي يمتلكه أحد الزوجين، فالكثير من الأزواج قد مر بتجربة عاطفية سواء المرأة أو الرجل، وبعض الناس قد تمر عليه هذه التجربة مرور العابرين. أما البعض الآخر فيشقى بها وتساهم في تعقيد حياته. وإذا تدخل الأهل في هذه القضية فإنها تتعقد أكثر، لأن بعض الأزواج قد يكون متسامحاً مع طرفه الآخر، وقد يغفر له ماضيه خصوصاً المرأة، إلا أن الأهل في بعض الأحيان يكون لهم دور دمرافيساهمون في تغيير حياة تلك الأسرة الصغيرة التي أرادت أن تعيش هانئة. فماذا يقول الأزواج في ماضي زوجاتهم، وهل يقبل الرجل أو المرأة الزواج بشخص لديه ماض وعلاقات سابقة ؟ في البداية تقول ياسمين أحمد - مهندسة ديكور- لواكتشفت أن زوجي له ماض وتركه ولم يعد له علاقات مع نساء بعد زواجنا فإني أقبل العيش معه، مستدركة إنني خمنت أنه لن يعود إلى ماضيه وإذا كانت سمعته طيبة بين الناس فإن الأمر سيصبح عادياً، وحيث أنه من غير عيوب تذكر. أما إذا كان أهله سيئي السمعة فهذا الشيء لا يخصني أبداً، إذ أن ما يهمني هو زوجي فقط. وتؤيد هيا خالد ربة بيت ما قالته ياسمين مضيفة: إذا كانت سمعة الأهل غير طيبة فهذا الشيء لا يخصني، فإني لن أتزوج أهله، أما إذا كان هو له ماض فمن الممكن أن أتأثر باعتباري امرأة من طبيعتها الغيرة، ولكني سأحاول تناسي الموضوع وكأنه لم يحصل أبداً واعتبر أن ذلك الوقت لا يخصني، ولم تحدث علاقاته بوجودي معه، وإنما هي حياته الخاصة متسائلة كم من رجل لم يكن له ماض قبل الزواج وعندما تزوج هدم بيوتا. وتضيف هيا المهم عندي أنه لم يستمر في هذه العلاقات العاطفية مثل الماضي والمفروض أن المرأة تنسى وتتغاضى عن كل شيء حدث مع زوجها، وإذا نظرت كل امرأة بهذا المنظار وأخذت في عتاب زوجها لأنه صاحب علاقات سابقة فإن الكثير من الأسر ستتهدم وستخرب البيوت ولذلك فالأمر يجب أن يطوى بذكاء وببعض التنازل من المرأة. أما شوق محمد - طبيبة أسنان - فتقول: تزوجت بعد علاقة حب والحب عطاء بلا حدود وعندما نحب شخصا فإننا نتجاوز عن أخطائه سواء كانت في الماضي أو في حياتنا الحاضرة، وبالطبع فإن المرأة تكره هذا العمل ولكنه لا ينبغي أن تكره الزوج لهذا السبب لأن هناك فرقا كبيرا بين الفعل وصاحبه، ومن هنا فلا مانع من العيش معه لأن الله يسامح ويغفر ويرضى فلماذا نحن البشر نكره ونغضب ولا نسامح، مضيفة إنه بالإمكان محاولة مناقشة وحل الموضوع بطريقة ناجحة وحضارية وبذلك أتغاضى عن ماضيه. وتوجه شوق نصيحة للزوجات قائلة: على كل امرأة متزوجة ألا تبيت في فراشها إلا وهي خالية البال إن كان هناك ما ينغص عيشها من هذه الناحية. وقال عبد الله محمد - موظف حكومي - تزوجت من زوجتي الأولى عن علاقة حب، حيث لم أكن أتمكن من الابتعاد عنها ولم تكن بيننا أي مشاكل وإذا زعل أحدنا من الآخر لا تكاد تمر دقائق إلا ويعتذر أحدنا. لقد كان حبنا حقيقيا بكل معنى الحب وما فيه من تضحيات. ويضيف عبد الله لم تستمر هذه الحياة طويلاً فقد اكتشف أهلي ما لم يكن بالحسبان حيث عرفوا أن والد زوجتي خريج سجون إثر قضية تعاطي المسكر، إلا أنه بعد خروجه أصبح رجلاً صالحاً ولا يترك ذكر ربه، بل وأخذ في تربية أولاده إلى أن تمكن من تزويجهم بما فيها زوجتي. ولم يشفع لأهلي ذلك بل أجبروني على تطليق زوجتي وحيث ظروفي صعبة للغاية إذ لم أتمكن من الخروج مع زوجتي في شقة مستقلة لذلك اضطررت لتطليقها مرغماً. ويختلف مشعل الخالدي مع عبد الله إذ أنه ما إن تحدثنا معه حتى قال: إن الرجل الذي يرضخ لضغوطات أسرته في هذا المجال يعتبر ضعيف الشخصية وكان من المفروض أن يتحدى هذا القرار ولكن بحكمة وروية لا أن يتنازل عن قناعاته بهذه السهولة. مضيفاً إن جيل الشباب عندما كافح وتعلم وتغرب إنما قام بكل ذلك لكي يخدم مجتمعه ووطنه وهو عندما يتخلى عن مثل هذه القناعات الاجتماعية فإنه يمارس الهدم بمعول أسرته، بينما كان من المفروض أن يقوم بفعل البناء وهو هنا المحافظة على زوجته التي لا تملك أي جرم. ويضيف الخالدي إن بعض الأخطاء والقيم التي تفرض علينا من قبل المجتمع في الوقت الذي تكون غير صحيحة يجب علينا أن نقف ضدها لا أن نستسلم لها بهذه السهولة لنصبح شركاء فيها. وتقول الدكتورة جنان آل حسين (تخصص علم اجتماع): إن المجتمع مليء بالمغالطات والأخطاء ونحن كبشر نتعايش مع بعضنا البعض ويجب أن نتعامل مع هذه الأخطاء بحكمة، مهما كانت هذه الأخطاء كبيرة وجسيمة، وليس من المنطقي أن نعالج كل خطأ بالبتر، ولو تعامل الطب على سبيل المثال مع المرض بهذه الطريقة فإن كثيراً من البشر سيفنون وستصبح أعضاء الإنسان مقطعة نتيجة لذلك. ومن هذا المنطلق على الزوج أو الزوجة في البداية التثبت من الكلام الذي يسمعه عن زوجه، فربما كان إشاعة. ومن جهة أخرى إذا سلمنا بوجود ماض سيىء سواء لأحد الزوجين أو لأهله فإن الأمر يحتاج إلى علاج من خلال التفاهم بين الطرفين وحل المسألة ودياً.. أما التطرف واتخاذ خطوات تعسفية من خلال الطلاق فإنه أمر غير مستحب وسيؤدي إلى عواقب وخيمة كما سمعنا عن بعض القصص. ومن الواضح أن بعض الأشخاص قد يحجم عن الزواج من فتاة لها ماض أو أن سمعتها أو سمعة أهلها سيئة. يحدث ذلك أيضاً بالنسبة للفتاة نفسها حيث إنها قد ترفض شاباً سمعت أنه كان مرتبطاً بامرأة غيرها، أو أن سمعة أهله غير جيدة ثم تحسنت. فهل يظل قرارنا رهيناً بأفكار وقناعات أناس آخرين يسيطرون علينا أم أننا نرفض الدخول في مشروع غير سليم؟ إذا كان اتخاذنا هذا القرار مبنياً على أسس سليمة فإنه سيكون في الاتجاه الصحيح. أما إذا كان متأثراً بالشائعات وبأثر من الأهل فإنه لن يكون في صالحنا، هذا ما حاولنا إثارته في هذا التحقيق، فهل نجحنا؟ الماضي ملك له مادام يحترمني لن اتزوج أهلها!