برحيل الأستاذ حمد الجاسر فقدت الأوساط العربية وغيرها علما بارزا في كل فن من فنون العلم ففي التاريخ والجغرافيا وفي الادب والانساب والعلوم الاخرى هو بحر لا ساحل له وقد اثرى المكتبات بأفكاره الثاقبة وثقافته الواسعة طيلة نصف قرن من الزمن لا يكلُّ ولا يمل ولا يَسأم، دؤوب في عمله, عرفت الفقيد من عام خمس وسعبين من الهجرة في مكة وفي الرياض وفي القاهرة وراسلته طيلة ربع قرن وكان بيني وبينه صحبة وكنت أزوره دائما في منزله وفي شقته بالجيزة واستمتع بحديثه الشيق ونذهب معا إلى سور الأسبكية بالقاهرة وينتقي من الكتب النادرة الوجود ونحن مشاة في الغالب, ومن وصاياه لي يقول إذا رأيت مُسنَّاً ذا خبرة فخذ معلوماته قبل ان تُدفن معه, وذات يوم طلبت منه تخليد حياته وألححت الطلب فقال لماذا وأنت لا تترجم للأحياء؟ فقلت للاحتفاظ بها وكل من عليها فانٍ, فابتسم وأملى علي ولادته في عام 1328ه والاعمال التي زاولها طيلة حياته, وبالجملة فان مجالسه ممتعة ومحادثاته شيقة وفقده خسارة فادحة وثلمته لا تسد, فرحمه الله برحمته الواسعة وعوضنا بفقده الأجر والثواب. لعمرك ما الرزية فقد مال ولا فرس تموت ولا بعير ولكن الرزية فقد شخص يموت بموته بشر كثير وإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب إنا لله وإنا إليه راجعون . محمد العثمان القاضي