وقعت بين يدي مطوية من اصدارات كلية الطب بجامعة الملك سعود تحت عنوان «توكيدات الذات» من اعداد الدكتود محمد بن عبدالله الصغير استشاري الطب النفسي ولعلي استميحه وأستميح القراء الكرام باستعراض المطوية وتبسيطها اكثر مما هي عليه. والواضح تعرضها لاخطاء مطبعية عند الصف وتقديم ما حقه التأخير، ولاهمية هذا المصطلح وهو من الامراض النفسية والذي يعاني منه الكثير دون علم منهم، اردت ان اخص به جريدتي المفضلة الجزيرة والتي تسعى لتثقيف القراء ولما في ذلك من الفائدة المرجوة بإذن الله،وسأبدأ بالمفهوم ثم العلامات الدالة عليه والمفاهيم الخاطئة ثم ايراد امثلة وبعض المعلومات ذات الاهمية من خصائص وفوائد حول ذلك.. تعريف توكيدات الذات: هي قدرة الفرد على التعبير الملائم )لفظا وسلوكا( عن مشاعره وافكاره وآرائه تجاه الاشخاص والمواقف من حوله والمطالبة بحقوقه )التي يستحقها( دون ظلم او عدوان. وبذلك يستوجب التفريق بين الشخص المتزن والمتكبر والمتذلل، فالمتزن هو الذي يقدر نفسه حق قدرها بحسب ما يستحقه، والمبتكر ينفخ ذاته ويعطيها منزلة اكبر مما تستحقه والمتذلل يبخس نفسه حقها وينزلها اقل من منزلتها. ويتبادر السؤال عما هي العلامات الدالة على ضعف توكيد الذات، والذي تتلخص الاجابة عنه في الآتي: 1 الميل الى موافقة الآخرين ومسايرتهم في اغلب الاحوال. 2 الاذعان لطلبات الآخرين ورغباتهم ولو على حساب حقوق الشخص وراحته. 3 التواضع الزائد عن حده في مواقف لايناسب فيها ذلك )الذلة(. 4 الحرص الزائد على مشاعر الآخرين وخشية ازعاجهم. 5 ضعف القدرة على اظهار المشاعر الداخلية والتعبير عنها. 6ضعف القدرة على ابداء وجهة النظر. 7 ضعف الحزم في اتخاذ القرارات والمضي فيها. 8 ضعف التواصل البصري ونبرات الصوت. وبالتالي هناك مفاهيم خاطئة حول ضعف توكيد الذات تنحصر في الآتي: 1 ان هذا هو الحياء المحمود شرعا والمقبول عرفا. 2 ان هذا من التواضع المطلوب ومن الايثار ومن لين الجانب ومحبة اآخرين. 3 يجب ان لا ازعج الآخرين ومشاعرهم ابدا وألا اجرحها بابداء مشاعري وآرائي وطلباتي. 4 يجب ان اكون محبوبا من الجميع مقبولا عندهم معروفا باللطافة والدماثة. 5 يجب ان اقدم رغبات الآخرين ومشاعرهم على رغباتي ومشاعري دائما. والشخص المؤكد لذاته له سمات وخصائص وهي التوفيق بين مشاعره الداخلية وسلوكه الظاهري كذلك لديه القدرة على ابداء ما لديه من آراء ورغبات بوضوح وفي نفس الوقت لديه القدرة على الرفض والطلب باسلوب لبق ولديه القدرة على التواصل مع الآخرين «بصريا ولفظيا» وبطريقة لبقة. كما للسلوك التوكيدي خصائص بانه وسط بين الاذعان للآخرين والتسلط عليهم، ويتوافق فيه السلوك الظاهري مع المشاعر والافكار وهو مقبول شرعا وعرفا. ومن فوائد السلوك التوكيدي انه يولد شعورا بالراحة النفسية ويمنع تراكم المشاعر السلبية التوتر والكآبة ويقوي الثقة بالنفس ويعطي انطلاقا في ميادين الحياة فكرا وسلوكا وهو من اهم طرق النجاح في الميادين المتنوعة وبه يحافظ الشخص على حقوقه ويحقق اهدافه وطموحاته.ولكي تتضح الصورة عن هذا المرض والذي تكون باستعراض الامثلة التي طرقها الدكتور محمد الصغير والدالة على ضعف السلوك التوكيدي والتي يمكن القياس عليها وهي كالتالي: 1 مثال على ضعف القدرة على الرفض «عندما يلح البائع في السوق على المشتري بشراء سلعة لايريدها فيقوم المشتري بشرائها ولو كان ثمنها مرتفعا وذلك لعدم استطاعته ابداء عدم رغبته في الشراء». 2 مثال على ضعف القدرة على ابداء الرغبة )في حالة الاستمرار في الاستماع لشخص لايهمك حديثه وفي وقت ضيق كأن يكون لديك موعد آخر مثلا فتخرج بالاعتذار بالانصراف(. 3 مثال على ضعف القدرة على الاعتذار )في حالة الاستدانة بان يلح عليك باقتراض مبلغ قد يكون كبيرا او انت في حاجته فتقرضه على مضض(. 4 تحمل اعباء اجتماعية او وظيفية فوق الطاقة وليست واجبة عليك ولاتريدها ولاتستطيع ابداء رأيك حيالها. 5 التنازل عن بعض القيم والمبادئ المهمة خجلا من شخص )اشخاص( ما. 6 شخص يطلب منك الهاتف الجوال ليكلم مكالمة طويلة فتعطيه اياه وانت تعلم انه سيطيل ولن يراعي مشاعرك. وللتخلص من ضعف السلوك التوكيدي يجب التدريب على السلوك التوكيدي والذي يجب ان يكون تحت اشراف المختصين النفسانيين الا ان الانسان الذي لديه بعض منه يمكن التخلص منه باتباع الخطوات التالية: اولا: وضع مدرج للسلوك التوكيدي المراد )من واقع حياة الشخص( يبدا فيه بالاهون ثم الاشد منه. ثانيا: التدريب على الجوانب الآتية: 1 التعبير عن الرأي الشخصي بقناعة ورضا )في الموافقة والمخالفة(. 2 التعود على الرفض باسلوب مناسب )تؤكد مرادك دون ظلم غيرك( مثل آسف لا استطيع، عفوا لا اقدر. 3 التعبير عن المشاعر والعواطف الداخلية بصدق ووضوح مثل: )اشعر بعدم ارتياح لهذا الامر هذا لايعجبني(. 4 التعود على استخدام ضمير المتكلم بدون مبالغة مثل شعرت بدلا من القول الواحد يشعر، وقولك انا لا ارضى ذلك بدلا من القول الشخصي لايرضى ذلك.. 5 التدريب على التعبير البدني الملائم للتواصل البصري ووضوح الصوت )نبرات وعبارات( وطريقة الجلسة والوقفة والمشية وحركات اليدين والرأس )تخدم الاسلوب التوكيدي(. ثالثا: التكرار والاعادة حتى الاتقان وتطبيق ذلك في الواقع. رابعا: التدرج في الاسلوب التوكيدي والبدء بالتأكيد الاخف ثم التصاعد بزيادة الحزم مع الطرف الآخر والتدريج حسب الموقف دون الوصول الى الظلم والعدوان. أسأل الله العلي القدير ان ينفع بها ويجزي الله الدكتور محمد وامثاله خير الجزاء وان يشفي الله مرضانا ومرضى المسلمين انه على ذلك قدير. إبراهيم بن عيسى العيسى