أبرز صفات الشخصية (الساذجة) يحددها علم النفس بسمات الثقة الزائدة الذي تمنحه للناس كافة فتطمئن إليهم وتأتمنهم على كل خصوصياتها دون تأمل أو تفكر أو اختبار وليس القصد توقع الشر من كل الناس بيد أن واقع الحياة اليوم يفرض على المرء رفع درجة حساسيته وتقييمه للآخرين قبل منحهم ثقته المطلقة إذ يجب عدم الغفلة عما يدور حوله وإن من التغابي المهين أن يتبع المرء الآخرين فكراً وسلوكاً وقناعات لمجرد موقفهم معه كما ليس من المنطق التسامح والعفو المطلق مع من لا يستحق ذلك من المخادعين أو الظلمة الذين ارتكبوا حق الإساءة إلى نفس المرء وجرح أحاسيسه ومشاعره...وعلى الإنسان أن يوطن نفسه على الاعتداد بالرأي وعدم التأثر بآراء الآخرين والاقتناع بهم دون تمحيص، والشخصية العفوية الساذجة كثيراً ما تستغل مادياً ومعنوياً من قبل من حولها ولا سيّما أولئك الذين لديهم صفات المكر والاحتيال وهذه الشخصية تحتاج إلى التفريق بين السذاجة وحسن الظن وتطوير الثقة بالنفس وكذلك تطوير مهارة التعرف على طباع الناس وصفات شخصياتهم للتمييز بينهم في حين تتجه بعض الشخصيات إلى الطريق الآخر غلواً وتطرفاً فنجدها قد غلبت عليها قسوة القلب والغلاظة...مع تعطيل المشاعر والأحاسيس لديها إذ تعتبر تلك الشخصية أن المشاعر نقطة ضعف تحاول تجنبها حتى لا تضعف صرامتها وأصحاب تلك الشخصية غالباً ما يكونون صارمين في العقوبات مفرطين في الخصومه شديدي التأثر والإنتقام ولذلك كان التوازن مطلوباً في الشخصية ففي حين لا ينبغي الإذعان للآخرين ورغباتهم وطلباتهم وعدم مجاملتهم في الآراء والتصرفات فإنه لا يصلح التسلط والصرامة والشدة في الرأي فالمرء صاحب الشخصية السوية يتوسط ويعتدل في تعامله مع الناس ما بين الحزم واللين،والثقة والحذر معتمداً على المواقف والظروف وليس الموقف أو الموقفين لاختبار الناس وبمعنى آخر يحتاج المرء إلى توكيد الذات أو إثبات الذات (السلوك التوكيدي) ليمنحه ذلك القدرة على التعبير الملائم - لفظاً وسلوكاً - عن مشاعره وآرائه وأفكاره تجاه الآخرين ومواقفهم - حتى يطالب بحقوقه التي يستحقها فعلاً- ويعتمد هذا التوكيد على تقدير المرء لذاته (رضاه عن نفسه وقدراته) وعلى تصوره لتقدير الآخرين له (مكانته عند الآخرين واحترامهم له) فإذا توازن واعتدل في ذلك فقد حصل على التقدير لنفسه دون عجب أو خيلاء أو بخس - لحق النفس - ووضع الندى في موضع السيف بالعلا مضّر كوضع السيف في موضع الندي إذن فالسلوك التوكيدي هو وسط بين الإذعان والتسلط مما يمنح صاحبه الشعور بالراحة النفسية ويمنع تراكم المشاعر السلبية (توتر – قلق – إحباط – كآبه – استياء – غيظ) وهو يقوي الثقة بالنفس ويعطي انطلاقاً في ميادين الحياة (فكراً وسلوكاً) لتحقيق النجاح على كافة الأصعدة.. والتحرر من التبعية والانقياد لمن حولنا وهي تحديات تواجه البيئة الأسرية والعملية والاجتماعية وحتى يتوصل الإنسان إلى هذا السلوك التوكيدي لا بد له من التدريب المنظم في مجال التعبير عن الرأي بقناعة وعن المشاعر بوضوح ولباقة وعدم الخوف من استخدام ضمير المتكلم، وتصحيح الأفكار الخاطئة قال الفاروق عمر: (يعجبني الرجل إذا سيم خطة ضيم أن يقول بملء فيه: لا).