في سنة 1380هجرية عادت مجموعة من الشباب الذي كان يدرس في مصر بجامعة القاهرة حيث انهى مرحلة الدراسة الجامعية، يهمنا منهم تخصص اللغة العربية، كان في مقدمتهم منصور الحازمي وعبدالرحمن الانصاري، واحمد الضبيب مبتعثين من جامعة الملك سعود، عادوا يحملون شهادة الليسانس، واسندت لهم كلية الآداب تدريس الأدب والنحو والصرف، كنا نراهم في ابهاء الكلية جيئة وذهابا ونحن في حالة انبهار واعجاب، كنت اذّاك منتسبا لكلية الآداب قسم تاريخ لم احضر محاضراتهم، ولم تسنح لي الظروف بالاحتكاك بهم، ولكنني كنت بالتبعية تلميذ الانصاري في النحو، والحازمي في الأدب، وقدمت اختباري في المادتين تبعا للطلبة المنتظمين، فأنا اذن احد تلاميذهما وها انا اعترف بتتلمذي عليهما، فهل يعترفان بي تلميذا لهما بطريقة غير مباشرة! ثم ارتحلت هذه المجموعة الى بريطانيا لدراسة الماجستير والدكتوراه وكانت من اوائل العائدين الى ارض الوطن من حملة الشهادات العليا، والتقيت بهم مرة اخرى ابّان انعقاد المؤتمر الاول للأدباء السعوديين بمكة تحت رعاية جامعة الملك عبدالعزيز وكنت من الذين اشتركوا في هذا المؤتمر بملحمة شعرية قصيرة عن حياة الملك عبدالعزيز تحت عنوان امجاد الرياض ولا اكتمكم انني انبهرت كثيرا بمجموعة الحازمي التي كانت تكتب حرف الدال قبل كتابة اسمائها، ورأيت ما تضفيه هذه الدال عليهم من هالات التقدير وقررت يومها ان احصل على هذه الدال مهما كلفني الامر، وهذا ما حدث بالفعل فما مرت خمس سنوات حتى كتبتها قبل اسمي 1400ه وهذا يعني ان للحازمي وزملائه تأثيرا كبيرا على حياتي، وتم توزيع كتابه البيلورافي علينا، ذلك الكتاب الذي رصد فيه كل المقالات التي بها صلة بالادب مما ورد في صحيفة أم القرى والذي سبق به زملاءه واختط للدارسين من بعده ان يفعلوا مثل فعله ليفيد من عملهم الباحثون والدارسون ثم طلع علينا بكتابه القيم حول القصة القصيرة ونشأتها وتطورها في المملكة العربية السعودية الذي يعدّ بحق اهم اعماله جميعا، صحيح انه فتر عزمه بعض الفتور في عالم الدراسات الأدبية ولكنه نشط في مجال الشعر فاخرج لنا ديوان أشواق كما نشط في كتابة بعض المقالات الأدبية التي كان يستجيب بكتابتها لدعوات الصحف والملاحق الأدبية كما اتجه ايضا للاعمال الاكاديمية والادارية بجامعة الملك سعود وكان آخر كتاب له فيما احسب الوهم ووضوح الرؤيا الذي نشر قريبا وحاوره فيه بعض الكاتبين ولي مع الحازمي لقاءات اخرى اذكر منها اشتراكنا في تمثيل المملكة أدبيا بمهرجان جرش الأردني فكانت مرافقتي له سفرا لا تقل عن مرافقتي له حضرا, وشاءت الاقدار ايضا ان اشترك معه في ندوة اقامها نادي جدة الادبي تحت عنوان أدبنا في آثار الدارسين حيث تناول حفظه الله جانب القصة وتناول المعطاني جانب الدراسات النقدية وتناولتُ جانب الدراسات الادبية وتم بعد ذلك اصدار وقائع تلك الندوة في كتاب بالعنوان نفسه. ولعلني في هذه العجالة استطيع ان اهنىء ابا مازن بحصوله على جائزة الملك فيصل بالاشتراك واحيي القائمين على امر هذه الجائزة واتمنى ان تستمر المؤسسة في الاتجاه لتكريم جيل الرواد من ادبائنا وعلمائنا لتكون بذلك من عوامل التفوق وتسهم في حركة التطوير العلمي والفكري والادبي، ونحن اذ نقف شاكرين للمؤسسة، ومهنئين للاستاذ الدكتور منصور الحازمي، فانما نفعل ذلك للشهادة على تكريم احد أدبائنا البارزين ونشد على يده مباركين ونعترف بفضل ما قدمه من أدب وفكر وثقافة، اطال الله عمره، ونفع به طلبته وقارئيه، كما نشكر من الاعماق هذه المبادرة المتميزة من صحيفة الجزيرة اذ خصصت لتكريم الحازمي هذه الاحتفالية التي تتناسب مع قيمة الجائزة وروعة العطاء الأدبي فحيّا الله ابا بشار.