لقد أصيب الجيل الجديد من الصحفيين الأمريكيين والبريطانيين الشباب، الذين يخبرون بتقاريرهم عن الحالة في فلسطين، بحالة ضياع في التعاريف التي يطلقونها على الأحداث المروعة التي فرضت على الشعب الفلسطيني الأعزل، خاصة أطفاله المستهدفين برصاص الصيادين والرشاشات، ليس من رشاشات الجنود المشاة وحسب، بل من رشاشات الدبابات وطائرات الهيلوكبتر المقاتلة، ليس من تلك الأسلحة وحسب، بل من صواريخ طائرات الهيلوكبتر، ومدفعية الزوارق البحرية، أنها الحرب بكل مضامينها تشن على المدنيين,, جريمة حرب ضد الإنسانية,, جريمة ارهاب الدولة الإسرائيلية, وبكل عمى البصيرة السياسية أو الخلقية، يسمي بعض أولئك الصحفيين الأحداث الأغرار قذف الحصى ارهاباً، ورماية الرشاشات والصواريخ والمدافع من الجو والبحر والأرض، ثأرا,, دفاعاً عن النفس,, محافظة على الأمن,, وغير ذلك من التعاريف المعوجة الخرقاء. دعونا نفكر ولو قليلاً، وكأننا بحاجة إلى التفكير بما يجري أمام أعيننا على شاشة التلفاز، لماذا يقذف التلاميذ والطلاب الفلسطينيون الجنود بالحصى ,,,, ؟! والجواب واضح: لأنهم ولدوا تحت الاحتلال الإسرائيلي الغاشم،لأنهم رضعوا حليب الغضب على الاحتلال والجرائم التي ارتكبها جنود الاحتلال، لأنهم تربوا ونموا وهم في خوف ورعب من جنود الاحتلال، لأنهم آمنوا ان الاحتلال عدوهم، وجنوده أعدائهم، وما يقومون به من جرائم هي من صنع الشيطان الرجيم الذي يشاهدونه كل يوم في كل جندي غليظ القلب منهم. لأنهم لم يجدوا ما يقاومون به الاحتلال وجرائمه غير الرجم بالحصى كما يرجم الشيطان في الحج. لأنهم يعتبرونها رسالة رمزية معنوية كفاحية سياسية، وبكل تأكيد سلمية ضد الاحتلال، ورفضه، والجهاد للتخلص منه. لأنهم يريدون الحرية والانعتاق من الاستبداد والعسف، والظلم الذي فرضه الاحتلال عليهم، لأنهم يشعرون في أعماق وجدانهم بأنهم محرومون من التمتع بهويتهم الحرة المستقلة وسيادتهم على حياتهم ومستقبلهم، لأنهم يدافعون عن مصيرهم ضد التجويع، وضد الأمراض، وضد الفقر، وضد آلام وأوجاع الذل الذي يفرض عليهم في كل لحظة من حياتهم، لأنهم لا يجدون ولو ذرة فرق بين الموت برصاص وصواريخ ومدافع العدو المحتل الغاصب، والموت اليومي الذي يعانون كل دقيقة من عيشهم، وأخيراً,, لأنهم وجدوا ان عليهم أن يختاروا العيش بكل ذلك الذل، أو الشهادة في سبيل الله، ولذلك رجموا شيطان وشر الاحتلال بالحصى. فأين الإرهاب الذي يصفون ,,,,؟ ولابد لنا ونحن نرى تلك الصورة المعكوسة الخرقاء بأقلام الصحفيين الأغرار الذين يواصلون تكرار السؤال: لماذا لا يدعو السيد ياسر عرفات الشعب الفلسطيني للتوقف عن رجم جنود الاحتلال بالحصى,والجواب سؤال: تُرى هل لو احتلت لندن أو اكسفورد أو كيمبريدج أو ادنبرة، تُرى هل لو اغتصبت كاليفورنيا أو نيويورك أو واشنطن من قبل الدولة الإسرائيلية، وفتحت نار الصواريخ والدبابات وغيرها على أطفال الانجليز والأمريكيين,, هل سيقبلون ذلك وهم نائمون على ظهورهم ,,, ؟ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وبئس ما يقف معه بعض أولئك الصحفيين ويخبرون ويعلقون ويكتبون,, ويا للعار,.