انتقدت القوى والفصائل الفلسطينية الرئيسة بشدة تصريحات وزير الداخلية عبدالرازق اليحيى التي دعا فيها الفلسطينيين إلى وقف ما اسماه كل أشكال العنف بما فيها قذف جنود الاحتلال بالحجارة. وردا على تصريحات اليحيى التي لاقت استهجانا واستغرابا شديدين من جانب الفصائل والشارع الفلسطيني شددت الفصائل الخمسة الرئيسة التي تنفذ عمليات عسكرية وهجمات مسلحة ضد اهداف اسرائيلية سواء في الضفة وغزة او داخل اسرائيل على استمرار المقاومة ضد الاحتلال. وعبرت الفصائل عن استنكارها الشديد لاطلاق الدعوة في هذا الوقت بالذات خصوصا وقد شهدت الاراضي الفلسطينية في الاسبوع الاخير ثلاث مجازر في حق المدنيين في غزة وطوباس والخليل . وكان اليحيى دعا الشعب الفلسطيني في مقابلة مع وكالة "رويترز" الى نبذ كل اشكال العنف والنضال واعتماد اشكال "المقاومة المدنية في اطار الكفاح السياسي" ، مشددا على ان "كل اعمال المقاومة التي تتسم بالعنف مثل استخدام الاسلحة ، بل حتى الحجارة... ضارة". وقال الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي احد قياديي "حركة المقاومة الاسلامية" حماس انه "كان من الاولى ان توجه الدعوة الى العدوان والاحتلال الصهيوني لا الى المقاومة الشرعية، لان مثل هذه الدعوات تنزع الشرعية عن المقاومة الشرعية وتضفيها على الاحتلال". وشدد الرنتيسي في حديث ل"الحياة" أمس على ان خيار حركة "حماس" هو "خيار المقاومة ضد الاحتلال، ولن تلتزم بمثل هذه الدعوات لانها تأتي في ظل مذابح ترتكب في الضفة وغزة ضد المدنيين والمناضلين". من جانبه شدد محمد الهندي أحد قياديي "حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين" على ان "المقاومة مستمرة طالما بقي الاحتلال"، لافتا الى ان "هذا هو موقف الشعب الفلسطيني المعلن ونحن نلتزم به والفصائل جميعا معه وأكدته مرارا وتكرارا وأكدته مرة اخرى بعد اللقاء مع اليحيى"، في اشارة الى لقاء عقد قبل اسبوعين في مدينة غزة بين اليحيى والفصائل ال12 المشاركة في لجنة المتابعة العليا للقوى الوطنية والاسلامية. وعبر الهندي في حديث ل"الحياة" امس عن استغرابه ان "يتحدث فلسطيني عن وقف المقاومة ويسميها عنفا في وقت تقصف الطائرات من طراز "اباتشي" المناضلين ويسقط كل يوم مدنيون"، مشددا على ان "التوقيت في غاية السلبية ... ونحن نستغرب ان يتم طرح النداء في هذه الاوقات". وردا على سؤال ل"الحياة" حول ما اذا كانت الدعوة ستؤثر على الحوار الفصائلي للتوصل الى وثيقة الاجماع الوطني الجاري حاليا في قطاع غزة، أعرب الهندي عن اعتقاده بأن "الفصائل والسلطة واسرائيل كل من منطلقاته سوف تتجاوز هذه الدعوة ولن يكون لها أي تأثير"، مشيرا الى ان "الحوار مستمر بين الفصائل والقوى بغض النظر عن أي تصريحات هنا وهناك". وأكد "استمرار الحركة في المقاومة واننا لن نعود الى نقطة الصفر التي كانت في بداية الانتفاضة أي ان يشهد كل يوم 10 فلسطينيين وهو يحملون الاعلام والرايات وجيش الاحتلال مرتاح". وتعهد بأن "لا راحة لجيش الاحتلال طالما بقي موجودا في مدننا وقرانا". من جهته، اعرب رمزي رباح عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين عن اعتقاده بأن موقف اليحيى "لا ينسجم مع موقف الاجماع الوطني الذي يجمع على تعزيز المقاومة لكسر حدة العدوان واحتواء الحرب الاسرائيلية التي تشن على الشعب الفلسطيني". وشدد رباح في حديث ل"الحياة" امس على ان "جنازير دبابات شارون وصواريخ طائراته التي ارتكبت المجازر ضد المدنيين العزل في الايام الاخيرة تجاوزت تماما كل هذه الدعوات التي حاولت اسرائيل استخدامها للتغطية على جرائمها وان توهم العالم ان هناك حركة تجري للتهدئة في حين ان حكومة شارون تلجأ الى التصعيد الدموي والخطير بما يؤكد ان السبيل الوحيد هو التفكير في الدفاع عن الشعب وحمايته والالتفات الى ترتيب البيت الداخلي وتعزيز الوحدة الوطنية في اطار تعزيز الصمود والمقاومة". واعتبر رباح ان الدعوة "لن تؤدي الى انهاء الاحتلال بل ستفتح شهيته لتوسيع نطاق عدوانه وفرض شروطه السياسية والامنية على السلطة والشعب الفلسطيني". وطالب ب"توحيد طاقات قوى الشعب المناضلة في اتجاه استمرار الانتفاضة والمقاومة ووقف كل الاتصالات واللقاءات مع قادة العدو التي باتت نتائجها ضارة". وجاءت اقوى الانتقادات على لسان ناطق رسمي باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الذي أكد ان "اليحيى يستخدم المفردات الاسرائيلية والاميركية ذاتها التي تبين بجلاء وجهة السيد اليحيى للرضوخ للسياسة والاملاءات الاسرائيلية والاميركية، بما في ذلك الانجرار الضمني الى الفتنة الداخلية الفلسطينية التي سعت اليها ولا تزال حكومة الارهاب الاسرائيلي بقيادة المجرم شارون، وهذا ما ينطوي كلام اليحيى عليه عندما يقول ان على القيادة ان تكتفي بالادانة للعمليات التي لم يتردد في وصفها بالعمليات الانتحارية". وقال جميل المجدلاوي عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية ل"الحياة" امس ان "كل القوى الوطنية والاسلامية كما الغالبية العظمى من ابناء الشعب الفلسطيني أجمعت على استمرار الانتفاضة والمقاومة بكل اشكالها ضد الاحتلال الاسرائيلي". واستغرب المجدلاوي دعوة اليحيى التي وصفها بأنها "موقف غريب عن الشعب الفلسطيني وقواه الوطنية والاسلامية ويشكل خروجا عن الاجماع الوطني وارادة شعبنا المقاوم الذي يتعرض يوميا لأبشع المجازر على يد قوات الاحتلال". وأكد ان الجبهة "ستواصل بذل الجهد والعمل المسؤول من أجل تعزيز وحدة شعبنا على قاعدة استمرار الانتفاضة والمقاومة حتى دحر الاحتلال"، محذرا من "خطورة الانجرار وراء السياسات والمخططات الاسرائيلية على الوطن والقضية". الى ذلك، علمت "الحياة" من مصادر مطلعة ان مسؤولين من حركة "فتح" التي يتزعمها الرئيس ياسر عرفات أعربوا عن رفضهم لدعوات اليحيى ، خصوصا في هذا الوقت بالذات. وقالت المصادر ل"الحياة" ان مسؤولين من الحركة التي تشكل العمود الفقري للسلطة حزب السلطة يرفضون بشدة تصريحات ودعوة اليحيى الى وقف ما اسماه العنف.