نفذ الجيش الاسرائيلي فجر أمس الجمعة أمرا من حكومة الحرب المصغرة التي يقودها رئيس الوزراء ارئيل شارون، بارتكاب مجزرة في مخيم البريج، أفقر مخيمات اللاجئين في قطاع غزة، سالت على إثرها دماء 30 فلسطينيا بين شهيد وجريح بعد يوم واحد من عيد الفطر المبارك، ولاقت المجزرة كما وصفتها السلطة الفلسطينية ادانة من مختلف العواصم الاوروبية ووصفتها حكومة الاحتلال بأنها عملية جراحية ناجحة .وبدأت القصة، كما روتها المصادر الفلسطينية من مسؤولين وشهود عيان، بخروج حوالي 40 دبابة ميركافا وآلية عسكرية ثقيلة تقل مئات من جنود الاحتلال تحت غطاء جوي بالهيلوكبتر من محيط مستوطنة نتساريم جنوب مدينة غزة ومن قرب الخط الفاصل (بين اسرائيل وشرق قطاع غزة) وولجت في مخيم البريج في الساعة الثانية والنصف قبيل الفجر وقطعت عنه الكهرباء وحاصرته من كل الاتجاهات ثم انسحبت من المخيم في الخامسة فجرا بعد أن نسفت منزلين بالمتفجرات، واعتقلت اربعة فلسطينيين وأطلقت العنان لقذائف المدفعية ونيران الرشاشات الثقيلة فيما أطلقت الهيلوكبتر صاروخا تجاه المواطنين فقتلت على الفور ثلاثة منهم في الشارع الرئيسي للمخيم بينما لفظ سبعة آخرون أنفاسهم متأثرين بجراح بالغة. وبالرغم من كثافة الهجوم الاسرائيلي تصدى المسلحون الفلسطينيون لجنود الاحتلال ودارت اشتباكات بالرشاشات واصيب جندي اسرائيلي بجراح وفق ما أعلنته اسرائيل. وأعلنت المصادر الفلسطينية أسماء الشهداء ومن بينهم امرأة وهم من المدنيين وافراد الامن الوطني قتلوا جميعا جراء شظايا الصواريخ وقذائف المدفعية: أحلام الواوي (30 عاما) اصيبت بشظايا صاروخ اسرائيلي اثناء وجودها داخل منزلها، ومحمد العويني (26 عاما) وشقيقه عماد (28 عاما) ورائد رمضان (35 عاما) وشقيقه طارق (28 عاما) ومروان الطهراوي (16 عاما) وابن عمه اسامة الطهراوي (35 عاما) وعبد المنعم البحر (32 عاما) وحازم ابو عبده (27 عاما) وراني العالم (23 عاما). وروى الطبيب احمد رباح، مدير مستشفى شهداء الاقصى في دير البلح كيف منعت حواجز الاحتلال سيارات الاسعاف لعدة ساعات من دخول المخيم لاسعاف الجرحى مؤكدا ان خمسة من الشهداء كان بالامكان انقاذ حياتهم لكن قوات الاحتلال تركتهم ينزفون حتى الموت. وأعلن أن 19 مواطنا بينهم نساء واطفال واربعة منهم في حال الخطر وجميعهم من عائلة منصور أصيبوا بفعل قذيفة دبابة اخترقت منزلهم ودمرته جزئيا في شرق المخيم. وقال لم ار مثل هذه البشاعة والفظاعة. الجثث التي تفحم بعضها اختلطت ويصعب علينا تفريق الاشلاء . وادعى قائد قوات الاحتلال في غزة، الجنرال اسرائيل زيف أن اربعة من الشهداء مقاتلون مسلحون تبادلوا اطلاق النار مع الجنود الاسرائيليين لكن المقاومين في المخيم أكدوا أن جميع مقاتليهم المسلحين بخير وأنهم قاوموا بقدر ما يستطيعون من حول وقوة. ودمر الجيش الاسرائيلي بالمتفجرات منزلين احدهما لايمن ششنية وهو من المطلوبين للجيش الاسرائيلي ومنزله كان مكونا من طبقتين وتعرض في البداية لقصف بمدفعية الدبابات أفزع سكانه وغادروه مذعورين ثم عمد جنود الجيش الى نسفه بالمتفجرات ليبلغ عدد منازل الفلسطينيين التي نسفت أو هدمت منذ مطلع اغسطس في أراضي الحكم الذاتي الى مائة منزل. كما اقتحم جنود الاحتلال منزل جمال اسماعيل الناشط في الجهاد الاسلامي فالحقوا به اضرارا اضافة لعشرة منازل أخرى. وبعد ساعات على رحيل الجنود نقل مراسل صحفي لوكالة الأنباء الفرنسية رواية الطفلة سهير أبو خوصة (11 عاما) التي كانت لاتزال تحتضن قطتها الدمية، التي اشتراها لها والدها في يوم العيد، لحمايتها من القصف الصاروخي والمدفعي الاسرائيلي الذي حول مخيم البريج، الى ساحة معركة دامية. وقالت وهي تجلس في حضن والدتها في زاوية غرفة منهارة، هي كل ما تبقى من منزلها الذي دمره الجيش الاسرائيلي بين ازقة المخيم، انها لا تزال تمسك بالدمية كي لا تموت كما استشهد ابناء الجيران من القصف . وتتابع وهي ترتجف بين ذراعي والدتها بعدما اشتراها ابي يريدون قتلها ، وتروي كيف حاولت مع شقيقتها (7 سنوات) الاختباء تحت سريرهما خوفا من القذائف الاسرائيلية. وعلى بعد عشرة امتار من منزل الطفلة سهير جلست زوجة اسامة الطهراوي الذي قتل مع ابن عمه مروان اثر اصابتهما بشظايا قذيفة دبابة سقطت قرب منزل العائلة المدمر جزئيا وبين ذراعيها طفل لا يتجاوز اربعة اشهر. ولم يتمالك عبد الفتاح ابو خوصة (52 عاما) والد سهير دموعه وهو يشاهد الجيش يدمر منزله وكان لا يزال يردد بعد ساعات من رحيل الجنود وبصوت متقطع الا يكفي انهم قتلوا الشباب لماذا يدمرون البيوت على سكانها . وروى ابو خوصة انه انتشل ابنة اخيه فاطمة (11 عاما) من تحت ركام المنزل. ونقلت الفتاة الى المستشفى لكن حالتها غير خطيرة. وكان عشرات الاطفال وبعض الرجال يبحثون عن بقايا اشياء تحت انقاض منزل عائلة الششني. وقال محمد (10 سنوات) وهو يبحث بين انقاض منزله: ابحث عن كتبي وحقيبتي المدرسية والعاب العيد . وقالت هناء، زوجة زهير، ان الجيش لم ينذرهم او يعطهم اي مهلة قبل تفخيخ البيت ونسفه وانهم بالكاد تمكنوا من مغادرته قبل ان ينهار. واكدت هناء ان الجنود الاسرائيليين اعتدوا عليها وعلى زوجها بالضرب المبرح قبل اعتقاله مضيفة ان عددا من الجنود قاموا بضرب ابني الذي لا يزيد عمره على 18 شهرا واحتجزوني مع عدد من النسوة في الحي حتى انتهاء عملية التوغل قرب الدبابات . وتوعدت لجان المقاومة الشعبية التي تضم عناصر من الفصائل الفلسطينية وينتمي اليها ايمن الششني الذي يلاحقه الجيش، بالانتقام للشهداء . وفي ازقة المخيم امكن مشاهدة رجال اسعاف فلسطينيين منهمكين في لملمة اشلاء القتلى التي تناثرت على مساحة كبيرة على بعد عشرات الامتار من ناصية الشارع الرئيسي الذي قتل غالبيتهم عنده، وقد اختلطت بأغراضهم وبقطع من شظايا القذائف والصواريخ. وساد المخيم حداد وحزن شديدان بعد ان اقامت العائلات المكلومة بيوت عزاء في شوارع المخيم الرئيسية ورفعت الرايات السوداء كما الصقت صور الشهداء على الجدران. واعلنت الفصائل الفلسطينية في المخيم عبر مكبرات الصوت حدادا لمدة ثلاثة ايام على ارواح شهداء مجزرة مخيم البريج . ووصف مستشار الرئيس الفلسطيني نبيل ابو ردينة ما وقع في مخيم البريج بأنه مجزرة وجريمة جديدة ضد ابناء شعبنا الفلسطيني الاعزل ، مناديا المجتمع الدولي، دون جدوى، خصوصا اللجنة الرباعية بالتحرك الفوري لوضع حد للجرائم والفظائع الاسرائيلية وتوفير حماية للشعب الفلسطيني . واعلنت وكالة الاممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين وجود اثنين من موظفيها بين الشهداء. وافاد المفوض العام للانروا بيتر هانسن في بيان انهما كانا يعملان في مدرسة واحدهما استاذ، ولم يكونا مسلحين حين قتلا. كما أعلنت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في بيان أصدرته أمس ان ستة من الشهداء ينتمون الى حماس وبينهم محمد وعماد العوني في كتائب عزالدين القسام (جناحها المسلح) بينما الأربعة الباقون ومن بينهم المرأة أحلام الواوي من جناحها السياسي وكانت تعمل في الاونروا التي عرفت اسمها بأحلام قنديل وهو اسم عائلتها قبل الزواج. وبشهداء الأمس يرتفع عدد القتلى الفلسطينيين منذ بداية الانتفاضة الى 2024 فلسطينيا بينما سقط 678 اسرائيليا. شاب فلسطيني اعتقله الصهاينة وعصبوا عينيه الدبابات الصهيونية تنشر الموت في جنين