في سياق الندوات المتخصصة والتي تعقد تحت مظلة النشاط الثقافي للمهرجان الوطني للتراث والثقافة الجنادرية لهذا العام,, والتي جاءت تحت عنوان رعاية الموهوبين في العالم العربي,, وأدارها الدكتور حمد البعادي والذي رحب بالحضور والمشاركين فكانت البداية لورقة الدكتور عبدالله النافع حيث تحدث عن الأساس العلمي لتطوير فكرة رعاية الموهوبين في التعليم ورئاسة تعليم البنات في معظم مناطق المملكة . وألمح الدكتور النافع في ورقته الى قياسات عديدة ليتم فيها توجيه الطلاب إلى التخصصات الإثرائية التي ستحقق العديد من المزايا التي ينتهجها الطلاب الموهوبين الذين يحققون بعضاً من ميولهم. وأكد الدكتور النافع أهمية الاسهام في تحديد التوجهات التي يذهب إليها المبدعون والموهوبون والتي تشكل قدرات كبيرة فقد واجهت هذه المواهب العديد من العقبات والمحبطات حتى أنهم أخذوا في الهجرة بعد أن وجدوا الإحباط والروتين,. رعاية الموهوبين بالمملكة وعن مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين قال الدكتور النافع: قامت فكرة رعاية الموهوبين في المملكة انطلاقاً من البحث الوطني الذي تم إنجازه عن الكشف عن الموهوبين ورعايتهم على أن رعاية الموهوبين قضية وطنية واستثمار في العقول والقدرات ورعاية للإبداع والابتكار لأبناء الوطن الموهوبين من الذكوروالإناث الصغار والكبار ممن هم في التعليم أو خارجه إن رعاية الموهوبين عملية مستمرة متكاملة في تطوير الموهبة في الصغر ورعايتها والمحافظة عليها في الكبر ومن هنا انبثقت فكرة إنشاء جمعية أو مؤسسة خيرية مستقلة تعبر عن دعم المجتمع المادي والمعنوي لرعاية الموهوبين في كافة الأعمار والفئات في مجالات الموهبة المتعددة. وقد لقيت فكرة إنشاء هذه المؤسسة التأييد والقبول وصدرت الموافقة السامية على إنشاء مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين برئاسة الأمير عبدالله بن عبدالعزيز ولي العهد والذي آثرها باسم الملك عبدالعزيز ورجاله تيمناً بعبقرية الملك عبدالعزيز ومواهبه القيادية الفذة التي استثمرها في بناء وتوحيد هذا الوطن. لا أريد أن أتحدث عن مؤسسة الملك عبدالعزيز وأعمالها ومشاريعها في حضور أمينها العام الأخ الدكتور/ حمد البعادي، ولكن ما أريد أن اعبر عنه هو أن سير رعاية الموهوبين في المملكة قد بدأت بعد أن توفرت لها الأسس والمعايير العلمية الدقيقة والدعم والتأييد من الدولة ومن رجال الفكر ورجال الأعمال كخطوة حضارية ونقلة نوعية في التعليم والاستثمار، وتحتاج إلى المثابرة والمتابعة لانها استثمار طويل المدى في تنمية العقول والمواهب وإعداد للمستقبل في عصر لا يعرف إلا التفوق في العقل والإبداع في الفكر. اسمحوا لي أيها الاخوة ان أكرر ما قد ربما يكون معروفا لديكم وهو أنه من الحقائق الثابتة على امتداد التاريخ البشري أن الموهبة الإنسانية أعظم وأهم ثروة يستطيع أي مجتمع أن يمتلكها، فهناك العديد من المصادر سواء كانت طبيعية أم من صنع الإنسان، والتي ساهمت ويمكن أن تساهم في تقدم المجتمعات وتطورها، ولكننا عندما نحاول أن نتحقق ونتأمل خلال التطور التاريخي والمعاصر للمجتمعات ونتساءل ما الذي يجعل بعض المجتمعات منتجة ومتقدمة على غيرها من المجتمعات الأخرى؟ نجد أن المجتمعات التي استطاعت أن تتعرف على المواهب والقدرات غير العادية التي يمتلكها أفراد الفئة الموهوبة من أبنائها،وأن تتيح لهم الفرص والإمكانات للتعبير عنها، واستثمارها هي المجتمعات المنتجة والمتقدمة، أما المجتمعات التي لا تتعرف على الموهوبين من أبنائها ولا تهيئ لهم فرص استثمار مواهبهم وتنميتها فإنها تعيش في ظل التخلف والجمود. تحديات وتطلعات: ثم جاء المتحدث الثاني وهو الدكتور فتحي عبدالرحمن الجروان والذي استهل ورقته بالحديث عن التحديات والتطلعات التي تواجه الشباب الموهوبين الذين ينتظرون منا كل مبادرة واهتمام. واستهل الدكتور جروان حديثه عن هذه الاشكالية مشيراً إلى ان المؤسسات التعليمية لها دور في هذا الاستثمار البشري,, فهو موقع تحد إذا لم يستيقظ وتفعل شيئاً من أجل رعاية الموهوبين في العالم العربي. واستشهد ببعض التجارب التعليمية تلك التي ترعى الطلاب المتميزين,, وبعض المؤسسات الخيرية، والمؤسسات المهتمة بالنشاط الثقافي والفني بشكل خاص. وألمح إلى أن التحدي التكنولوجي هو أهم حدث يقف واضحاً في مواجهة تطلعاتنا لنضع ثقتنا في هذه الأجيال التي تبحث عن ذاتها,, وواقعها الانساني. ويرى أنه من الضروري أن يكون هناك اهتمام بالتكنولوجيا ونحسن التعامل معها، ونستوعب طموحات هذه الثورةالمعلوماتية الهائلة,, ويؤكد ان تكنولوجيا الاتصالات قدمت لنا تطوراً مذهلاً يجب على المؤسسة التربوية ان تهتم في هذا السياق لتراهن على هذه الهوية المتميزة. وعن التحدي التربوي الذي تواجهه الموهبة اشار المحاضر الدكتور (جروان) إلى ضرورة الاهتمام بشعار المؤسسات التربوية التي تطور مهامها الإنسانية مثل شعار 1990م في تايلاند والذي تبنى جملة من الطروحات التي تعالج فيها الممارسات التعليمية في عدد كبير من دول العالم,وأشار إلى أن هناك فجوة بين المدرسة والجامعة في هذه الفترة التي يتلقى بها الطالب المادة التعليمية فهو أمر في غاية الخطورة التي لا نستطيع أن نكشف أبعاد هوية (الموهوب) في المدرسة. وأكد المحاضر في سياق ورقته ان (التحدي الأمني) هو هاجس جديد يسيطر على عالمنا العربي تحديداً والذي يسجل حضوره في حضارة الانسان الوطنية والقومية كما أن انحسار دور القطاع العام ودخول قيم أخرى قد تسبب لنا تفريطاً في قيمنا الإسلامية والعربية فالأمن هومشروع خطير ومهم في بناء الجيل القادم, أما عن التطلعات التي ذهب إليها المحاضر (جروان) فقد تتلخص في البحث عن المظاهر الإيجابية للواقع الذي يدور في معظم البلدان العربية في ظل هذا الصراع الذي نعيشه اليوم. ولخص تطلعاته بالتالي: وإذا جاز لي أن ألخص الطموح العربي في مجال رعاية الموهوبين والمتفوقين والمبدعين، فإنني أضعه في إطار عام يتبلور بداخله مشروع وطني وإقليمي وقومي يحدد الاستراتيجيات الملائمة لمعالجة المهمات الآتية: التشريعات والنظم التربوية المتعلقة برعاية الموهوبين والمتفوقين في التعليم العام والجامعي. تحديد وتطوير أساليب واختبارات الكشف عن الموهوبين والمبدعين. تصميم برامج وإعداد مناهج خاصة لتنمية التفكير والإبداع. تطوير برامج جامعية لإعداد وتأهيل معلمي الموهوبين. تنظيم برامج أولمبياد للكشف عن الإبداعات في مجالات العلوم والتكنولوجيا بوجه خاص. تفعيل دور القطاع الخاص أو الأهلي في برامج رعاية الموهوبين والمبدعين. إنشاء مدارس وأكاديميات مستقلة تعنى بالموهوبين والمبدعين في العلوم بخاصة. تنظيم يوم عربي سنوياً للإبداع العلمي والتكنولوجي تعرض فيه الابتكارات والاختراعات الفردية والمؤسسية ويمكن ان يكون مهرجان التراث والثقافة للعام القادم حاضناً لهذا المعرض. أبناؤنا الموهوبون ينتظروننا أما الورقة الأخيرة في هذه الندوة فقدمها عبدالله علي الأحمد واستهلها بالحديث عن التجربة الأولى للموهبة تاريخياً المتمثلة في الاخوين (رايت) في افتتاح عصر الطيران بالمحرك. وأشار المهندس الأحمد إلى أن التجربة العربية في رعاية الموهوبين الذين مازالوا ينتظرون منا نحن العرب الكبار أن نحقق لهم بعض أحلامهم وطموحاتهم,ويؤكد في هذا السياق ان العالم مليء بالعديد من التصورات المخيفة التي لاتجعل منا قريبين من هذه الفتوحات الإنسانية التي قد تغير وجه تاريخنا الذي لازال مضحكاً، ومؤذياً يمكن ان ننسج حوله العديد من القصص التي دبجها المهندس الأحمد,, واستعرض العديد من التجارب الصناعية التي تحدث عنها بشكل (ساخر) ومؤثر في الحضور,, دون أن يكون هناك تأمل مستقبلي لهذه الاشكالية,, بل إنه أورد العديد من الحقائق التقنية التي مازال (الموهوبون) وغير الموهوبين بعيدين عنها تماماً. ولخص المهندس الأحمد همومه وهواجسه في سبر أغوار المحظورات التي تواجه الباحث والمفكر العربي وهي أربعة ميادين: هندسة الوراثة. علوم الليزر. ديناميكا الهواء. وعلوم الذرة. أسئلة ومداخلات وفي ختام هذه الندوة استعرض مديرها الدكتور حمد البعادي رؤوس أقلام من أوراق عمل المشاركين ثم سمح للحضور بالتعليق وطرح الاسئلة,, فكانت المداخلة الأولى للمهندس عبدالله الأكوع من اليمن والذي تحدث عن هموم الموهوبين ومشاركتهم الاجتماعية واستشهد بتجربة الدكتور (زويل) والذي هجر بلاده إلى الغربة في أمريكا تحديداً ليجد لأبحاثه المناخ المناسب. وجاءت مداخلة الدكتور فتحي جروان حول مداخلة الأكوع مشيراً إلى أن الكثير من المبدعين في العالم العربي يذهبون إلى الخارج من أجل تسجيل اختراعاتهم,, واستعرض العديد من المشاكل التي تواجه المخترعين العرب واستشهد بالمعاناة في الكويت والأردن ,, من ارتفاع تكاليف تسجيل الاختراع والتي قد تطول مدة تسجيله أيضاً, وجاء سؤال من الاستاذ عبدالعزيز الصالح ويلخصه في أهمية البرامج الاثرائية لماذا لاتكون ثابتة في المراحل التعليمية,,؟ وأجاب الدكتور النافع عن هذا السؤال مؤكداً على أن هناك مفاهيم عميقة تكفل نجاح هذه البرامج مثل برنامج (فكر) وهو برنامج يدرس استراتيجيات تنمية التفكير لدى الطفل الذي يأتي بذهن مفتوح لكنه لا يلبث ان يحول إلى متلق سلبي فقط,,وعلق الاستاذ سعد البواردي على هذه الندوة مؤكداً على ان المواهب تحتاج إلى اهتمام ومتابعة وذلك بايجاد فصول تعليمية مستقلة تحقق لهم هذا التميز من أجل أن يكون هناك الرجل المناسب في المكان المناسب. كما وردت على مدير الندوة العديد من الأسئلة وطلب المداخلات الا انه أشار في معرض تعليقه إلى ان الوقت المخصص للندوة قد شارف النهاية ليختم هذه الندوةبالشكر للمحاضرين والحضور الذين اسهموا في نجاح هذه الندوة المهمة.