نفى الأمين العام لمؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين الدكتور حمد البعادي إقالته من منصبه، مشيراً إلى أن ابتعاده منها كان بطلب منه، قدمه إلى رئيس مجلس إدارة المؤسسة ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، ولم يكن نتيجة خلافات مع أي من أعضاء مجلس الأمناء والمجلس التنفيذي. وقال البعادي في حوار مع"الحياة":"إن طلب الإعفاء من ولي العهد الذي وافق عليه، كان لغرض إعادة النظر في أمور كثيرة تخص حياته الشخصية، مؤكداً انه ترك المؤسسة وهي في صحة ممتازة واستثنائية لا تعيشها أي مؤسسة أخرى، بعد أن تحققت للمؤسسة إنجازات عدة". ما أسباب ابتعادك من المؤسسة، وهل استقلت أم أقلت؟ الحقيقة أنا طلبت الإعفاء من ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز. قضيت في المؤسسة أكثر من خمسة أعوام، بذلت فيها جهداً استثنائياً للقيام بدورها بشكل مشرف، وهو ما يتطلع إليه ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز، والآن حان الوقت للفارس أن يترجل وأن يتولى القيادة أشخاص، آخرون يضيفون دماً جديداً وإنجازات جديدة للمؤسسة. هل من ضغوط معينة دعتك لطلب الإعفاء من منصبك؟ لم يكن هناك أي ضغوط على الإطلاق، والمؤسسة اليوم أصبحت هيئة نشطة فعالة، لها هوية متميزة ولها انجازات ملموسة ومتعددة... وأنا فخور بالإنجاز الذي تم في هذه المدة، واعتبرها أهم مراحل حياتي المهنية، ووضعت فيها زبدة خبرتي كتربوي ورجل أعمال وإداري، جميعها في إطار واحد، استطعت من خلاله أن أنجز بناء مؤسسة خيرية وأتركها في صحة مالية ممتازة وبإنجازات باهرة بكل المقاييس التي يمكن التحاكم إليها، ولكن العمل لفترة خمسة أعوام في مركز مثل إدارة مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين، مرهق كثيراً، ما دعاني إلى إعادة النظر في أمور أخرى. في مثل ماذا تعيد النظر؟ مثل ارتباطاتي الشخصية، ووقتي مع أسرتي منذ خمسة أعوام وقبلها بكثير، عندما أنشأت التعليم الأجنبي في السعودية، والتي كانت تجربة مثيرة. أحتاج إلى أن أقضي وقتاً مع أولادي الذين تمر أسابيع من دون أن أراهم سوى يوم الخميس، كما أنني احتاج إلى قضاء وقت للكتابة والقراءة في التربية وعلم الاجتماع وقضايا الطفولة، إضافة إلى الحاجة إلى استجماع تجربتي العملية الطويلة ووضعها في إطارٍ نظري أكاديمي، يمكنني من الكتابة عنها، وهو ما لم يكن ممكناً مع ضغط العمل الذي كنت أقوم به على رغم استمتاعي. وأؤكد لك أنني تركت المؤسسة وهي في صحة ممتازة واستثنائية، ولا أعلم عن أي وضع لمؤسسة أخرى في الوضع نفسه الذي تعيشه مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله حالياً. ماذا تقصد ب"في صحة جيدة"؟ من جميع النواحي من حيث الانجازات، والوضع الإداري، والوضع المالي، كما أن لدي قائمة بالانجازات يفتخر بها أي شخص في مكاني. دار حديث عن انك أردت توسيع صلاحيات الأمين العام في المؤسسة، فيما كان هناك رفض من المجلس التنفيذي لذلك وتحديداً من وزير الصناعة؟ غير صحيح، وأنا عملت مع كل أمناء المؤسسة وأعضاء المجلس التنفيذي بسلاسة نادرة، إضافة إلى الدعم الكامل لي من رئيس المؤسسة ولي العهد الأمير عبدالله بن عبدالعزيز والأمناء والمتبرعين. وبالتأكيد في عمل مثل هذا لا بد أن يكون هناك اختلاف في وجهات النظر، وإلا لما كانت هناك حاجة لمجلسي الأمناء والتنفيذي، والمؤسسة تتميز بوجود مجلس أمناء وآخر تنفيذي وأمانة عامة ولجان، وهذه الجهات الأربع تلتقي مع بعضها من خلال خطوط اتصال مرسومة في النظام الأساس للمؤسسة وتتفاهم على ما ينبغي عمله، وغالباً ما تتفق، وأحيانا العكس. أيضاً كل القضايا التي عملت الأمانة العامة فيها كانت وفق خطة أو وفق مبادرات من أمناء أو مواطنين أو أصحاب الحاجة أنفسهم"الموهوبين"، ويتم عرضها على المجلس التنفيذي الذي يتم عقده كل ثلاثة أشهر، وبالتالي يقرها في معظم الحالات بعد مناقشتها، وفي حالات قد لا يقرها لعدم جدوى الوقت الزمني لها أو لاعتبارات يراها المجلس التنفيذي ولا يراها صاحب المبادرة وهذا طبيعي، ولكن لا تتوقع أن يكون للأمين العام صلاحيات مطلقة. أيضاً كانت هناك إشارة إلى وجود تصادم آخر مع الوزير ذاته الصناعة بعد طرحك اقتراحاً على الأمناء يتعلق بالتركيز على نوع محدد من الموهوبين، ومخالفة الوزير لك بحجة أن ذلك يخالف النظام الأساس للمؤسسة؟ لم يحدث ذلك، وعندما تعمل في مشروع كبير مثل رعاية الموهوبين، فأنت تعمل لخدمة مجموعات كبيرة من الناس، وتحتاج إلى تحديد من تقصد بالموهوبين، وهذا السؤال ظللنا نواجهه من أول يوم أنشئت فيه المؤسسة، وسيتم الاستمرار في مواجهته، وذلك لعدم وجود إجماع على تعريف الموهوب، وهناك اتفاق مثلاً على بعض سمات الموهوبين في روسيا، ونيجيريا، والهند، والسعودية، لكن ليس هناك اجماع بين الاختصاصيين على التفاصيل، ومنهم بعض الاختصاصيين العالميين الذين يرون أن كل الناس موهوبون، لكن مواهبهم ليست معروفة، وهناك نقيض لهم يرى أن الموهوبين في أي مجتمع لا يزيدون على واحد في المئة. وهذا الاجتهاد يفتح مجالاً كبيراً للاختلاف، كما انه من الطبيعي أن يكون هناك نقاش حاد في المجلس التنفيذي وأحياناً في مجلس الأمناء حول هذا الموضوع. ولابد من احترام حق الجهات الرقابية والإشرافية في أن تقول"لا"أحياناً، وهو شي طبيعي، لأنني لم أرث المؤسسة من أبي أو أمي بل هي شأن عام أُنشئت بقرار ملكي وتمول من أموال المتبرعين الذين أقاموا مجلس أمناء، وأخر تنفيذياً حتى يتم التأكد من أن رسالة المؤسسة التي أقيمت من أجلها تنفذ بواسطة الأمانة العامة. ولهذا من الطبيعي أن يتم النقاش على أطروحات الأمين العام وزملائه في الأمانة، وأن يُقبل بعضها ويُرفض الآخر. إذن لمجلس الأمناء دور كبير في التأثير في المؤسسة؟ بالتأكيد لهم دور مهم للغاية، والأمين العام ينبغي أن يعمل معهم عن كثب وأن يكسب رضاهم، وأن يقبل حقيقة أن يرفضوا بعض مبادراته. أفهم من ذلك أنهم يتدخلون بشكل مباشر في عمل المؤسسة؟ لا... إطلاقاً لم يحدث هذا، الذي يحدث أن هناك مناقشة تتم وعليه تتم الموافقة على بعض المبادرات وإيقاف البعض الآخر. البعض يشير إلى أنكم في المؤسسة تقدمون برامج لا ترقى إلى مستوى الموهوبين، وأنكم تعتمدون على محاضرات نظرية بعيداً من العلوم التطبيقية وعلوم الكومبيوتر؟ الواقع أننا نتهم بعكس ذلك، فنركز على العلوم الطبيعية والرياضيات وتقنية المعلومات والكومبيوتر. ويوجد شيء من الصحة عن إهمال العلوم العربية والتقنية والسبب أن برامج رعاية الموهوبين في العالم تعتمد على العلوم الطبيعية والرياضيات وتقنية المعلومات، ولذلك فالاجتهاد في هذا المجال وارد ومبني على تراث بدأ في العشرين سنة الأخيرة، ونحن أول جهة في المملكة تقدم برامج اثرائية للطلبة الموهوبين في العلوم الإسلامية. ما دور المؤسسة في تطوير مناهج التعليم العام ونشاطات المدارس؟ دورنا محدد، وليست لنا أي سلطة على وزارة التربية والتعليم ولا وزارة التعليم العالي، لكننا نقدم مناهج للطلبة الموهوبين من خلال الأنشطة والبرامج الاثرائية. والمؤسسة قدمت للمجلس التنفيذي مشروع أكاديميات للطلبة الموهوبين، تمت الموافقة عليه من حيث المبدأ وسيتخذ قرار تنفيذي في شأنه. ما فكرة هذه الأكاديميات؟ هي مؤسسات تعليمية تخدم الطلاب والطالبات الموهوبين الذين لديهم ذكاء مرتفع وقدرات غير عادية، وتقدم لهم برامج مكثفة لها مناهج مستحدثة غير تقليدية، وتضم مناهج تختلف بدرجة كبيرة عن المناهج القائمة حالياً. أكثر من خمسة أعوام مضت على قيام المؤسسة كيف تقوم أداءها حتى الآن؟ المؤسسة اليوم فخر لكل سعودي، وأقول هذا الكلام بأدلة حاسمة إذ ثبتت وجودها إدارياً عبر الجوانب التنظيمية التي تلزم استمراريتها وأداء مهماتها المختلفة، ومالياً عندما استلمتها كان رأسمالها 130 مليون ريال واليوم أصبح 400 مليون تحققت من خلال سياسة وضعت لزيادة دخل المؤسسة اعتمدت على أربعة مصادر هي التبرعات، الاشتراكات، الاستثمار، دعم الدولة، ومعظم التجار يتمنى أن يعمل بأمواله مثل ما عملت به المؤسسة. وللمرة الأولى في تاريخ العالم العربي توجد جهة تستقبل المخترعين وتساعدهم على اكتشاف أفكارهم وهل تمثل اختراعات أم لا. كما أنها المرة الأولى التي توجد جهة تمكن المخترع من تحويل فكرة لديه إلى نموذج ملموس وتسوق أفكار المخترعين. كما أن المؤسسة تمول المخترعين لتسجيل براءات اختراعاتهم عبر تقديم مبلغ مالي مهما بلغت قيمته. كما أن المؤسسة تقدم رعاية شاملة للطلبة الموهوبين في السعودية، إضافة إلى الجائزة السنوية التي نقدمها بقيمة مليوني ريال كأكبر جائزة في العالم، والمؤسسة خدمت أكثر من أربعة آلاف طالب وطالبة يمثلون زبدة الطلبة الموهوبين في التعليم الثانوي السعودي، من خلال أفضل البرامج الاثرائية على مستوى العالم اجمع، والعديد من الطلبة غيرهم.